مقاربة طب – نفسية ..
.. السلام عليكم .. إن الموضوع شائك يعيشه كل واحد منَا في حياته الخاصة والعامة ،
إنه موضوع السوية واللاسوية في شخص الإنسان .. وتتحدد خلفية اصطفاء هذا الموضوع في علل ومعطيات منها
أولاً ، افتقارنا إلى معرفة ذواتنا بأنفسنا من الداخل ؛
وثانياً ،
افتقارنا إلى الثقافة النفسية والطب – عقلية ذات الصبغة العلمية ومدى أهميتها في حياتنا ؛
وثالثا ً،
صمتنا المطبق إزاء طابو المرض النفسي والعقلي حيث أحاطته هالة التجاهل والاستخفاف واللامبالاة من قبل شريحة عريضة في المجتمع العربي / الإسلامي .
وانطلاقا من هذا المنطلق ، أضع الموضوع المطروح { السواء / الصحة النفسية السليمة ــ اللاسواء / الصحة النفسية المضطربة } تحت المجهر العلمي بغاية التشخيص والتحديد والمقاربة العلمية الإكلينيكية والطب ـ نفسية ..
قبل شرنقة الموضوع من خلال آلية التفكيك ، أستعرض محاور الموضوع على المنوال التالي :
1/ التعريف بمفهوم الشخصية
2/ بيان عن السواء النفسي
3/ بيان عن اللاسواء النفسي ***
ما المقصود بالشخصية الإنسانية ؟
وبالتالي ، ما طبيعتها وأبنية تركيبها وضروبها ؟ .. اختلف العلماء في طرح تعريف محدَد وبيان مضبوط ؛ لكنهم أجمعوا على أنها تمثل سياقاً عاماً يجمع ما هو نفسي واجتماعي وسلوكي وخلقي ، حيث يختلف هذا السياق من شخص إلى آخر .. يقال عادة بأن شخصيتك تميَزك عن غيرك أو شخصيتك تكمن في أذهان الآخرين .. تتأسس شخصية الفرد البشري على عدة أسس :
الأساس النفسي ( إنها شعور مع المدرسة الشعورية / هنري برغسون .. ولاشعورية مع المدرسة التحليلية / س . فرويد .. ومثيرات واستجابات مع المدرسة السلوكية / بافلوف + واطسن .. ) ؛ والأساس الفكري ( فهي ذات واعية وأنا مفكرة / ر . ديكارت ) ؛ والأساس الأخلاقي ( تحتكم إلى مقومات الواجب والاحترام والإرادة الطيبة / إ . كانط ) ؛ والأساس السوسيو ـ ثقافي ( تتكون الشخصية بفعل التنشئة الاجتماعية / ك . روشي .. وبفعل الإكراه الاجتماعي والعقل الجمعي / إ . دوركايم .. وبفعل الاكتساب والتفاعل والامتصاص الثقافي / ل . مالصون .. ) ؛ والأساس الروحي ( فطرة الاعتقاد ، اكتساب السلوك الديني .. ) ؛ والأساس الذهني ( تتحدد بحضور العمليات العقلية من ذكاء وتذكر وتعلم .. ) .. ومن ثمة ، تنزل الشخصية إ . منزلة البناء المركَب المعقَد المتعدَد الأبعاد ؛ والتعقيد سمة تميَز طبيعة جوهرها وكينونتها .. إن شخصية الإنسان لا تبدو بمظهر واحد : فهي تارة . ش .أساسية/ عامة { إرث مشترك من الخصائص عند كافة الناس } ، و تارة ثانية .ش. وظيفية { متميَزة وخاصة بكل فرد } ، وتارة ثالثة ش . مضطربة { سيكوباتية أو مختلفة / غير سوية } وتارة رابعة ش . طبيعية { سوية وسليمة نسبيا } .. إذا ، فشخص الإنسان بهذا التعدد والتنوع يصعب على الدراسة العلمية الموضوعية ، وينزل منزلة الإشكال الفلسفي والعلمي .. ***
ما السواء النفسي ؟ وهل من اليسير تحديد طبيعة مجاله ؟
وبالتالي ، ما نوعية معايير هذا التحديد ؟ ..
