الماندالا

بحث نقدي حول رؤية جديدة لقصيدة النثر :

ان قضية الماندالا الرؤيا الحداثية هي قضية نقد حداثي على قدر كبير من الاهمية اذ طالما يتبادر سؤال مفاده ما هي قضية شعر الحداثة،
ومن المسلم به أن يتأثر كل منهما بالآخر، من حيث التعمق والبلورة و أن تتعدد المقاربات النقدية حول التشكيل الجمالي الجديد ومسوغاته ومستوياته.
ناهيك ان الكثير من المفاهيم التقليدية المبنية على ثنائية “الشكل والمضمون” اخذت في الزوال، وأصبحت القصيدة كائنا حيا يتنفس يتحد شكلها ومضمونها أحدهما بالآخر، كي تمتلك القصيدة النثرية حرية اكبر في تشكيلها وانتظامها لذا من الاهمية بمكان ان بات الشكل غير مؤثرا في بناء المضمون وانما هما عبارة عن عناصر مدمجة تعكس لنا تجربة الشاعر واسس الرؤيا الحداثية فهما يمتلكان المنطلق ذاته في لحظة الخلق والابداع .لبناء دوائر ابداعية خارج مركز الانطلاق وهذا مايطلق عليه فنيا وحداثيا الماندالا
والماندالا * رؤية فنية جديدة لقصيدة النثر الحداثوية خارج الاطر والمفاهيم النقدية المطروحة
اوهي اقرب مايكون لفن البهجة وهلذا الفن هو فن متاح للجميع ان كان القصد منه رسم اشكالا بصرية تثير البهجة ولو بشكل بسيط لكن النص النثري يحتاج الى طاقة فكرية حتى يتسنى للناثر الرسم بالكلمات من خلال تكثيف اللغة وتشظي الافكار
النص النثري حسب مفهوم الماندالا هو دائرة لمجموعة رموز استخدمت خارج المفاهيم اللغوية السائدة تتداخل مع روى الكون الميتا فيزيقي
“ماندالا” في اللغة “السنسكريتية” هي الدائرة والشائع الآن أن “ماندالا” أصبحت مصطلحا عاما لأي تخطيط، جدول أو نمط هندسي، الذي يقدم الكون عن طريق “الميتافيزيقيا” أو “الرموز”.
فالنص النثري لايختلف عن هذا المفهوم المطروح كونه عبارة عن دائرة تتكرر فيها الدوائر والأشكال الهندسية المختلفة،
فكلما تعمق الناثر في دائرته النصية كلما استطاع الوصول إلى تركيز وهدوء داخلي عميق، حتى إننا نشعر بجاذبية قوية بين الناثرودائرة النص، تجذب العوالم المرسومة داخل النص الى قلب النص وفكرته المطروحة رغم التاصيلات النصية المستحدثة ،
من اهم النتائج التي توصلنا اليها من خلال رؤية الماندالا هو انفتاح الرؤيا وتماثلها لدى الناثر رغم اختلاف اللغات والايديولوجيات المختلفة للشعوب وتباين الرؤى والافكار وتنوعها الا ان الجميع يتعاطى مع الرموز الميتافيزيقية ذاتها وبشكل يكاد يكون متفق عليه رغم اختلاف الثقافات ومن هنا يمكن ان نرى اختلاف التاثير والتاثر بين النص والمتلقي من ثقافة الى اخرى
يعتمد على تلك الرؤى
ان من اهم المراحل التي يجب توافرها لدى الناثر في رؤى الماندالا هي مرحلة انطلاق الشاعر وهو يرسم بالكلمات اشكالا وصورا لم تكن مطروقة فكريا وكلما كانت الانماط النسقية بعيدة عن تلك الرؤى كلما ازدادت الماندالا جمالا وتاثيرا اسرا واعطت مفهوما جماليا وفكريا وحسيا غير مطروق ولا يستبعد ان استخدام نفس الرموز لدى شاعر اخر تعطي اشكالا جديدة ومنطلقات جديدة وهذا سر التفاضل بين رؤية الرمز بين شاعر واخر
