سافرت أمال إذن ، وسافر معها كل كياني .. أخذت مني كل شيء . قلبي عقلي خيالي .. وتركتني قاعا صفصفا .. ينتابني شعور غريب لا أريد أن أبوح به أو أتخيله حتى .. أشعر كما لو أنها انفلتت مني وأنا أداعبها .. وتبخرت كما الحلم .. وتبادرت إلى ذهني تلك المقولة التي تأبى إلا أن تشبه التعامل مع الحبيب كما العصفور بين راحتينا .. هكذا أنظر إلى علاقتي بأمال .. كما لو أنني أمسك بعصفور بين كفي .. فلا أقسو عليه فيضيع .. ولا أتركه فيهرب مني .. وينفلت إلى الأبد .. فأميل إلى التعامل معه بلطف وحنان حتى أكسب وده وأجعله يستأنس بقربي ..
ربما أنظر إلى الأمور بهذا الشكل ، وأنا أتوجس من فقدانها .. لأن انفلاتها وضياعها بات هو الجزء من الحكاية الذي يؤلمني ويعذبني ويثير كل هواجسي .. بل ويؤرقني أحيانا .. ماذا لو ….؟ يبدو لي في هذه اللحظات التي أذكر فيها أمال أن شوقي إليها يكبر في دواخلي ، وينمو شعوري بحبها والإحساس به أكثر فأكثر .. ويرتفع منسوبه سريعا كلما فكرت فيها .. لم أفلح في التعبير عن هذا الشوق ، وعن ترجمة هذه الأحاسيس إلى كلام .. أو إلى ألفاظ تصف هذا الشعور اللذيذ والمؤلم في نفس الآن حينما كنا نلتقي ، أو أثناء لحظات تواصلنا ..
فبت أحفظها في صدري ، وأخفيها تحسبا لكل إنزلاق أو تأويل في غير محله قد يصدر عنها هي بالخصوص ، فتضيع صداقتنا .. ويزيد ألمي وينضاف إلى ثقل الهموم التي أعاني منها .. لكن علي أن أتكلم ! علي أن أبوح بمعاناتي .. سأبادرها بكل ما أحس به نحوها من مشاعر ، بمجرد ما تعود من سفرها ..! قد أبدو مبالغا في تصوير لهفتي وشوقي لرؤية أمال والتحدث إليها والجلوس معها . وأشياء أخرى … لكنها الحقيقة ..! لقد خفق قلبي مرة لإنسانة أحببتها وتعلقت بها . عشنا معا مر الحياة وحلوها .. إنما توالي النكسات والأزمات والإحساس بأحادية الحب .. أو الحب من طرف واحد .. أجهزت على حبنا وأدخلته ثلاجة النسيان والإهمال ..
فأصبح باردا جامدا .. لا حياة فيه .. فكان مصيره الحتمي الزوال والإندثار … ليعود النبض إلى قلبي من جديد .. وبقوة هذه المرة مع أمال ، وتخضر ربايا وتزهر بعد القحط الذي عانت منه ، ولسنين طويلة .. صحيح أنهما تتشابهان في خصال كثيرة .. في النضال والمسؤولية والمستوى الثقافي .. إنما تتجاوزها أمال عند المقارنة ، بفيض الحنان والأنوثة والرقة وتقدير صداقتنا حد التقديس ..! بل أجدها تهتم بي أحيانا أكثر من إهتمامي بنفسي ..! يعلو شأن أمال في المقارنة أيضا بذلك اللمعان الساحر في عينيها .. ترسله إشارات إلي كلما رأيتها والتقت نظراتنا . ذاك الوميض الذي تصدره عيونها رسائل ولغة لا يفهمها إلا عاشق أسير بحبها مثلي . لغة لا يعبر عنها بالكلام أو بالإشارات .. إنما تبقى حروفها وتعابيرها ساكنة هامدة تحتمل كل أصناف التأويل ..
فتقرأ بكل لغات العشق .. إنها لغة العيون ..! تبدل حالي مائة وثمانون درجة .. وتغيرت مواضيع تفكيري التي صارت كلها تستلهم وجودها من ذكر أمال وعلاقتي بها ، بالرغم من أنني لا زلت لم اتأكد من شعورها نحوي وإحساسها بلوعتي وهيامي .. حتى أصبح هذا الذكر ترانيم أنشدها على مدار الساعة .. لا يفتر لسانى بترديدها .. انفتحت أبواب ونوافذ في سماء حياتي نتيجة وضعي الجديد .
