مالذي ترجوه امرأة فاتنة من حارسٍ ليليّ تجاوز عتبة الخمسين ؟
امرأة يكفي أن تومئ لوجهها برغيف الخبز من بعيد ، فيمتلئ قيمراً يشبع كل جياع العالم . إمرأة يحلم بشفتيها المغسولتين بصلاة الفجر ، موسى وعيسى ومحمد ، وخلال شعرها المهول تحمحم خيول ، ومن عيونها تبزغ شموس وتغيب .
ماذا يمكن أن يمنحكِ حارس تآزرت على وجهه أربع حروب ، وضغط دمه الطبيعي مائة وثمانون ، وطبيب السكر ينصحه بالإكتفاء بخبز الشعير ، وشفتاه تلتهمان أربع علب تبغ في اليوم ، نخرت أسنانه ورئتيه ، وسدت شرايينه بالقطران ،
ويحسب الخطوات منتظراً أن تتوقف نوابض قلبه السويسرية العنيدة .
حارسٌ يعاند زوجته التي تذكره ليل نهار بأنه مجرد عجوزٌ ضئيل ، آن الأوان له أن يقضي فترة العصر في الحسينية القريبة ، يعد خرزات المسبحة ويتصفح مفاتيح الجنان . حارسٌ لايتقن سوى لغة الثعالب يخاطب بها النجوم ، وتأسيس الكهرباء لبيوت الناس ، وإن الأموال المهدورة على شراء الكتب التي لايفهم منها شيئاً تعد جريمة بحق أصابعها الفارغة من قطعة ذهب ومطبخها المحروم من قدور ماركة تيفال . فأفتح علبة التبغ الرابعة ، وأصعد لغرفة المكتبة عند منتصف الليل ، وأطيل النظر إلى صورتكِ المحفوظة في الحاسوب ، لأرمم بها خاطر روحي المكسورة وأبدأ أكتب :
ــ أنت قاص فريدٌ ياولد ، ، وإن لم تفهم مصطلحات رولان بارت ، وإن لم يمنحك اتحاد الأدباء هوية ، فأنت لايكتب مثلك أحد . أنت وزرياب فقط اتقنتما وصلة العزف المنفرد التي أغوت هذه الفراشة .