ان من دواعي التامل الفكري للنص النثري الحداثوي هو عدم الاتفاق بين ناثر واخر على اسس ثابتة وان كانت الماندالا تعطينا انطباعا بوجود اسس جمالية داخل النص الا ان التعاطي مع تلك الاسس يختلف من ناثر لاخر
من مخرجات البحث الموسوم الماندالا والذي يعد اضافة هامة لنظرية حداثوية لقصيدة النثر
هو ان تتوافر لدى الناثر القدرة والرؤية المائزة في خلق نصا نثريا بلا اشتراطات مسبقة كي يولد النص دفعة واحدة بكل ارهاصاته وافكاره
——————————————————————–
مرتكزات الماندالا النثرية
1- القولبة النثرية للنص تتاتى من خلال رسم دائري ذات مغزى يدور حول النص او حول الثيمة النصية والشاعرة اللبنانية نوره الزين حلاب من اكثر الشواعراللواتي امتازت تجاربهن الشعرية بوجود مغزى يدور حول النص مما يتيح لنا البحث في تلك الحلقة عن ارهاصات فكرية مدمجة في دوائر متعددة وثيمات رامزة من خلال توظيف مبهر لتلك الارهاصات الشعورية وقولبتها بشكل هندسي ملفت
ما رايكَ
لو نبني لنا بيتاً
من مكعّبات السُكّر …
ولا تقُل لي ..
إن شموسك حين تقبّله
تذيبُهُ ..!!
وإن أمطارك حين تهطل
تبيدُهُ ..!!
من أخبركَ أنك هرِمتَ
كالهرم الأكبر ..
وأن التاريخ سوف يُطوى
في صفحاته ويُخلَّدُ ..!!
وحدكَ مُلهمي …
ومن غيرُك يملك
أسرار بنائي ..
تعال..
واحضُن أبعاده ..
كل مكعّب فيه
ببحيرة عينيك عمدتُهُ ..!!
تَلَوْتُ عليه
أسماء الله الحسنى
وباركتُهُ …
2-العثور على مركز النص النثري رغم تشظي النص وكثافة اللغة الا انه لايصعب الوصول الى مركز الوهج الماندالي وهنا نلاحظ ان الدكتورة عائشة الخضر لونا من سوريا رسمت مسارا لذلك الوهج الماندالي هو من الاهمية بمكان وهي من الشواعر القلائل اللواتي يتشظى لديهن النص وفق انساق حداثية لايمكن الامساك بها لكثافة اللغة والتاصيلات الحداثية هذه الانساق لايمكن عدها مسارا ثابتا الا في مخيلة الشاعر وهذا ممايتيح لنا بتتبع مسار الكينونات النصية التي رسمتها الشاعرة في نصها الموسوم
عود ثقاب
منذ ذلك الوهج لعود الثقاب وانا لم انطفىء …
ترميني خيبة ،، لخيبة تشبهها ولا أنطفىء …
كلما دخلت ُ عاصفة ،، رأسي يسبقني …
وان تمخضت ْ عن تلة ِ تفاهة ،،
أعود لاعصار جديد ،، لايقاع جديد ،،
لكني مازلت ُ أتوهج ،، ولم أنطفىء ْ
من قال أن العمر : عود ثقاب ؟
من قال ،، فقد خاب ..
وها أنا ،،
لاأزال ،، عود ثقاب ولم انطفىء ْ
رغم ذاك البياض ،،
ورغم تلك الارجوحة ،،
ورغم عود الآس ذاك الذي يغازل الريح فوق جدثي
لاازال أتوهج ،،
أنا ،،
عود الثقاب الذي لاينطفىء ْ
سرقت ُ نارا ً ،،
وتقلبتّ ُ على صفيح ساخن ،،
وكم كان توقي لاهبا ً لتلك الزرقة ..
وتلك الغيوم التي طالما لملمت ُ منها ملامحك ،،
لكنها سرعان ماتتبدد ،، كلهفتك الي ّ…
هل تتذكر ماقالوه عني ؟
قالوا : ان الرب خلقني من سماء وماء !
وانني كنت ُ اسبق ُ نبض اللحظة ..