وبدأت أتطلع من خلالها إلى أشياء غابت عن عقلي وخيالي منذ سنوات طويلة .. وبت أثوق لتلك المشاعر التي غادرتني .. مشاعر الحب والحنان والعشق .. وعوضتها أخرى جثمت على نفسي لتجعلني عرضة وفريسة للهموم والكرب .. أتصور أن الحب والموت سيان .. يتخبطان خبط عشواء يصيبان ضحايهما فجأة وفي غفلة منهم ، ودون إعلام مسبق .. صحيح ، قد تبدأ العلامات في الظهور تدريجيا وتتبلور مظاهرها حتى اللحظة المعلومة ، فيصاب قلب وعقل الضحية ، ويسري فيهما الحب مثل سريان السقم في الجسم ..
فتتبدل أحوال المصاب ويسكنه الوهن والهواجس . فتظهر أعراضه على تفكيره وبدنه وسلوكاته .. ويتبدل حاله إلى أحوال .. لا يختار الحب ضحيته من فئة عمرية محددة بل يصيب المراهق والكهل .. الشاب والشيخ .. النحيف والسمين .. لا يميز بين الأعمار أو الحالات والهيآت التي يكون عليها المحب .. كم من متيم أصيب بسهام ولوعة الحب أثناء المأتم ..! أليس من الحب ما قتل ؟ ترك غياب أمال فجوة في برامجي اليومية بالرغم من أنني إعتدت في الآونة الأخيرة وقبل سفرها على هذا الغياب .. وعلى شح التواصل بيننا .
إنما كنت أطمئن لقربها الجغرافي مني وحضورها المعنوي في عقلي .. أما وأن تسافر هكذا .. فلم أطقه وحسبته كما لو أنه غياب دائم .. أو هكذا بدت لي الأمور وبررت بها خيباتي .. بالرغم من مبادرتها التواصل معي وإطلاعي على حالها عندما وطأت قدماها البلد الذي سافرت إليه .. ولو أنه تواصل لم يشف غليلي ، ولم يرفع من معنوياتي بالشكل الذي كنت أوده وأتوق إليه .. صور سلفي وهي تنزل من الطائرة أو في بهو المطار الشاسع الأنيق وهي تجر حقيبة سفرها وترسم تلك الإبتسامة الجميلة على شفتيها والنظارات الشمسية التي تزيد ملامحها بهاء .. بعثت لي بصور عن مكان إقامة الوفد ومشاهد من داخل الفندق المبهر بأضوائه وأشكاله الهندسية العصرية .. والدينامية التي تميز الأجواء فيه .. إنما لم تزد على هذه الصور أية لقطات أخرى ..
ثم تلك الرسالة النصية التي طمأنتني فيها عن وصولها والوفد المرافق لها في أحسن الظروف .. وأنها ستخلد للنوم لتستريح من وعثاء السفر ومن الدوار الذي ألم بها .. بعدها توقف تواصلها معي بالرغم من إمطاري لها برسائل نصية قصيرة أحكي لها فيها عن ما أجترحه خلال يومي ، ولو أنها أمور بسيطة تافهة قد تبدو لها بليدة مقارنة مع قيمة إنشغالاتها وطبيعة مهامها التي سافرت من أجلها .. إنما كنت أتقاسمها معها .. لم ترد على رسائلي .. فأدكت بذلك نار البعد والشوق في دواخلي .. وباتت أفكاري وتخيلاتي عرضة لتأويلات وتفسيرات أرقتني وأبعدت عني النوم ..
ربما أنظر إلى الأمور بهذا الشكل ، وأنا أتوجس من فقدانها .. لأن انفلاتها وضياعها بات هو الجزء من الحكاية الذي يؤلمني ويعذبني ويثير كل هواجسي .. بل ويؤرقني أحيانا .. ماذا لو ….؟ يبدو لي في هذه اللحظات التي أذكر فيها أمال أن شوقي إليها يكبر في دواخلي ، وينمو شعوري بحبها والإحساس به أكثر فأكثر .. ويرتفع منسوبه سريعا كلما فكرت فيها .. لم أفلح في التعبير عن هذا الشوق ، وعن ترجمة هذه الأحاسيس إلى كلام .. أو إلى ألفاظ تصف هذا الشعور اللذيذ والمؤلم في نفس الآن حينما كنا نلتقي ، أو أثناء لحظات تواصلنا ..
