أصل كلمة عربي

قد يكون للغة العربية تاريخ خاص انفردت به، ولكن ليس لذلك كبير أهمية من وجهة نظر علم اللغة الحديث، الذي لا تعنيه المفاضلة بين لغة وأخرى، لأنه ينزع إلى البحث عن قوانين عامة تحكم الظاهرة اللغوية كلها، ونحن من وجهة النظر التاريخية الصرفة معنيون بأن نتثبت من انفراد اللغة العربية بهذا التاريخ الخاص المميز بين لغات العالم، وما أطلق عليه اصطلاحا ( اللغات السامية )1 ومعنيون بأن نقف على مسالك التداخل والارتباط بين الخاص والعام في التاريخ اللغوي، وأن نستقرئ علاقات التأثر والتأثير، وطبيعة الدور الذي أسهمت به.
فكلمة عرب تعني لدى أكثر المؤرخين البداوة، والصحراء معتمدين في ذلك على الفكر التوراتي2 ومن هنا يقول ولفنسون إسرائيل ( إن كلمة عرب كانت مستعملة في اللغة العبرية القديمة لتدل على أهل العربة ( الصحراء) أي لنوع خاص من قبائل الجزيرة العربية، ويقول أن كلمة عبري تؤدي المعنى الذي تؤديه كلمة (عربي) نفسها، أي أن العبريين هم قبائل رحل معتمدا بذلك على التقديم والتأخير3 ونقول هنا أن هذا خطأ فادح إذ يبحث ولفنسون إسرائيل لتبرير أي صفة وجودية للعبريين في المنطقة، إذ يقول أنهم القبائل الرحل من جهات طور سيناء أو بادية سوريا وفلسطين.
وهنا نطرح سؤالا هاما:
ما العلاقة بين البداوة والعرب؟ وبكلمة أدق ماذا تعني كلمة عرب؟
وجوابنا أن مدلول الكلمة يختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومثال على اختلاف المدلول من مكان لمكان كلمة (دفئوه) ففي مكة تعني الدفء والحرارة، إنما في جنوب شبه الجزيرة العربية تعني القتل4.
ونقول في صدد كلمة عربي أنه أختلف مدلولها حسب الزمان والمكان فقد كانت تدل على من نطق العربية من الحضر الذين عربوا لمظان المياه، في حين أصبحت تدل على البدو، وسكان الصحراء في التاريخ المعاصر.
وإذا علمنا أن كلمة عرب تعني الماء، وأن أحد مدلولاتها اللاحقة بعد الإسلام وفي العبرية تعني البدو، لذلك عملت المدرسة التوراتية على استخدام المدلول بدلا عن المعنى، رغم أن كلمة عرب، والأسماء، والصفات المشتقة منها تؤكد المعنى المقصود من هذه الكلمة حين بدايات استخدامها.
ففي الأكادية وردت كلمة ( عربتو ) لتعني غائم، والغيم حامل لبخار الماء5 وفي الأوغاريتية تعني السحابة ( حاملة المطر ) وسمي الإله ( بعل ) حدد بالأوغاريتية:
( راكب عربة – ر ك ب – ع ر ب ت )6 وهو الإله الذي يحدد الأنواء، وهو إله البرق والرعد، بل هو راكب الغيمة حاملة الماء ( المطر ).
وفي الآرامية كلمة عراب تعني الكاهن الذي يحمل الطفل ليعمده في الماء، وهذا ما حافظت عليه كافة الكنائس الآرامية في بلاد الشام، وفي العربية وجدت مفردات ومعان عديدة ومنها:
العربات وهي سفن رواكد على مياه الدجلة، و(العرب) الماء الكثير الصافي، أما الأعراب الذين لا ماء عندهم ويرتادون الكلأ، ويتتبعون مساقط الغيث ومظان المياه، و ( التعريب ) الإكثار من شرب الماء الصافي، و ( عرب البئر ) كثر ماؤه، وعربت المعدة أي فسدت وسالت كالماء، واستعمال العرب يوم ( العروبة) أي الجمعة وسمي ذلك ليعني يوم الاستحمام واستعمال الماء، علما أن هذا الاسم يستعمل في معلولا ( يوم عروبتشا ) <roptša7 والعروبة النهر الشديد الجريان، وعربة إسماعيل باحة دار إسماعيل الذي بئر زمزم فيها، وعريب سحاب يحمل الماء والمطر، وعروباء هو اسم السماء السابعة، كما وردت في اللغة الآرامية بمملكة عربايا بأن ( عرب ) تعني الماء في الجملة التالية ( ذا بيت رب عرب )8 أي رب البيت المسؤول عن الماء، ومما تقدم نلاحظ أن معاني المفردات السابقة بأجمعها تدل على أن لكلمة عرب ومشتقاتها، ومسمياتها صلة بالماء الكثير9.
