فيلم ياخيل الله

Horses of God (2012)
“Les chevaux de Dieu” (original title) يا خيل الله
Director:Nabil Ayouch
Writers:Jamal Belmahi,
Mahi Binebine (novel)
Stars:Abdelhakim Rachi,
Abdelilah Rachid,
Hamza Souidek

وأنا أشاهد هذا الفيلم الجميل ، لم استطع إلا أن استحضر إلى ذهني المسلسل المصري ” العائلة ”
الذي كتبه المبدع وحيد حامد ولعب بطولته الراحل العملاق محمود مرسي والوجه الجديد ( حينها ) طارق لطفي ،
الذي حلّق في دور مصباح الإرهابي . كان هذا العمل الذي عرض للمرة الأولى عام 1994 سابقا” لغيره من الأعمال الفنية في التطرق إلى الأسباب التي تؤدي إلى التطرف والإرهاب في المجتمع وفي مقدمتها الفقر والبطالة والقمع الفكري . هذا كان عن الحالة المصرية ، فماذا عن الحالة المغربية ؟
يبدأ فيلم ” خيل الله ” والشاشة مظلمة ،يأتينا صوت شاب قائلا” :
ماذا سيكون موقف غزلان إن عرفت أنني استشهدت ؟
يجيبه صوت آخر : هناك آلاف الغزلانات في الجنة . ثم تضي الشاشة بقوة وسط ملعب لكرة القدم ، يلعب فيه الأطفال ويتشاجرون بعد أن يسدد أحدهم الكرة ويسجل هدفا” ، يحاول أحد الصبية من الطرف الخاسر التعدي على أحد الأولاد من الطرف الرابح ، يأتي الطفل ياشين ( لقب للطفل تيمنا” بحارس المرمى الروسي الشهير ياشين ) للدفاع عن صديقه ، فيهجمون عليه ، وفجأة من حيث اللامكان يأتي طفل آخر هو حميد ، بيده سلسلة حديدية ، يقفز كاللبؤة الجريحة ، ليدافع عن ياشين ، مصيبا” في طريقه الجميع بضربات سلسلته الحديدية ،
مهددا” إياهم بأنه سيكسر أرجلهم لو تعدوا على أخيه ياشين ، يساعد الجميع على الهرب و يهرب معهم ، مجتازين آراض بور وصولا” إلى الطريق الدولي الذي يجتازونه إلى حي سيدي مؤمن العشوائي الذي يدخلونه –
و هنا ترتفع الكاميرا إلى الأعلى – لتعطينا مشهدا” بانوراميا” يختصر ببلاغة بصرية مظاهر الفقر والبؤس في هذا الحي الذي يقع على أطراف العاصمة المغربية الدار البيضاء . إنه العام 1984 .
يدخل ياشين و حميد إلى منزلهما البائس ،حيث الأم تأتي مكدودة من تعب عملها كخادمة ، الأب يعاني من إكتئاب وتنتابه نوبات يصرخ فيها مطالبا” الجميع بالخروج وتركه وحيدا” ،أما سعيد الأخ الثالث فهو معزول في عالمه الخاص حيث يستمع إلى الأخبار من خلال سماعات وفيما يبدو أنه يعاني من التوحد ، أما الأخ الأكبر كريم فهو في الصحراء يخدم في الجيش المغربي ، ذهب و لم يعد . ياشين واصدقائه يبحثون في مقلب القمامة القريب منهم عما يصلح للبيع من قطع حديدية ، لأبي موسى الميكانيكي العربيد . يجدان قطعة ,،يعطيانها لحميد الذي يطلب من ياشين الذهاب لأبي موسى وبيعها له بعشرة دراهم و يلح عليه أن يطلب المبلغ المذكور . و إن لم يفعل المشتري ، فإن حميد له بالمرصاد . فقر الأم وحاجتها تمنعانها عن سؤال حميد عن مصدر المال الذي يأتي به ليعيل الأسرة ، هو يوزع المخدرات في الحي ،
ويبعد ياشين عن نشاطاته المشبوهة . هناك ثمة عرس في الحي والجميع ينتظر طومة المغنية المومس وهي والدة لطفل وحيد هو نبيل ( الذي دافع عنه ياشين في ملعب الكرة ) ،
في العرس تتواجد أيضا” غزلان التي هي أخت فؤاد ، يهواها ياشين بصمت ، يتتبع خطاها ويتقرب منها ، وبينما الجميع مشغول في معمعة العرس ،
ينسحب حميد وياشين ونبيل وفؤاد صديقهم ، إلى بيت حميد ومعهم زجاجة خمر ، يشربها حميد ونبيل ، اللذان يثملان ، فيقوم حميد بإغتصاب نبيل أمام أخيه ياشين وصديقهم فؤاد . تمر سبع سنوات لنجد حميد قد كبر وسلسلته الحديدية لا تزال في يده ، يطلب من ياشين أن يبيع الليمون كي يعيل الأسرة ، يحتج ياشين ويطلب العمل مع حميد ، لكن حميد ينهره قائلا” له : لو اصابني مكروه أنت من ستنوب عني في قيام أود الأسرة . يقوم ياشين ببيع الليمون تحت حماية حميد ،حيث يبعد عنه شذاذ آفاق السوق الذين يأخذون الإتاوات من البائعين .