كي يستكين حفيف أجنحتي في ضباب ظلك ْ..
لكنّي ك جنديّ شجاع يأبى التخندّق
لم أجيد سوى الاحتراق ..
ولا زلت ُ اتوهج ،،
ك عود ثقاب ،، لاينطفىء ….!!
د.عائشة الخضر لونا عامر
3-ان الحفاظ بشكل ابو باخر على المظهر الجمالي للنص هو من اهم المرتكزات الفنية للنص النثري لاهمية الوهج البصري للكلمات ناهيك عن جمالية الوقع النبري الصوتي للفونيم تينك الايقاع الذي يوظفه المبدع قاسم وداي الربيعي من العراق في نصه الموسوم بيت وداي اذ نجد الشاعر يخلق جدلية الحرب والسلام وذكريات المكان اذ هو شاعر متمرس في تصوير النظرة الانسانية الشمولية بايقاع نصي حداثي يصعب على كثر منهم تداوله اوخلقه فها هو يتحفنا بلغة مرمزة ميدانها البيت والكينونات الشعورية لديه التي قفزت بين عصرين ويحاور القارئ بلغة هادئة يحاول من خلالها ترجمة الذات الغائبة الحاضرة واستحضار ماكان لما يكون
مُذ أستيقظ الضوء في بيت ( وداي )
كان حب الأرض بذرة اشتهت صدورنا
مثل حقل الموج المنقوش على الأشرعة
يقتادنا البوح مثل الضرع الذي لا يجف
( فليح ) يحملُ لنا نحنُ الأيتام
مباهج اللغة مثل كركرة الصبيان
يحشو في أوردتنا مفاتن الشعر
فتغدو الحياة قبضة من الورد
رغم أن ثيابنا جف عليها الطين كثيرا
في ( أم كعيده ) حين كانت (1)
صرختنا الخضراء في أعين المَدار
( فليح ) كان دليلنا الأسمر صوب النجاة
في بغداد يطعمنا من جيوبهِ
و خلفه نجري مثل رعشة الأوتار
طيبون نحنُ وملح الجنوب هويتنا
ما كنا نعلم !
أن فوهات البنادق مخضبة بالحقدِ
تحملها عناكب الزمن السخيف
تحز الطلع وتشعل النار في الجمار
قال : انتظروني عند المغيب
وخير الأرض يأتي في السلال
أنا لا أحملُ سكينا , وكفي لا تحمل
غير الورق الأبيض .
على عجلٍ يجمعُ أضلاعه المرتجفة
كان الفجر يأتي من خلف الأزقة
محزوناً , مضطرباً
آه مالها الطرقات مغلقة
أشعر بأنني ضيف الأسى
*
4- انطلاق النص من بؤرة ضوء صغيرة ذات امكانت ومزايا موشورية كي تعكس رؤى النص ومدى قوته وتاثيره فينا وطرحه الخيارات المائزة لتوسيع تلك الرؤى الفكرية الهيولية وهذا ماتقدمه لنا الشاعرة التونسية مريم خضراوي في نصها الموسوم حكاية الورد اذ تنطلق من بؤرة ضوء صغيرة هي بذرة الولادة لكن هذه البذرة تمتلك اوجه موشورية متعددة وتفتح لنا دوائر نصية لامتناهية فترد الكينونات النصية وتنفتح على رموز الارض والتراب والدم والشرايين فطرحت بذلك امامنا عدة خيارات مرمزة يتم تفكيك شيفرتها حسب المرجعيات الفكرية للقارئ
حكاية الورد
هي بعض اغنيات الطبيعة
في عرس الولادة
فالوردة بذرة في رحم الطببعة
تنمو البذرة
تتغذي بدم الارض
تتنفس وريقات في شرايين
تتصل باعماق الارض
وتتمرد على التراب
لتظهر في موعد
الولادة خضراء بحاجة
لاحضان دافئة
يوما بعد يوم
تشخص نحو الشمس
تستجديها الضوء
كما تستجدي الفجر
حبيبات ندي
تطول
تكبر تشرئب عنقا
تتثاءب في اغصان خضراء
وتزهر فتتعطر الزهرات
وتتضوع عطر ا
علي متن النسيم
تتحدث بحب الطببعة
للمخلوقات
وهيهات ان تواري عطرها
عن فاسد
او منافق او كافر
تنطق بعطر المحبة
وتتنفس امنيات عساها
تترجم علي الارض سلاما.