أما عن تاريخ ذكر العرب:
لا يعرف شيء عن طفولة اللغة العربية، ولم يعثر حتى الآن على أثار منقوشة، أو مكتوبة في مواطنها الأولى لتفصح لنا عن حالتها الأولى، وما كانت علية من سعة أو ضيق، بل حين نفكر في حال ظهور هذه اللغة قبل المسيحية مثلا، نجد أننا في ظلام دامس10 وذلك راجع إلى أنه ليس بين أيدينا نصوص ترجع إلى تلك الحقبة من الزمن، ولا يعني ذلك أن اللغة العربية والعرب أحدث من اللغات الشرقية القديمة، أو لم توجد قبل المسيحية، وهنا نطرح سؤالا هاما؟
متى ذكر العرب ؟ وفي أي فترة وجدوا ؟
ونقول هنا أن بعض المستشرقين اتخذ من نقش أمرأ القيس الذي يعود إلى سنة 329 ق.11 أساسا في تحديد تاريخ العرب، حيث ظهر حسب ظنهم تماثل حروف النقش مع حرف الجزم العربي، وأشار هذا النص وبصراحة إلى أن أمرؤ القيس هو ملك العرب.12
غير أنه هناك شواهد تنسب العرب إلى أعمق من ذلك تاريخيا، فقد ورد في نقشين قديمين مايلي:
النقش الأول يتحدث عن معركة قرقر الأولى (853) ق.م بين الآشوريين والعرب والآراميين الذين تحالفوا مع عدد من القوى على رأس أحدها ( جنديبو العربي) الذي شارك في هذه المعركة بألف محارب على الجمال ضد شلما نصر الثالث13 (858- 824) ق.م14 وكان جنديبو زعيم إمارة أو مشيخة متاخمة للحدود الآشورية.
وكانت لفظة العرب في النقائش القديمة على الشكل التالي:
Aribi , arubu , arbi , urbi , arabi, arabu , aribu , matu- a – arabi
كما وردت في الكتابات البابلية جملة (ماتو أريبي)15 أي أرض العرب.
وفي نقش بهيستون لدارا الأكبر باللغة الأخمينية جاءت لفظة ( أرباية – عرباية) arbaya، كما وردت في النصوص العيلامية arpaya، عرباية m-ar-paya16
ويورد ولفنسون إسرائيل في كتابه عن اللغات السامية نقشا نقرأ فيه أن (شاروكين) كان أول من أسس ملكا ساميا كبيرا في أرض بابل، وحارب الأمراء السومريين، ثم خرج من تخوم بلاد العراق، واتجه شطر شبه الجزيرة العربية مع حفيده (نارام سين)، وقاتل قبائل عربية ذكرت في الآثار البابلية باسم (عرب ملوكا وعرب مجان أو معان)17، ويأتي في نقش أخر على ذكر الأسماء نفسها، إذ يذكر أن شاروكين هو ملك كيش، خاض 34 معركة وانتصر فيها، ودمر أسوارا حتى شاطئ البحر، وجعل سفننا من (ملوقا) وسفننا من (ماجان – مكان) وسفنا من دلمون في ميناء أكاد18، وهنا قد يقال أن مكان هي مدينة على شاطئ البحر وليس في برية، وقد وردت في قاموس الأكاديات كتابة (مكان) كمايلي: MAKKAN19، وما يهمنا على كل الأحوال هنا إيراد جملة عرب ملوقا وعرب مكان، التي تذكر العرب كوجود في نهاية الألف الثالث ق.م، لا كما يعتقد إلى فترة قريبة بأن أول ذكر للعرب كان في معركة قرقر 853 ق.م، كما يذكر هيرودوت20 في حديثه عن مصر [ وبعد ذلك ساق ملك العرب والآشوريين (سين حريب) جيشا عظيما نحو مصر، وهناك رفض المحاربون المصريون مد يد المساعدة له، فلما وقع الكاهن في هذه الحيرة، توجه إلى المحراب يندب أمام التمثال ما يعانيه من خطر، وفيما هو يئن استولى عليه النعاس وبدا له في الحلم أن الرب يقف بجانبه، يشجعه ويقول أنه لن يصيبه مكروه إذا خرج لملاقاة الجيش ، لأن الاله نفسه سيبعث إليه من يدافعون ]، ونلاحظ هنا أن ملك العرب سين حريب، وإن الجيوش التي قادها باتجاه مصر فيها جيش عربي، ومن النص والنصوص الأقدم تبين أن ذكر العرب لم يرتبط بعصر واحد أو بسنة 329 ، بل بكل العصور التي مرت بها المنطقة بدءا من الألف الثالثة ق.