آلَاءُ الخَرِيف…

لا تَنْطُرِيني
عندَ بَهْوِ الخَوْفِ
مِثْلَمَا فَعَلْتِ سَابِقاً
ذاتَ مساءْ
لأنني عرفت درباً للهوى
لا تَنْطُرِيني
لأنني أصبحْتُ أعرفُ الطريقَ
نَحْوَ قلبكِ البعيدِ عنْ دِفْءِ القَوَافِي
عنْ طُيوبِ الهيلِ
قد أمسى حزيناْ
وأن قلبك البعيدَ
عن حَفِيفِ الشِّعْرِ
يا سيدتي
ما عاد يشفيه الهوى
قد حطَّه الوجدُ وحيداً
يَهبُ الدمع لنهرٍ
لقَّنَ الصَّفصافَ [1]عشقاً
والقَطَا [2]
في مهبطِ اللحْنِ
على شطآنهِ
أنشودةٌ تطْوي
متاهاتِ النَّوى
فما ارتوى.
فما ارتوى فؤادك الحزين
في غَرفة [3]من مائه الرقراقِ
إذْ كان الهوى
وما استطاع الهجرَ
في لظًى
إلى البر البعيدْ
فما نجا
وما ارتوى
***
لا تنطريني ، أو تقولي:
هذه بوابةُ الأحلامِ لكْ
مفتوحة ٌ
لا تخدعِيني إنَّني
أعرف دربًا
نحو قلبك الحزينْ
عرفتُه سِفْراً من الأحلام ما توردتْ
وقصةً في العشق
يوماً ما انتهتْ
لكنني أتيتُ
يا سيدتي
كي أرسمَ الخريفَ
من جديدْ
أتيت كي أمزقَ الأوراقَ
كي أبدِّلَ الجذورَ
في الأعماقِ
أتيت كالشتاء عاصفًا
ليرحل الخريفُ
كي أزرعَ البَيَاضَ والخَضَارَ
بين أوراق الخريفْ
من طَبْعِهَا الحياةُ والأيامُ
أن تمرَّ بالخريفْ
فيزأر ُالشتاءُ
في الليل المخيفْ
وتختفي منازلُ الأرقامِ
في مطالع الحروفْ
فلترتعشْ أقلامُنَا
على قراطيسِ الشتاءْ
وعندها سيولدُ الربيعُ
وحينها
أنا الذي سأعلن الوقوفَ من قافيةٍ
على بساط الشعر في كل مساءْ
***
بعضٌ من الثمار
عنيدةٌ كقلبك الحزينْ
لكنها وكلما تأخر الجنّان عن قطافها
يزدادُ في مذاقِهَا الحَلا
ويقطر الجوفُ سلافاً سلْسَلاْ
من منبع الآلاءِ[4]
في قلب الخريفْ
فلتهنئي إني أتيتُ كي أزلزلَ الخريفْ
***
[1]ـ الصفصاف : من أنواع القصب الطويل الذي ينمو بكثرة قرب الماء وخاصة الماء الآسن وتصنع منه أسيجة بيوت الشعر وجاء في الوسيط الصفصاف من شجر الخلاف
[2]ـ القطا : طائر من اليمام يتخذ أفحوصه في الأرض ويطير جماعات ويقطع مسافات شاسعة بحثا عن الماء لذا يكثر ورده في الصيف إلى نهر الفرات ويؤثر حياته في البراري ويتكاثر في أواخر الربيع
[3]ـ غَرفة : بفتح الغين مقدار ما تأخذه أو تدفعه اليد من الماء
[4]ـ الآلاء : النِّعَم

1 فكرة عن “آلَاءُ الخَرِيف…”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top