فالسواء النفسي أو السويَة صفة غالبة ومميزة لمعظم الناس ( تعريف عام ) ؛ لكن معظم الأخصائيين وجدوا عسراً في تحديد طبيعته ، وكل ما توصلوا إليه من معلومات استقوه من دراساتهم للشخصية غير السوية ( المرضية ) ومن نتائج علم النفس المرضي أو من تصورات فلسفية نظرية بعيدة كل البعد عن التحقق التجريبي .. ومن ثمة ، اجتهد أهل الاختصاص في تحديد نظام من المعايير اعتقدوا أنها تحدَد المجال البياني والتعريفي للشخصية غير السوية .. من جملة هذه المعايير أستعرض الآتي : ا) _ المعيار الإحصائي / يقيس هذا المعيار سواء الشخصية إ. على مقاس التوزيع الاعتدالي ( المتوسطي ) أي التوزيع على شكل منحنى جرسي ؛ ومن ثمة ، تكون السوية أو السواء النفسي هي المتوسط العام تلك المنظومة من الخصائص التي تميز الأشخاص قاطبة في مقابل اللاسوية ( اللاسواء النفسي ) التي ينحرف فيها المتوسط العام إلى طرف المنحنى .. تجدر الإشارة إلى أن هذا الانحراف ليس دوماً منصفاً إذ قد يميز الشخصية اللاسوية بمظهر إيجابي { ارتفاع الذكاء ، العبقرية .. }أو بمظهر سلبي { العصاب / الذهان / التخلف العقلي / الاضطراب النفسي .. } .. ب) _ المعيار الطبيعي / ينطلق هذا المعيار في تحديد معالم وخصائص الشخصية السوية انطلاقاَ من دراسات علم النفس وعلم الأحياء ؛ إذ الشخص السوي نفسياً قادر على توظيف رموز اللغة ، ورسم المستقبل ،والاستفادة من التعلم ايجابيا ، والتواصل مع الغير .. وتكون تركيبته البيولوجية مكتملة حيث تكون فيها نسبة الذكاء متوسطة أو فوق المتوسط ، ويكون قادراً على فكَ الرموز وممارسة العمليات الذهنية المعقدة ذات الطابع التجريدي { العمليات الرياضيات / التجريد الفلسفي أو الفني أو الأدبي / تحمل المسئولية الاجتماعية .. } ..
إنه موضوع السوية واللاسوية في شخص الإنسان .. وتتحدد خلفية اصطفاء هذا الموضوع في علل ومعطيات منها
أولاً ، افتقارنا إلى معرفة ذواتنا بأنفسنا من الداخل ؛
وثانياً ،
افتقارنا إلى الثقافة النفسية والطب – عقلية ذات الصبغة العلمية ومدى أهميتها في حياتنا ؛
وثالثا ً،
صمتنا المطبق إزاء طابو المرض النفسي والعقلي حيث أحاطته هالة التجاهل والاستخفاف واللامبالاة من قبل شريحة عريضة في المجتمع العربي / الإسلامي .
وانطلاقا من هذا المنطلق ، أضع الموضوع المطروح { السواء / الصحة النفسية السليمة ــ اللاسواء / الصحة النفسية المضطربة } تحت المجهر العلمي بغاية التشخيص والتحديد والمقاربة العلمية الإكلينيكية والطب ـ نفسية ..