م زمن (نارام سين) مرورا بشلمانصر الثالث في القرن التاسع ق.م وصولا إلى هيرودوت في القرن الخامس ق.م، وبعبارة أخرى فقد ورد اسم العرب منذ فجر التاريخ في بلاد الرافدين، كما يرد اسم العرب في نص آرامي عثر عليه في العراق جاء فيه: م ل ك ا د ي ع ر ب ب ر = ملك العرب21 ، كذلك من ممالك الآراميين بيت عرباية beth arbaya بمعنى ( أرض العرب) أو الأعراب22 ونقلا عن علي فهمي خشيم23 يذكر أن أول مرة ذكر فيها العرب لدى الكتاب اليونان عند اسخيليوس 525- 456 ق.م وكذلك سترابون الذي يذكر أن كلمة أرمبي erembi تعني العرب وهي تحريف لكلمة عربي.
وكانت مدينة الحضر العراقية الواقعة بين الدجلة والفرات تحكمها سلالة عربية تستخدم الآرامية في كتابتها24، كما ذكر عرب (ثمود) منذ القرن الثامن ق.م في أحد نصوص سرجون الثاني الآشوري25، وأيضا في لوحات حجرية من موقع مغارة بسيناء، منقوش عليها الملك المصري، وبجانبه نص يشير إلى حرب خاضها ضد القبائل العربية، ومن أهم اللوحات، لوحة خاصة بالملك خوفو وقد نقش عند المنظر الذي يمثله بالوقفة التقليدية مايلي26 ( خنوم خوفوي، الاله العظيم، اخضاع الاونتيو27.
وهكذا كما مر معنا سابقا ندرك بأن ذكر العرب بقي متواترا منذ الألف الثالث ق.م كما وجد في الوثائق الأثرية.
وبعد ما تقدم نطرح سؤالا هاما:
هل العربية هي أقدم اللغات؟ ومن هم العرب العاربة والبائدة والمستعربة والباقية؟
ونجيب في صدد ذلك كما قال رائد الفقه السويسري (فردناند دوسوسير) [ إن أقدم اللهجات هي ذاتيك اللهجة التي تحوي على كلمات أكثر ضمن ( عامل القاسم المشترك الأعظم) ]28 ، وتعليقا على ذلك يمكن القول أنه طالما تميزت اللغات الشرقية القديمة بما فيها اللغة العربية بالجذرين الثلاثي والثنائي، فإن اللهجة المحافظة على هذه الجذور مع هاتيك الكلمات الأقدم.
أما من هم العرب الباقية، والعرب البائدة، والعرب العاربة، والمستعربة، نقول: إن العرب الباقية هي التي يتصرف إليها كلمة العربية عند إطلاقها، والتي لا تزال تستخدم عندنا وعند الشعوب العربية كافة، لغة أدب وكتابة، وانتشرت ببلاد نجد والحجاز29 في شبه الجزيرة العربية، إذ صحت (النظرية الكاسحة التي تقول أن شبه الجزيرة العربية هي أساس الهجرات كلها)30 ، ثم انتشرت في كثير من المناطق التي كانت من قبل أخواتها، أما العرب البائدة فهم العرب التي أبيدت مدنهم مثل: إبلا، وماري، و أوجاريت، و مدائن صالح وثمود31، وفي هذه الحالة العرب البائدة لا يربطهم زمن معين بل بادوا على مر عدة قرون، أما العرب العاربة فهم هاجروا وعربوا من (شبه الجزيرة) إلى أنهار دجلة والفرات، والأردن، وسيحان و جيحان والنيل و أنهار الساحل الشامي وغيرها، كالعموريين بقسميهم الآشوري والبابلي، ومنهم الكنعانيون، والآراميون، أما العرب المستعربة فهم الذين استعربوا مظان المياه في شبه الجزيرة العربية مثل قريش، ولا شك أن قدوم القرشيين كان من الشمال لأسباب كان أهمها الناحية الأنتروبولوجية، وبهذه الهجرة دحضت النظرية القائلة بأن العربية أتت من الجنوب، وذلك لأننا نجد أن قرب اللغة العربية وخاصة مفرداتها من الآرامية يبلغ 86%، وبين العربية والكنعانية 94%، بينما قرب السبئية لا يتجاوز 65%٣٢، وهنا لا نستطيع الشك بعروبة أهل اليمن، وبلهجتهم السبئية.