لكن
هيهات .
أحاول أن أكتب عن
هذي السنابل🌾🌾🌾
أستعين بقصفة قمح..🌾
لأمنع نهب الحصاد ..
وجوع القوافي..
ودك الحصون…
وماكنت أزرع ولا شهدت
حربا لهذي الأرض.
ما استبحت يوما تين حبها
ولا قطفت تمر بلد أمين
أحاول أن أنصف الجمال..
أنتصر لحواء..
أشرب من بلدي الوفاء
وهذا الزيتون الذي تعصرون..
بأضعف إيماني
أصقله من نور اعتقادي…
أختصر قتل الرياحين
وإسراف الزرع والنخيل
وشهوة الرمان في غمد قاتله
لست بغيا
ولم أك يوما من المسرفين
من ديوان احاول ان اكتب عن السنابل للشاعرة والمبدعة وسنبلة تونس الشقيق مريم خضراوى
*****
5-انبثاق افكار موازية للخط الاول للماندالا النثرية ليست بالظرورة ان تحمل سمات ومزايا النص الفكري الاول انما هي ولادات جديدة داخل النص وهنا نجد الشاعرة السورية سرية عثمان ترسم لنا عدة افكار متوازية للمنادالا فهي تنطلق من فكرة النص الى فكرة الصباحات المواويل ثم تفتح النص نحو فكرة اعمق من تينك الصباحات الا وهي رحم النداءات فتنزلق ارواحنا نحو بؤرة خفية نحو المجهول والحزن الكامن في روح النص لكن سرعان ما يقفز خط فكري موازي خارج النص الا وهو سنابل الاحلام حقا ان هذا الابداع يتفرد بصورته المائزة ولانملك امامه الا الصمت
إغماضة_نبض
النص الذي داعب ذائقتي
غدا جناحاً من عبير
صار موالاً للصباحات
يسافر في بللورٍ و ندى
يرسم أخيلة المرايا
في ملامح التَوق
يشتلُ روح نعناع البراري
في تغريدة قوارير النور
أنى للريح أن تُرممَ ظليّ
و تُجففَ عرقَ غصة حنجرتي
حتى قيامة الوله
في رحم النداءات
كلما استبد بي الغياب
وشَتتني شغف المواعيد
ارتمتْ فوق لحظاتي بسمتك
لأقطفَ من مداها
ريشتي و سنابل أحلامي.
6- تزداد قوة القصيدة النثرية المنبثقة في رؤى الماندالا كلما اتجهت لخارج النص وكلما حلقت بمديات واسعة تلك المديات التي لايمكن الوصول اليها ونحن نقبع داخل النص النثري الخارج عن مفهوم الماندالا ولا يتسنى لنا هذا التحليق الا بعد ان نحقق ثنائية التأويل بين الثابت والمتغير وفق مرجعيات ايديولوجية وهذا مانجده في نص الدكتور احمد محمد الاسطل الموسوم شهر الحسد اذ نجده يبلغ سواحل الشعر القصوى بما يمتلك من تجربة شعرية وقدرة على تكثيف اللغة ووصف بارع من خلال اليات الانزياح مع تظافر هذه المقومات مع توظيف الاسطورة والرؤى الميتافيزيقية فكان اللامتوقع كائنا يتنفس في رؤى النص وهو يمتلك اشتراطات حداثية لخلق فهم جدلي عميق بين مستويين هما المتغير والثابت بعد امتلاكه رؤى الانفتاح النصي والتحليق بمديات لا يمكن الوصول اليها الا ونحن نحلق داخل النص
شهر الحَسَد
======
شيءٌ ما ؛ يَغرَقُ في رأسِي…
كسمكةٍ تَبدُو آتِية من مُوزامبيق الجَدِيدة
حبَّذا لو شَعشَعَ الزَّمانُ وبادَلَنِي التَّحِيّة
لا عليكَ يا زمن
ها هو المُفتاحُ يختبئُ بينَ الورق
ها هي جثةٌ زرقاءُ لذبابِهم البُنِّـيِّ على رفِ الكُتب
حدثَ هذا في تموزِ المُغَطّى بالنَّمل ؛ ..
