قد يكونّ ماياكوفسكي معروفٌ خارج بلاده بصفته أسطورةً رومانسيّة سياسيّة أكثر ممّا هو معروفٌ كشاعر. والسّبب أنّ شعره قد أثبت حتّى الآن استعصاءه الكبير على الترجمة. وقد شجّع ذلك الاستعصاءُ العديد من القرّاء على إحياء تلك الحقيقة المجزوءة القديمة التي تقول إنّ الشّعر غير قابلٍ للتّرجمة. وهكذا فسيرة ماياكوفسكي – حياته في الحركة المستقبليّة ***، التزامه بثورة ١٩١٧، تماهيه الكامل كشاعر مع الدولة السوفياتيّة، دوره خلال عقدٍ من الزّمن كشاعرٍ منبريّ وكمبشّر، وما بدا أنّه يأسُه المفاجئ الّذي دفعه إلى الانتحار وهو بعدُ في السّابعة والثّلاثين من العمر – تسمّى كلّها مادّة مسيّرة لأنّ مادّة شعره، كانت سيرة حياته.
والحقيقة أنّ كلّ شيءٍ عند ماياكوفسكي يبدأ باللغة التي كان يستخدمها، وهذا ما يترتّب علينا تقديره حقّ قدره حتّى لو كنّا لا نجيد اللغة الروسيّة. فسيرة ماياكوفسكي، كما مأساتُه، محكومتان بالعلاقة التاريخيّة المميّزة بينه وبين تلك اللغة.
كتب ماياكوفسكي هذه القصيدة في رثاء صديقه الشاعر يسينين الذي مات منتحرا ( انهى ماياكوفسكي حياته منتحرا ك صديقه) يقول في القصيدة :
( في الحلق صليل الأسى
و أراك
تأرجح كيس عظامك
متقناً ما عجز عنه الآخرون
هارباً من هلوسة النقاد
ومن مفاهيم ” الطبقة”
أعرف
أنك لم تستسغ جمالية “الطبقة”
مع أن “الطبقة” مثلك
تحب البيرة والنبيذ
لكن الحياة مدمرة
تجعلك أحياناً
تفضل الموت من الفودكا
على الموت من السأم.
يا يسينين
لماذا احتسيت دمك في فندق (إنكلترا)
ألم يكن من الأفضل
زيادة إنتاج الحبر
ومحاربة الانتحار؟
ألم يكن من الأفضل
إعادة إنتاج الحياة
في هذا الزمن المعاند الريشة
المنزلق كطوفان من إبهام؟
ألم يكن من الأفضل
انتزاع الفرح من الأيام الآتية
ففي هذه الحياة
ليس الموت ابتكاراً
الابتكار أن نجعل الحياة أجمل.
*** تستقي هذه الحركة حدودها من النظرية النسبية التي كشفت عن البعد الزمني الذي يعبر عن الحركة والطاقة. وتظهر الاستجابة في العمل الفني في تحدب الخطوط وتقوس الأشكال، واستخدام عنصر الضوء مع هذه المقومات المستمدة من الحركة الكونية تجعل كل شيء في الوجود يتحرك ويتغير في صيرورة مستمرة.