رواية ” أطفال منتصف الليل “

للهندي – البريطاني سلمان رشدي .
بداية ، لا بد لمن سيقرأ هذه الرواية أن يتحلّى بالصبر ويسجل ملاحظات كثيرة وأسماء شخصيات تتشعّب معها أحداث الرواية المقسمة إلى ثلاثة أقسام ،
كل قسم يمثّله جيل : الجيل الأول ،
ممثلا” بالدكتور آدم عزيز ( جد بطل الرواية سليم سيناء ) ، العائد إلى الهند من ألمانيا ، حيث ترزح الهند تحت وطأة الاستعمار البريطاني . نتعرف على قصة زواج آدم من نسيم ، التي كان يعالجها عبر فحصه لمكامن آلامها من خلال ثقب في ملاءة.
الجيل الثاني ،يمثّله أحمد سيناء
– زوج أمينة ( والدة سليم وإينة آدم عزيز ) – ، وكل أخوة وأخوات أمينة .
أما الجيل الثالث
فهم الأطفال الذين ولدوا مع دقة منتصف ليل 15 آب عام 1947 وهي الليلة التي نالت فيها الهند استقلالها . المزج بين الواقع والخيال والربط بين محطات تاريخ الهند ، تقود القارىء في متهات من الأحداث ،
حيث أن الحدث المفصلي هو استقلال الهند وولادة ألف طفل ، يبقى منهم على قيد الحياة 581 طفلا” وهِبوا قدرات خارقة .فبطل الرواية سليم يستطيع الدخول إلى عقول الآخرين وقراءة أفكارهم ، وهناك من يدخل إلى المرايا ويخرج منها ، وفتاة تُكثر الأسماك ، ومذؤوب يكبر ويصغر حسب رغبته ، وآخر يغطس في الماء ويتحوّل إلى ذكر أو أنثى طبقا” لهواه ، وفتاة ذات لسان حاد ، كلماتها تجرح الآخرين وتنزف جروحهم …. إلخ .
فيما يخص الجانب الواقعي والتاريخي فهناك أسماء ترد في السياق ، تركت أثرها الواضح في تاريخ الهند ( محمد علي جناح ، غاندي ، جواهر لال نهرو ، أنديرا غاندي …. إلخ ) ، والحديث بشكل مسهب عن حرب الهند مع باكستان وانعكاسات تلك الحرب على شخوص الرواية . يبرع رشدي في الإسقاطات والرمزية ، حيث يمثّل النوتي تاي الموروث القديم من الخرافات والسحر ، ويمثّل الإقطاعي ميثولد الاستعمار البريطاني بويلاته ،
وتمثل المبصقة والأفاعي بسمومها ذات الحدين الشافي والمميت ، استمرار الموروث القديم ، ويمثل الحبل السري الارتباط بجذور الوطن ، كما تأتي لعبة السلالم والأفاعي كإحالة للصعود والهبوط الاجتماعي اللذين يعيشهما سليم سيناء بطل الرواية ، حيث يقضي القدر من خلال لعبة قذرة تقوم بها ممرضة ،
بأن يعيش في كنف أسرة ثرية ، بينما يتسبب قطع سلامية إحدى أصابعه بفضح تلك اللعبة والكشف عن الإبن الحقيقي للأسرة الثرية .
يُذكر، أن سلمان رشدي روائي وكاتب بريطاني من أصل هندي، من مواليد مدينة بومباي في 19 يونيو/ حزيران 1947. تلقَّى تعليمه في جامعة كامبريدج البريطانية. حصلت الرواية الحائزة على المركز الحادي والتسعين على قائمة أفضل رواية بريطانية «أطفال منتصف الليل» على جائزة بوكر الأدبية، وجائزة ذكرى جيمس تيت بلاك في العام 1981 ( قبل الضجة الشهيرة التي أحاطت بروايته ” آيات شيطانية ” )، كما حصلت على جائزة بوكر البوكر في العام 1993 بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لجائزة بوكر،
وجائزة أفضل فائز بجائزة بوكر في العام 2008 بمناسبة الذكرى الأربعين للجائزة. من أعماله: «غريموس» (1975)، «أطفال منتصف الليل» (1981)، «العار» (1983)، «ابتسامة الجكوار» (1987)، «آيات شيطانية» (1988)، والتي أثارت جدلاً كبيراً في العالم الإسلامي؛ بعد صدور فتوى من المرشد الروحي الإيراني آية الله الخميني أهدر فيها دمه بسبب ما تضمنته الرواية من إساءة إلى الرسول محمد (ص)، ورموز كبرى في الإسلام، إضافة إلى «هارون وقصص البحر»، (1990)، «أوطان تخيُّلية: مقالات ونقد» (1992)، «مشرَّد باختيار» (1992)، «شرق، غرب» (1994)، «زفرة العربي الأخيرة» (1995)، «الأرض تحت قدميها»، (1999)، «الجُنون» (2001)، «خُطوات تقطع الخط» (2002)، «شاليمار المهرِّج» (2005)، «عرَّافة فلورنسا» (2008)، و «جوزيف أنطون: مذكرات» (2012).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top