” بيتبول ” هو لقب شرطي مسؤول عن أمن حي سيدي مؤمن ، هو فاسد بكل المقاييس ، رجاله يتغاضون عن ترويج المخدرات مقابل الرشاوي . الجميع يكرهونه ، وعندما يتم تغييره ، يقوم شباب الحي وصغاره بالإحتفال بهذا الحدث السعيد ،ثم يقوم الشباب بإستفزاز حميد الذي يرمي حجرا” على سيارة بيتبول فيحطم النافذة ويصيب رأسه . يهرب حميد ليتم إعتقاله ليلا” ، فيدخل السجن لمدة عامين . هنا تبدأ معاناة ياسين في السوق حيث يبقى بدون حماية . يرفض دفع الإتاوة ويطرد من السوق ، ليعمل فيما بعد عند أبو موسى ، بعد توسط نبيل لديه ،
حيث أن نبيل يعمل في دكان أبو موسى . تمر السنتان ويخرج حميد من السجن ، يذهب ياشين لرؤيته ، فيجده إنسانا” مختلفا” ، ذو لحية ومتدين . لا يستقر حميد في منزل الأسرة بل يصر على الذهاب مع أصدقائه المتدينين الذين بدأوا بالتكاثر في الحي ، وقاموا بطرد طومة منه . يصطحب حميد ياشين ( الذي يبدأ بمناداته بإسمه الأصلي ” طارق ” ) واصدقائه إلى مقر الجماعة التي ينتمي إليها . يتعرفون على أبو الزبير ،ؤ أمير الجماعة الذي يبدأ التمهيد لعملية غسل أدمغة هؤلاء الشباب . في ليلة يكون فيها أبو موسى ثملا” ، يحاول الأعتداء على نبيل ، يهب طارق لمساعدته وعندما لا يتمكن من دفع أبو موسى يقوم بضربه على رأسه بقطعة معدنية .
يذهب نبيل لإخبار حميد ، وعندها يلاحظ طارق أن أبو موسى لا يزال على قيد الحياة فيقوم بقتله . يأتي الأخوة و يأخذون الجثة ، ثم يأمر شحميد طارق ونبيل بفتح الدكان صباحا” وكأن شيئا” لم يكن . يستمر استدراج حميد لأخيه طارق وأصدقائه لحضور الإجتماعات مع الأمير ، الذي يقوم بابتزاز طارق ، مشيرا” إلى جريمته ،
وفي نفس الوقت مبررا” له إياها بأن قتل الزناديق والكفرة حلال . يبدأ تدريب الشبان جسديا” ونفسيا” وإعدادهم للدفاع عن أنفسهم . طارق يحاول أن يرى غزلان التي تدرس الخياطة ولايفلح برؤيتها لوحدها حيث أن فؤاد يرافقها ذهابا” وغيابا” حماية لها من ذئاب الحي . في أحد الاجتماعات ،
وبعد ان تكون أحداث الحادي عشر من ايلول قد وقعت ،
يتم إبلاغ حميد ، طارق ، نبيل وفؤاد بأنه تم اختيارهم ليفجروا أنفسهم في أماكن
ترتكب فيها كل الموبقات وكل ما يسيء إلى الدين .
يؤخذ من وقع عليهم الاختيار إلى الجبال في معسكر تدريبي. في إحدى الليالي يطلب حميد من طارق
التراجع لكن الأخير يرفض مشيرا” إلى أن من يتراجع مصيره القتل .
وفي تلك الليلة يسأل طارق نبيل السؤال الذي يبدأ به الفيلم . يعود الجميع إلى الحي لتوديع أهاليهم .
فؤاد يوصي الأخوة بأخته وجدته . أبو الزبير يخطب فيهم خطبة الوداع مستشهدا” بأية كريمة من القرآن الكريم ,
مؤكدا” لهم أنهم خيل الله وان موعدهم الجنة . يحلق الانتحاريون ذقونهم ويستحمون ،
يرتدون الأحزمة الناسفة ويتوجهون صباحا” إلى العاصمة ،حيث يقوم السائق بأخذهم عبر الأحياء الغنية
زارعا” في قلوبهم المزيد من الحقد تجاه الأغنياء الذين يسرقون قوت الفقراء .
ليلا” وفي محاولة أخيرة قبل تنفيذ العملية ، يطلب حميد من طارق التراجع ، فيقوم الأخير بدفعه والتوجه مع نبيل إلى الهدف المحدد ، بينما يهرب فؤاد . يدخل الصديقان إلى حانة أسبانية بعد نحر الحارس ،
ويتوغلان في الحانة ، بينما يقوم حميد بمراقبتهما من الخارج .
لقطة قريبة لعينيي حميد ، ثم لقطة لنبيل وطارق وهما ينطقان الشهادتين ، ثم تتوهج الشاشة،
لنرى مشهدا” بعيدا” للدار البيضاء من حي سيدي مؤمن في الليل ،
حيث الأطفال يلعبون الكرة ويشاهدون الانفجار عن بعد .
في تلك الليلة من عام 2003 حدثت انفجارات عديدة في الدار البيضاء وقتل العشرات ،
كان من بينهم إحدى وعشرون خيلا” من خيول الله !!!!!

رشح الفيلم لجائزة في تظاهرة نظرة ما في مهرجان كان للعام 2012 ،
وفاز المخرج نبيل عيوش بجائزة فرانسوا شاليه في نفس التظاهرة ،
كما فاز بعدة جوائز في مهرجانات عالمية مختلفة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top