حينَ اكتشفتني الحياة وراءَ الحَواجِز كزائرٍ أَلِيف
عاريًا كنتُ أتكدَّسُ وَراءَ الطّابُون
لا أجنحةَ تكفيني لاستِيعاب البِدايات
كانت أجملُ انتصارتي مع الَّتي تَحَرَّقَت لَهفةً …
ثُمَّ ذَهَبَت وتركتني دونَ قصد
أَتَراها التَصَقَت بالقَدَرِ واختَطَفَتها القُبلةُ الأخيرة
أَتَراها سِربًا من الأحلامِ على حِينِ غُرَّة
أَتَراها تُغَنِّي مثلَ أعينِ العُشاق
إلى السَّماءِ ذَهَبَتْ وتَرَكَتنِي رأسًا عَلى نايات
وكأنَّها سنابلٌ في رَوضِ الأَغاني
هرمجدون ؛ هرمجدون ؛ هرمجدون
نهايةُ عالمٍ مُخَضَّبٍ بالنَّحيبِ وبالفُؤوس
يا لَ النِّسيانِ العَمِيق حينَ تَعوِي الأُمَم
يا لَ أنداءِ الفَجرِ حينَ تُغَنِّي النَّشاز
شعور بالعرفان لكلبيِّ الانتخابات
ولجميعِ الجِراء لِما سَيَمنَحُونَهُ بِسَخاء
هَذي فلسطين يا حُفاة
فلسطين بلادُ كَنعان
فلسطين دمُ الأرجوان الَّذي لا يَطرُق إلا أبوابَ السَّماء
شُكرًا بِكِلتا اليَدَين ومِنَ الخِيام إلى غربِ الأندلس
يا عُراة ؛ سيصبحُ لنا وطنٌ كالغِلالِ في مَهَبِ الرِّيح
شوارعهُ واسعةٌ تُوَشوشُ أعشاشَ اللَّقالق
وكأنّهُ الأَرخبيل الَّذي فَقَدَ الأَرِيج
هَكذا كانت السَّاعات تَمضِي سنواتٍ كَثيرة
من بابٍ إلى آخَر ؛ نَمشِي في أَنفاق
تُرَّهات الطَّناجِر نَتَجَرَّعُها بِنَفسِ المِلعَقة
هُنا نامَت أَشجارُ الحُور
تَحَوَّلنا من زَخَمِ الماءِ إلى رحابِ السُّبات
كأَنَّما انشَطَرَ الطَّريقُ إلى نِصفَين يَتَوَسطهُما فَرَمانُ الرًّكوع
أَمسَت عُيُونِنا شارِدة ، ما عُدنا نَسمَعُ سِوي توابِيت الكَلام
ومع ذلك ؛ …
فلا شيءَ يُدهِشُنِي سِوى ظِلِّي
فَما من شيءٍ احترقَ في شَرقِستان سِوى هَواءَ الذّاكِرة
هَذا الوَطَنُ الجَمِيلُ يُسَمّى فِلَسطِين
هَذا الوَطَنُ طَوِيلُ القامةِ وعَيناهُ عَسَلِيَّتان
إنَّها بِلادِي الَّتِي يُولَدُ فِيها الزَّعتَرُ والماء
والقَمَرُ الأَشهَبُ المُخَضَّبُ بِالأَسى
ثَمَّةَ نُجُومٌ ولا سَماءَ تَتَحَرَّكُ لأَعلى
داعَبُنِي النُّعاسُ جِيئةً وذِهابًا حَتّى أَزهَرَت الفَراشاتُ
واكتَمَل حَولِي المَطَر
ها قَد أَذهَلَتنِي أَطيارُ الأُقحُوانِ الَّتِي تُعانِقُ الوُجدانَ فِي شَهرِ الحَسَد
حُوصِرَ البَحرُ المَيِّتُ خاتِمُ البِحار
كانَ الأَمرُ أَشبَهَ بِمَعزُوفةٍ أَرمَنِيّةٍ تَتَجاوَزُ ذاتَها فِي المِحَن