قبل شرنقة الموضوع من خلال آلية التفكيك ، أستعرض محاور الموضوع على المنوال التالي :
1/ التعريف بمفهوم الشخصية
2/ بيان عن السواء النفسي
3/ بيان عن اللاسواء النفسي ***
ما المقصود بالشخصية الإنسانية ؟
وبالتالي ، ما طبيعتها وأبنية تركيبها وضروبها ؟ .. اختلف العلماء في طرح تعريف محدَد وبيان مضبوط ؛ لكنهم أجمعوا على أنها تمثل سياقاً عاماً يجمع ما هو نفسي واجتماعي وسلوكي وخلقي ، حيث يختلف هذا السياق من شخص إلى آخر .. يقال عادة بأن شخصيتك تميَزك عن غيرك أو شخصيتك تكمن في أذهان الآخرين .. تتأسس شخصية الفرد البشري على عدة أسس :
الأساس النفسي ( إنها شعور مع المدرسة الشعورية / هنري برغسون .. ولاشعورية مع المدرسة التحليلية / س . فرويد .. ومثيرات واستجابات مع المدرسة السلوكية / بافلوف + واطسن .. ) ؛ والأساس الفكري ( فهي ذات واعية وأنا مفكرة / ر . ديكارت ) ؛ والأساس الأخلاقي ( تحتكم إلى مقومات الواجب والاحترام والإرادة الطيبة / إ . كانط ) ؛ والأساس السوسيو ـ ثقافي ( تتكون الشخصية بفعل التنشئة الاجتماعية / ك . روشي .. وبفعل الإكراه الاجتماعي والعقل الجمعي / إ . دوركايم .. وبفعل الاكتساب والتفاعل والامتصاص الثقافي / ل . مالصون .. ) ؛ والأساس الروحي ( فطرة الاعتقاد ، اكتساب السلوك الديني .. ) ؛ والأساس الذهني ( تتحدد بحضور العمليات العقلية من ذكاء وتذكر وتعلم .. ) .. ومن ثمة ، تنزل الشخصية إ . منزلة البناء المركَب المعقَد المتعدَد الأبعاد ؛ والتعقيد سمة تميَز طبيعة جوهرها وكينونتها .. إن شخصية الإنسان لا تبدو بمظهر واحد : فهي تارة . ش .أساسية/ عامة { إرث مشترك من الخصائص عند كافة الناس } ، و تارة ثانية .ش. وظيفية { متميَزة وخاصة بكل فرد } ، وتارة ثالثة ش . مضطربة { سيكوباتية أو مختلفة / غير سوية } وتارة رابعة ش . طبيعية { سوية وسليمة نسبيا } .. إذا ، فشخص الإنسان بهذا التعدد والتنوع يصعب على الدراسة العلمية الموضوعية ، وينزل منزلة الإشكال الفلسفي والعلمي .. ***
ما السواء النفسي ؟ وهل من اليسير تحديد طبيعة مجاله ؟
وبالتالي ، ما نوعية معايير هذا التحديد ؟ ..
فالسواء النفسي أو السويَة صفة غالبة ومميزة لمعظم الناس ( تعريف عام ) ؛ لكن معظم الأخصائيين وجدوا عسراً في تحديد طبيعته ، وكل ما توصلوا إليه من معلومات استقوه من دراساتهم للشخصية غير السوية ( المرضية ) ومن نتائج علم النفس المرضي أو من تصورات فلسفية نظرية بعيدة كل البعد عن التحقق التجريبي .. ومن ثمة ، اجتهد أهل الاختصاص في تحديد نظام من المعايير اعتقدوا أنها تحدَد المجال البياني والتعريفي للشخصية غير السوية .. من جملة هذه المعايير أستعرض الآتي : ا) _ المعيار الإحصائي / يقيس هذا المعيار سواء الشخصية إ. على مقاس التوزيع الاعتدالي ( المتوسطي ) أي التوزيع على شكل منحنى جرسي ؛ ومن ثمة ، تكون السوية أو السواء النفسي هي المتوسط العام تلك المنظومة من الخصائص التي تميز الأشخاص قاطبة في مقابل اللاسوية ( اللاسواء النفسي ) التي ينحرف فيها المتوسط العام إلى طرف المنحنى .. تجدر الإشارة إلى أن هذا الانحراف ليس دوماً منصفاً إذ قد يميز الشخصية اللاسوية بمظهر إيجابي { ارتفاع الذكاء ، العبقرية .. }أو بمظهر سلبي { العصاب / الذهان / التخلف العقلي / الاضطراب النفسي .. } .. ب) _ المعيار الطبيعي / ينطلق هذا المعيار في تحديد معالم وخصائص الشخصية السوية انطلاقاَ من دراسات علم النفس وعلم الأحياء ؛ إذ الشخص السوي نفسياً قادر على توظيف رموز اللغة ، ورسم المستقبل ،والاستفادة من التعلم ايجابيا ، والتواصل مع الغير .. وتكون تركيبته البيولوجية مكتملة حيث تكون فيها نسبة الذكاء متوسطة أو فوق المتوسط ، ويكون قادراً على فكَ الرموز وممارسة العمليات الذهنية المعقدة ذات الطابع التجريدي { العمليات الرياضيات / التجريد الفلسفي أو الفني أو الأدبي / تحمل المسئولية الاجتماعية .. } ..
