” المحطة “

لم ينبئني ذاك العراف الذي التقيت به وأنا استعد للسفر لتلك الرحلة، كنت أظن قصرها، لكن واصلت السير محملاً بأحلام في ذاكراتي وصور تتراي لي كأني أسير خلفها، لأدرك أنه الفصل الأول من روايتي الجديدة.

ومازلت طائف مع الليل فؤادي متعلق بها وكأن أيام عمري حطام، عايشت نظراتها بلمحات خاطفة لأدرك قوة تأثيرها وكأن الاحلام طفلاً بيدي، وجسد بلا قلب فإلي أين الذهاب؟ أعلن ناظر المحطة بوصول القطار وإذا بطيفها يهمس في أذني، أنتظر! سنستقل القطار سوياً فهل تسمح لي؟

تأخرت خطوات قليلة ووضعت يدي بيدها مستمتعاً بنبضها، تحرك القطار صعدت وتقدمت لمقعدي وبجواري راكب مبتسم …! نظرت من حولي وإذا بأقنعة في كل مكان، كررت النظر … فتغيرت!  …ابتسمت! نظرت من النافذة وإذا بها تلوح لي بيدها، أشارت لي بقبلة، وغادر القطار محطته وقلبي على رصيف المحطة يستطلع المارة الي أين الذهاب؟ تكبدت الألآم سنوات وسنوات منذ رحلتي باحثاً عنها في كل مكان.

ومضي بي قطار العمر أحاول أن أستعيد الزمان بعد ما نسيت ملامح وجهي القديم وسط ضوضاء المدن، فطيفها يحيط بي في دهاليز المدينة العتيقة ليصبح الصمت حديثي المفضل، وذات مساء بدت وعلى وجهها كبوات السنين وأطلال تصرخ بيديها، عدت استطلع وجهي الموغل في غربته، وتسألت في نفسي هل تكمل رحلتك أم تعود بحثاً عن فؤادك الذي تركته ذات يوم على رصيف محطتك الأولي ؟

 وبدت عاصفة في جسدي تشعل ناراً في موكب الأحلام تبحث عن نقطه مضيئة، قبل موعد القطار وإذا بها تنتظرني وفي يدها وردة، تقدمت نحوي، فأسرعت الخطي، حضنتني، فتجمدت رئتاي وكأن الشمس بيدي وحلم يوسف يتجلى ونفير القطار يعلو، وإذا بها بين يدي وكأني ثوب ترتديه، وعمر مضي، وحب لا يري الشمس كي لا يحترق …! ولقاء مؤجل سنوات …وفكر مسكون بالحركة … دون حراك!

 قالت لي: لم تكمل روايتك تأخرت كثيراً فجاء الخريف…!

Scroll to Top