غُفرانُكَ يا أَرَق ؛ غُفرانُكَ يا سَيِّد أَرَق
هَكَذا يَقُوُل اللَّيلُ بَوابةُ المَسَد؛ …
غُفرانُكَ كُلَّما أَزهَرَ الشَّوكُ فِي حَلقِي وانتَصَب
تُرَى ؛ كَمْ حامِلة طائِرات تَلفَحُ الأَوتار
؛ لِمَ يهاجمونَ حبةَ الرُّمـّانِ الَّتي تبكي بعيونِ الصَّبار
من يوقظُ الأحلامَ حين تنام ؛ من يوقظُها يا وَحدَنا
الأرضُ تهتزُّ والزُّجاجُ النّاعم يهتزُّ
وجبلُ الزَّيتونِ أبَدًا أبَدً لن يهتز
يا دارَ الفَناء :
أليس الأفضل تحريم حروف العلّة كلَّها
أليس الأفضل إصدار مرسوم …
يمنعُ الضَّم والنَّصب والجرّ في أرضِ العرب
من يقنعُ الطّائرَ الطنّان بالتَّعقل هَذه اللَّيلة ؟
من يقنعُ شقائق النُّعمان الَّتي تخزِّنُ ضُوءَ النَّقَب ؟
لا تبكِ يا زهرةَ الوجع
صدقا لا أعرفُ ؛ …
كيف يجمع آذار كل هذه الغيوم السَّوداء في رأسي؟!
كان يمكن أن نلتقي فوق هودح من ريشِ الخَيال
أو تحت ليمونة تخبئُ في فمِها خُبزَ الشَّمس
ها هو اللَّيل ينظرُ لِغَزّةٍ بألفِ عين سوداء
ومن ذا الَّذي يردُ لَها الشَّفقَ الآتيَّ من البَحر
ساعةً تلوَ ساعةٍ تشربُنا الحياةُ دونَ تأخير
ألم ننجز ذلكَ بأنفسنا؟!
7-كلما اتتجهنا خارج النص تتاح لنا مساحات مزاحه للتلاعب بافكار النص النثري بل لانعدوا الواقع حينما نقول ان بعض الشعراء يمكنهم حسب هذا المنطلق بناء نصا اخرا خارج النص
وهذا لعمري لايتاتى لاي كان لكن الشاعرة العراقية المبدعة فراقد السعد بقدرتها المائزة استطاعت من خلال تاصيلات حداثية ان تتلاعب بفكرة النص البنيوية وبناء اكثر من نص خارجة بذلك عما هو مألوف ونجد ذلك من خلال نصها
على طرفِ الأزرقين
يتلبسُني الوحي ..أراكَ جُهرةً
أُخرِجُ كلُّ التميماتِ
أَفكُّ جُنحي من فكِّ الترابِ
أخطو على الماءِ بقدمٍ عاريةٍ
أراني أذوبُ ذرتين
فيا مَن صيّرتني قطرةَ ماءٍ
أعدني إلى فيضِ البحرِ
أكونُ موجاً باذخَ المدِّ
كلّما أُفلِتَتْ ذراتُ العشقِ من أُمِّ رأسي
يطولُ شعري.. يطولُ سابحاً في الموجِ
من حورٍ حسانٍ أجوبُ الشطآنَ
أسبحُ.. أغوصُ.. أنسابُ مليكةُ حُسنٍ
أيُّها النور الساري إلى جسدي
أيُّ دليلٍ للركبِ يُسحرُني؟
أشاءُ أن أسترِقَ السمعَ إليكَ..
وما تشاءُ رجمي بشهابٍ
دعني أسري إلى سمائكَ
أطوفُ أبعدَ من زرقتِها ..أناغمُ زلالَكَ
أكونُ بياناً على جنحِ عرشكَ
أفوزُ بالجلالِ..