ج) _ المعيار القيمي / يقتضي أن يحدث اتفاق سلوك الشخص السوي مع منظومة المعايير الأخلاقية السائدة / قواعد السلوك العام ، ومجاراته للقواعد السلوكية الخلقية ذات الطابع العام { أوامر – نواهي – نظم شرعية – معتقدات روحية – سلوكيات اجتماعية .. }.. د) _ المعيار الثقافي / يوجب على الشخصية إ . عدم الخروج السياق العام السائد في المجتمع { المعايير العامة ، العقل الجمعي .. }؛ لكن خصوصية الثقافة أنها نسبية لا عامة حتى داخل المجتمع الواحد ، إذ الثقافات البشرية تتفاوت وتتغاير وتتكامل ولا تتفاضل ( ك . ل . ستراوس ) : ما هو شاذ عند قوم مباح ومقبول عند قوم آخر ( فالعري مباح في المجتمعات البدائية والمجتمعات الغربية المتحررة / ومحظور ومنبوذ في المجتمات الشرقية والمشرقية المحافظة .. ) .. إذاً ، هذا المعيار الثقافي يشكو من قصور في التصور وينطوي على مبالغة زائدة ، ؛ على اعتبار أن الثقافة نسبية لا مطلقة ..
ه) _ المعيار الإكلينيكي / يحدَد السواء أو الصحة النفسية على أساس خلو شخصية الإنسان من الأعراض المرضية نفسية كانت أم اجتماعية التي تدخل في إطار الطب النفسي والطب العقلي الاجتماعي ؛ وإظهار مدى اتزانها أو توازنها مع ذاتها أو مع غيرها ..
هذا المعيار هو الآخر نسبي ولا ينطبق على كافة الأشخاص ، بدعوى أن الشخص السوي ليس سويا وسليما بشكل مطلق ..
هذا المعيار هو الآخر نسبي ولا ينطبق على كافة الأشخاص ، بدعوى أن الشخص السوي ليس سويا وسليما بشكل مطلق ..
*** تخريج / يطرح السواء النفسي للشخص الإنساني صعوبات وتحديات ومعيقات في تحديد مجاله والتعريف بطبيعته ؛ فهذا التعدَد في المعايير يعزى إلى طبيعة الشخصية ذاتها التي تمثَل بنية شديدة التعقيد والتركيب . ومن هذا المنطلق ، يجب الأخذ بكافة المعايير لمقاربة سوائها لا بالاعتماد على معيار دون غيره .
فالشخصية السوية لا تخلو ساحتها من المشاعر السلبية ، فهي قادرة بحيلها وآلياتها الشعورية واللاشعورية على لبس القناع والتستَر لتفلت من قبضة القيد وتتحرًر من قيود الأسر .. إذَ ، فتحديد الشخصية السوية بشكل دقيق صعب جداً نظراً لندرة المعلومات والدراسات ، وكل ما يتوفر عليه العلماء في هذا المجال استقوه من الدراسات السيكولوجية للشخصية اللاسوية { سجلات إكلينيكية ، وثائق طبية ، نتائج التحليل النفسي .. } .. انتهى الجزء الأول ..
فالشخصية السوية لا تخلو ساحتها من المشاعر السلبية ، فهي قادرة بحيلها وآلياتها الشعورية واللاشعورية على لبس القناع والتستَر لتفلت من قبضة القيد وتتحرًر من قيود الأسر .. إذَ ، فتحديد الشخصية السوية بشكل دقيق صعب جداً نظراً لندرة المعلومات والدراسات ، وكل ما يتوفر عليه العلماء في هذا المجال استقوه من الدراسات السيكولوجية للشخصية اللاسوية { سجلات إكلينيكية ، وثائق طبية ، نتائج التحليل النفسي .. } .. انتهى الجزء الأول ..