هل يمكن للموت أن يقوم بإضراب ؟
ما هي النتائج التي ستترتب عن هذا الإضراب ؟
انطلاقا” من هذه الفكرة العبقرية والخبيثة في آن واحد وبعبارة ”
في اليوم التالي لم يمت أحد ” يبدأ وينهي ساراماغو روايته الفلسفية الصعبة .
في بلد لاتيني لا يذكر اسمه ، تتوقف موت عن عملها ( يصر الكاتب على تأنيث الموت بصفته منيّة ).
في البداية يسعد الناس وخصوصا” من لديهم هوس الخلود . تتوالى الشكاوي من الناس وأول من يقوم بذلك شركات دفن الموتى ، ثم المشافي حيث تعجز عن استيعاب الأعداد المتزايدة للمرضى الباقين في وضعية حياة معلّقة . دور المسنين بدورها تشتكي من عدم الاستيعاب ، وتبادر شركات التأمين إلى إعلان سخطها تجاه مطالبة المواطنين بإلغاء بوالص التأمين على الحياة وعدم دفع أقساط باهظة لا يعلم المواطنون متى سيستفيدون منها . أما الكنيسة فتؤكد على أنه من دون الموت لا وجود للانبعاث ، ومن دون الانبعاث لا وجود للكنيسة . تنقلب الحياة في البلد رأسا” على عقب عندما يعلم الناس أن الدول الثلاث المجاورة لبلدهم لا يزال الموت فيها قائما” بعمله ، فتنشط المافيا المحلية وتبدأ بعقد الصفقات الخاصة بتمرير المحتضرين الذين لايموتون ، من خلال حدود الجوار كي يموتوا على أن تُعاد الجثث لتدفن في بلدها . بعد اختلاط الحابل بالنابل في هذا البلد وبعد انقضاء سبعة أشهر ، تصل مغلفات بنفسجية لعدد من المواطنين تعلن عن عودة الموت ، ممهلا” الموعودين بالموت أسبوعا” كي ينهوا أمورهم المعلقة قبل الرحيل الأبدي . تعم الفوضى مجددا” وتبدأ موت بحصد الأرواح ، ما عدا روح واحدة ترفض تلقي الرسالة وتعيدها للموت مرارا” ، فمن هي هذه الشخصية وما هي نهاية هذه المعضلة الفلسفية والوجودية ؟وهل سيبقى الخلود أمرا” مشتهى” لدى من اختبروا عدم الموت ؟ هل يجب أن نموت كي تستمر الحياة ؟ رواية ذات فكرة مبهرة ، لكنها متعبة في القراءة للأفكار الفلسفية العميقة التي تطرحها والتي قد تكون عامل منفر لدى بعض القراء لأن الإطار الذي تقدم به غير جاذب أو مشوق ،
لكن المكر والخبث اللذين قدمت بهما الرواية يشفعان لها .