للفرنسية آني إرنو.
تعود الكاتبة الفرنسية آني إرنو إلى ما اعتبرتْه حدث حياتها.
تدوين ذكرى حملها، لأوّل مرّة، وسعيها الحثيث لإجهاضه.
في زمن الستينيات المحفوف بالمخاطر الكثيرة، وأولها النص القانوني الذي يعاقب بالسجن وبغرامة مالية.
وقد أثبتت الكاتبة ذلك النص بحرفيته منقولا عن «الموسوعة العالمية الجديدة- لاروس»،.
لم يكن الخوف من وقوع الخبر على الأهل هاجساً ملحّاً أيضا، طالما أنها في زياراتها لهم تستطيع أن تخفي العوارض التي تتأتى عن الحمل، أو تُظهر أمام والدتها، بالحيلة،
أن عادتها الشهرية لم تنقطع. ولم تتحرجّ من أن يعلم زملاؤها وزميلاتها في الجامعة بسعيها لأن تُجهض. في فرنسا الستينيات كانت معانَدة القوانين والأعراف من علامات تشكل الشخصية. كما أن الجهر بانتماء المرء إلى طبقة اجتماعية دنيا،
كان هو أيضا دليلا على الانخراط بالزمن الجديد. كان عليها أن تتفادى إجراء العملية في المستشفى، ليس خوفاً من الرقابة القانونية، بل بحثاً عن طريقة أقل تكلفة، وقد وجدتها عند إمرأة أبلغتها، أنها ستجري العملية في واحدة من غرفتي بيتها وأن ذلك سيكلفها 400 فرنك. ( كانت المجهضات يلقّبن حينذاك ب ” صانعات الملائكة” ) . في تجربتها تلك بدت إرنو في موقف من يحاكِم، بدل أن تكون هي عرضة للحكم. بلا ندم ولا شعور بالذنب راحت تعيش تجربة البحث عن إجهاض سريع وقليل التكلفة.
حتى أن ما هي كانت فيه يبدو أقل من أن يكون حدثا. تفشل المرأة في إجهاضها مرتين، وبعد عملية ثالثة أجريت لها في المستشفى الذي حُملت إليه غائبة عن الوعي،يتم لها ما أرادت. تدرك أنها خاضت أكثر تجارب حياتها أهمية، وكأن ذلك الجسم جرى اختباره مرة واحدة، أو أن أنّها بقيت غارقة في ذكرى ذلك التحول الذي أصابه، فلم يعد كما كان، أو لم يعد هو ذاته. هي تجربة واحدة لم تتكّرر، ولم تُنسَ المشاعر والأفكار التي لازمت حدوثها، أو ربما كان ينبغي، لكي تُنقل التجربة إلى الكتابة،
أن يجري تعظيمها. في الصفحات الأخيرة من الكتاب نقرأ عن عودة الكاتبة إلى ممر كاردينيه في الدائرة السابعة عشرة لترى ماذا تغيّر في المكان الذي يقع فيه المنزل، حيث أجريت فيه عملية الإجهاض البائسة. كل شيء جرى وصفه، أو تذكّره،
في تلك الصفحات، من الطريق إلى المقهى الذي كانت قد احتست فيه القهوة بانتظار حلول الموعد الذي أعطي لها، مرورا بالبيوت الصغيرة الباقية على الجانبين.