ونخلص إلى القول بأنه ما دامت اللهجة الكنعانية والآرامية، أقرب إلى العربية (العدنانية)، وان السبئية أبعد من (العدنانية)، نقول أن اللهجات العاميات على امتداد الوطن العربي هي من التراث العموري/ الكنعاني والآرامي، لذلك انتشرت اللغة العربية في الجغرافية العمورية – الكنعانية الآرامية، والتي تأثرت، وأخذت منها الكثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)– مسعود بوبو، من تاريخ اللغة، مجلة دراسات تاريخية، العددان 33- 34، دمشق، 1989، ص161.
(2)– بطرس عبد الملك، قاموس الكتاب المقدس، ص615.
(عربه) اسم عبري معناه القفر، و(عربية) من اسم سامي معناه قفر، وكلمة أعرابي تعني لليهود سكان القفار المتنقلين ص616.
(3)– فايز الداية، المصطلحات العلمية العربية، ص30.
(4)– إسرائيل ولفنسون، تاريخ اللغات السامية، ص162.
(5)– محمد بهجت قبيسي، ملامح في فقه اللهجات العربيات، ص86.
(6)- J.AISTLEITMER, WORTERBUCH DER YRARITISCHEN SPRACH AKADEMIA VERLAG, BERLIN, 1965, P.243.
(7)– محمد بهجت قبيسي، ملامح في فقه اللهجات العربيات، ص85.
(31)- محمد بهجت قبيسي، ملامح في فقه اللهجات العربيات، ص133.
(8)– إحسان عباس، تاريخ بلاد الشام، عمان، 1990، ص406.
(9)– معروف الدواليبي، دراسات تاريخية في أصل العرب وحضارتهم الإنسانية، بيروت، بلا تاريخ، ص34- 35. كذا: ابن فارس، المقاييس، تحقيق عبد السلام هارون، الجزء الثاني، طهران، ص ص 299- 300.
(10)– محمد أبو سكين، معالم اللهجات العربية، مصر، بلا تاريخ، ص 59- 60.
(11) – ولفنسون إسرائيل، تاريخ اللغات السامية، ص190.
(12) – محمد بهجت قبيسي، ملمح في فقه اللهجات العربيات، ص65.
(13) –شلما نصر الثالث: يعد مؤسس الامبراطورية الآشورية الحديثة، فقد أوصل أشور إلى درجة كبيرة من القوة لم تعهدها من قبل، فقد كان يقود الجيش إلى خارج أشور بنفسه، كل عام طيلة 27 سنة، وعندما تقدم في السن كان قد عبر الفرات خمسة وعشرين مرة، وشكل الوصول إلى سواحل البحر المتوسط الشرقية وإخضاع سوريا هدفا رئيسيا من أهدافه، واصطدم هناك بمقاومة الممالك الآرامية المختلفة، واحتل بعد عدة حملات، وعلى الرغم من الحملات العديدة التي قادها نحو الغرب فإنه لم يهمل حدود إمبراطورتيه الأخرى، وعمل على تحصين عاصمته، غير أن تمرد ابنه أشور دان ايلي في سنة حكمه الثانية والثلاثين أدى إلى انشغال أشور بهذا التمرد مدة 4 سنوات أفقدت أشور جزء من قوتها، وتوفي شلما نصر الثالث سنة 824 ق.م. انظر: عيد مرعي، تاريخ بلاد الرافدين منذ أقدم العصور حتى عام 539 ق.م، دمشق، 1991، 113- 114.
(14) – عيد مرعي، التاريخ القديم، دمشق، 1990- 1991، ص157.
(15) – نعيم فرح، النظرية السامية، دمشق، 1993، ص54.
(16) – علي فهمي خشيم، الهة مصر، مجلد 1، الدار البيضاء، 1990، ص81.
(17)– ولفنسون إسرائيل، تاريخ اللغات السامية، ص24.
(18)– عيد مرعي، التاريخ القديم، ص34- 35.
