رواية ” توقيعه على الأشياء كلّها “

للأميركية إليزابيت جيلبرت ( مواليد 1969 ).

بعد كتابها الملهم ” طعام صلاة حب ”
تقدم جيلبرت رواية رائعة ( 682 صفحة ) تحكي فيها عن لحظات مهمة في تاريخ الإنسانية
مّرت في عصر التنوير والثورة الصناعية ، حيث سادت افتراضات كثيرة حول العلم والدين ،
وسعى الكثيرون لفهم الكون وعمل آليات الحياة ، ونوقشت أفكار كانت محظورة كإلغاء العبودية ،
كل ذلك من خلال سيرة حياة آل ويتاكر . هنري ويتاكر عميد الأسرة من مواليد ريتشموند
الواقعة على نهر التيمز في لندن ،
هو إبن لبستاني فقير في حديقة ” كيو ” النباتية التي كانت ملكية تابعة للأميرة أوغوستا
والدة الملك جورج الثالث، أنقذ شجرة تفاح بالتطعيم ، فلقّبه الملك بساحر التفاح . مدير الحديقة جوزيف بانكس
كان هو من موّل الرحلة الأولى للقبطان كوك ، يقرر إبعاد هنري عن الحديقة لإكتشافه سرقة الأخير
لنماذج نادرة من نباتاتها وبيعها سرا” للمنافسين ، لذلك يرسله مع القبطان كوك في رحلته الثالثة إلى البيرو
للحصول على نباتات نادرة . ننتقل من البيرو إلى هولندا حيث يتزوج هنري من بياتريكس ديفندر،
إبنة العائلة الثرية التي كانت وصيّة على حدائق ” هورتس ” النباتيّة في أمستردام لأجيال عديدة ،
هذه الحدائق التي كانت في طليعة حدائق الأبحاث في أوروبا .
نتابع رحلة صعود هنري السلم الاجتماعي ليغدو أثرى رجل في فيلادلفيا وصاحب شركات عديدة
منها شركة للنباتات الطبية ، يتابع أعمالها مع زوجته الخبيرة في النباتات والتي تجيد خمس لغات .
في عام 1800 تولد ألما ويتاكر الإبنة الوحيدة لهنري وبياتريكس وتصبح هي الأخرى مولعة بالنباتات وتبحث في نظريات تطورها. هناك وافدة جديدة على الأسرة هي برودنس إبنة حدائقي الخضار في مزرعة وايت إيكر(مزرعة آل ويتاكر) ،
الذي يقتل زوجته الخائنة ثم يشنق نفسه ، فتقوم بياتريكس بتبنّي الفتاة حماية لها من مصير والدتها العاهرة .
تصحبنا جيلبرت في رحلة طويلة ننتقل فيها من لندن إلى أميركا ثم تاهيتي وأمستردام ،
وتصوغ علاقات متشابكة أبطالها ألما، برودنس وزوجها آرثر ديكسون ( مدرس الشقيقتين ) ،
جورج هوكس ( ناشر المجلات والدوريات النباتية ) وزوجته ريتا سنو ( جارة آل ويتاكر ) ،
امبروس بايك ( صانع الرسوم الحجرية للنباتات ) والذي يصبح زوج ألما ،
تومورو مورننغ الرجل التاهيتي الوسيم ، داروين صاحب نظرية النشوء والتطور ،
راسل والاس عالم النباتات الذي كان يعمل على نفس فكرة داروين ، ونرى خلال حقبة طويلة
كيفية تكريس ألما نفسها لدراسة النباتات اللاوعائية وخصوصا” الطحالب وسعيها لتطبيق فكرتها
حول نظرية التغير التنافسي في النباتات على البشر . ألما لم تكن تعرف أي شيء عن أختها .
لم تكن تعرف أي شيء عن التضحية . لم تكن تعرف أي شيء عن الرّجل الّذي تزوجته .
كانت تجهل القوى اللامرئيّة التي أملت حياتها. ما هي التضحية التي تقدمها برودنس لأجل شقيقتها ألما ؟
ما هو السر الذي يخفيه أمبروس زوج ألما ؟من هو الشخص الوحيد الذي رسمه أمبروس ؟
أين ستستقر ألما في ختام حياتها ؟
رواية رائعة تستحق القراءة ، أغفلت الكثير من تفاصيلها منعا” لحرق الأحداث ،
تتميز بسحر الوصف وخصوصا” لبيئة تاهيتي وعادات أهلها وكيفية عمل بعثات التبشير المسيحي هناك ،
الطريقة التي تم العثور فيها على العلاج الناجع لداء الملاريا .
تنجح جيلبرت في إعادة طرح تساؤلات كثيرة مرّت في فترة مهمة من تاريخ الإنسانية
ضمن رواية أقل ما يقال عنها أنها ذات نفس ملحمي تستلهم روح ثلاثية إيزابيل الليندي الشهيرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top