مِشعّةٌ تخضّرُ رؤايَ
تَخصبُ روحي..
تتشهدُ أصابعي بوجنتيكَ
أشهدُ أني..أُراودك عن عشقي
صرفاً لي حق القُبَل
لأنّي لا أهوى الغوايةَ بتفاحةٍ يأكلُها الدودُ
فأنايَ محظيّةٌ غوايتُها دوزنة َ خريرَالماءِ
لغةً تموسِقُ الغوى
فيا أيها المتوسمُ في فكري..
المتجملُ في كينونتي
أتمحورُ أحدى بناتِ نعشٍ
لأقبلُكَ دونَ وجل.
8-لابد ان تكون خاتمة النص موازية للنص الاول كي يختم الناثر نصه ويعطينا انطباعا لوحدة الافكار رغم النهايات المفتوحة والمتباينة وهذا مانجده عند الشاعر الجزائري الشيخ اليزيد اذ يتفنن الشاعر بحذاقة متناهية في رسم بدايات النص والدخول الى عوالم هيولية يصعب على الكثير خلق تينك العوالم وتوظيف الاسطورة او التراث المجمعي بتاصيلات حداثية تمنح النص ولادات جديدة ومن الاهمية بمكان ان يختم النص برؤى تتماهى مع مدخلات النص الاول فالشيخ يزيد يتفرد بتينك الخصيصة ولعمري انما هي دلالة تكاد تكون قاطعة على حرفنة الشاعر وتمكنه في خلق النص برؤى ابداعية
*
من شعرها ضفرت قصائدا
هذه المرأة
حناء السماء
عمر نقشته الأيام
بخيوط المحن
لحن لم تعزفه الأنامل
نسي في جفن الجب
فمر عليه بعض السيارة
لون الضفيرة الذهبي
تماهى شعاع الشمس
فكانت الأحجية
في فناء الدار
تتغنى … و القمر يلمح حسنها
هما إلياذة
الثكلى
تداعب الموت
لتقبل منه الحياة …
ليولد ذاك الشاعر
الذي نام على صدري
كريشة القطا …
التي تسبح
فوق نسمات الريح
***
الماندالا ورؤى الحداثة الشعرية تعني الا نثق باي مرجعيات فكرية فلابد لنا ان نؤمن ان كل شي يهدم ويبدأ من جديد حتى الذوق قابل للتغيير الافكار وتقويض كل المفاهيم كلما تعمقنا اكثر فاكثر نحو بناء وخلق اعمال جديدة برؤى العولمة رغم ماتملكه الحداثة من متناقضات عبثية ترفض القولبة الفكرية وبنيوية المثال النصي الحداثي او التقليدي فالماندالا اسست لمفاهيم جمالية وفكرية خارج الاطر التقليدية
كما يجب علينا ان نسلم منطقيا ان التطور الذي يبنى على التكاثر في رؤى النصوص الشعرية هو اجدى من الاختزال كي نمنح النص اكثر من ولادة واحدة ويدعو هذا الى تعدد الاطياف وتعدد الثيمات النصية لقصيدة النثر وعدم ربط النص بمركزية واحدة
ونؤكد هنا على ان قيمة الحداثة في واقعها هي شعريتها عكس من يعتقد ظاهرها المتجدد فقط
كما وان مقدرة الشاعر على الابداع في رؤى الكشف والتحول واستثارة الواقع نحو ماهو مدهش وغريب وهذا يتطلب مخيالا واسعا وقدرة على الخلق والابداع وسحب النص بلغته وثيماته وفكره نحو العولمة كما هي الماندالا وغاية الابداع ان يتمكن الشاعر من اخضاع العالم بكل رموزه واثنياته لرؤيا الذات
شكري وتقديري للادباء على منحهم ايانا هذه الرؤى الابداعية من خلال نصوصهم المذكورة في متن البحث وقدرتهم الخلاقة التي استثارت فينا مفاهيم نقدية لم تكن لولا حرفهم المضئ
*
العراق
د. هاني عقيل
الجمعة, 25 حزيران 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top