– THE ASSYRIAN DICTIONARY, VOL 10, P.131. (19)
(20)– هيرودوت، هيرودوت يتحدث عن مصر، ترجمة الأحاديث من الإغريقية محمد صقر خفاجة، قدم لها وتولى شرحها أحمد بدوي، مصر، 1987، الفقرة 141، ص270- 271.
(21)– مانويلا جولفو، ملاحظات على الكتابة الآرامية في كتابات الحضر، مجلة دراسات تاريخية، العددان 37- 38، دمشق، 1990، ص102.
(22)– فاروق إسماعيل، اللغة الآرامية القديمة، ص28.
(23)– علي فهمي خشيم، آلهة مصر، ص81.
(24) – عدنان البني، المدخل إلى قصة الكتابة، ص177.
(25) – انظر المرجع السابق، ص188، كذا ولفنسون إسرائيل، تاريخ اللغات السامية، ص173.
(26) – محمود عبد الحميد، الهجرات العربية القديمة، دمشق، 1988، ص166.
(27) –الاونتيو: اسم أطلق على القبائل البدوية التي تقطن الصحراء الشرقية من مصر، أو على قبائل سيناء، ويرى الباحثون أن هذه القبائل عربية الأصل ما دام لم توجد عناصر بشرية أخرى غير العربية في هذه المنطقة، وما دام أن العناصر البدوية العربية كانت تداوم التسرب من الصحراء العربية، لذا فُسر وجود تحصينات حجرية قوية في أريحا على أساس حماية المدينة من هذه التسربات، أنظر: رشيد الناضوري، جنوب غرب أسيا وشمال أفريقيا، الكتاب الأول، بيروت، 1968، ص141، كذا أحمد فخري، دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم، القاهرة، 1976، ص88.
(28) – هذه المقولة لفرناند دوسوسير مقتبسة من كتاب محمد بهجت قبيسي، ملامح في فقه اللهجات العربيات، ص132، لأنه لم نوفق في العثور على الكتاب الأساسي والأمانة العلمية تفرض إرجاع الأفكار إلى أصحابها أو من نقلها عنهم.
(29) – محمد أبو سكين، معالم اللهجات العربية، مصر، بلا تاريخ، ص59.
(30) – كانت هذه النظرية وما زالت سائدة حتى وقتنا الحالي، ولكن نطرح هنا تساؤلا ما حجم تلك الهجرات وما هو تعداد السكان الذين هاجروا وبالوقت نفسه هل كانت المساحة الجغرافية للجزيرة العربية تستوعب كل تلك الحشود البشرية التي هاجرت منها تلك الشعوب، وهنا نقول أنه إلى جانب هذه النظرية سادة بالمرتبة الثانية نظرية الهجرة من أفريقية ولم تلاقي تأييدا علميا كافيا لإثباتها بسبب أن الباحثين اختلفوا في تحديد منطقة معينة للهجرة، كما اختلفوا في الطريق التي سلكته تلك الشعوب، والاختلاف الأهم الذي يضعونه حجة على ذلك هو عدم وجود تلك اللغات التي عثر عليها في شبه الجزيرة ، إلا أنه يمكننا أن نقول في صدد ذلك أن الأبحاث الحديثة ، وبعد تطور عمليات التنقيب الأثري في أفريقا تتجه الآن دراسات إلى تأكيد صحة هذه النظرية أخذين بعين الاعتبار المساحة الجغرافية للمنطقة الأفريقية، والظروف المناخية التي كانت سائدة، اضافة إلى دراسة التشابه في الخصائص الجسدية بين سكان أفريقيا والعرب والتي أثبت تشابه كبير فيما بينها، وهذا ما يؤكده الأستاذ مصطفى أعشي في لقاء لي معه في المركز الملكي للثقافة الأمازيغية بتاريخ 7/3/2004، كذلك الأستاذة حليمة غازي عندما التقيت بها في كلية الآداب في قاعة المدرسين بتاريخ 23/3/2004 وشرحت لي بشكل مفصل الأمور التي تؤكد أن الهجرات الأقرب إلى الصحة العلمية في الوقت الحالي هو أفريقيا.
(٣٢)-محمد عبد القادر بافقيه، مختارات من النقوش اليمنية القديمة، تونس، 1985، ص61، ويقول في صدد ذلك [ وتأتي النقوش مصاغة بأسلوب مقلوب وبعبارات موجزة مركزة تغص بمصطلحات مضى عليها الزمان ولم نتوصل بعد إلى فهم دقيق لها].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top