فبت أحفظها في صدري ، وأخفيها تحسبا لكل إنزلاق أو تأويل في غير محله قد يصدر عنها هي بالخصوص ، فتضيع صداقتنا .. ويزيد ألمي وينضاف إلى ثقل الهموم التي أعاني منها .. لكن علي أن أتكلم ! علي أن أبوح بمعاناتي .. سأبادرها بكل ما أحس به نحوها من مشاعر ، بمجرد ما تعود من سفرها ..! قد أبدو مبالغا في تصوير لهفتي وشوقي لرؤية أمال والتحدث إليها والجلوس معها . وأشياء أخرى … لكنها الحقيقة ..! لقد خفق قلبي مرة لإنسانة أحببتها وتعلقت بها . عشنا معا مر الحياة وحلوها .. إنما توالي النكسات والأزمات والإحساس بأحادية الحب .. أو الحب من طرف واحد .. أجهزت على حبنا وأدخلته ثلاجة النسيان والإهمال ..
فأصبح باردا جامدا .. لا حياة فيه .. فكان مصيره الحتمي الزوال والإندثار … ليعود النبض إلى قلبي من جديد .. وبقوة هذه المرة مع أمال ، وتخضر ربايا وتزهر بعد القحط الذي عانت منه ، ولسنين طويلة .. صحيح أنهما تتشابهان في خصال كثيرة .. في النضال والمسؤولية والمستوى الثقافي .. إنما تتجاوزها أمال عند المقارنة ، بفيض الحنان والأنوثة والرقة وتقدير صداقتنا حد التقديس ..! بل أجدها تهتم بي أحيانا أكثر من إهتمامي بنفسي ..! يعلو شأن أمال في المقارنة أيضا بذلك اللمعان الساحر في عينيها .. ترسله إشارات إلي كلما رأيتها والتقت نظراتنا . ذاك الوميض الذي تصدره عيونها رسائل ولغة لا يفهمها إلا عاشق أسير بحبها مثلي . لغة لا يعبر عنها بالكلام أو بالإشارات .. إنما تبقى حروفها وتعابيرها ساكنة هامدة تحتمل كل أصناف التأويل ..
فتقرأ بكل لغات العشق .. إنها لغة العيون ..! تبدل حالي مائة وثمانون درجة .. وتغيرت مواضيع تفكيري التي صارت كلها تستلهم وجودها من ذكر أمال وعلاقتي بها ، بالرغم من أنني لا زلت لم اتأكد من شعورها نحوي وإحساسها بلوعتي وهيامي .. حتى أصبح هذا الذكر ترانيم أنشدها على مدار الساعة .. لا يفتر لسانى بترديدها .. انفتحت أبواب ونوافذ في سماء حياتي نتيجة وضعي الجديد .
وبدأت أتطلع من خلالها إلى أشياء غابت عن عقلي وخيالي منذ سنوات طويلة .. وبت أثوق لتلك المشاعر التي غادرتني .. مشاعر الحب والحنان والعشق .. وعوضتها أخرى جثمت على نفسي لتجعلني عرضة وفريسة للهموم والكرب .. أتصور أن الحب والموت سيان .. يتخبطان خبط عشواء يصيبان ضحايهما فجأة وفي غفلة منهم ، ودون إعلام مسبق .. صحيح ، قد تبدأ العلامات في الظهور تدريجيا وتتبلور مظاهرها حتى اللحظة المعلومة ، فيصاب قلب وعقل الضحية ، ويسري فيهما الحب مثل سريان السقم في الجسم ..
فتتبدل أحوال المصاب ويسكنه الوهن والهواجس . فتظهر أعراضه على تفكيره وبدنه وسلوكاته .. ويتبدل حاله إلى أحوال .. لا يختار الحب ضحيته من فئة عمرية محددة بل يصيب المراهق والكهل .. الشاب والشيخ .. النحيف والسمين .. لا يميز بين الأعمار أو الحالات والهيآت التي يكون عليها المحب .. كم من متيم أصيب بسهام ولوعة الحب أثناء المأتم ..! أليس من الحب ما قتل ؟ ترك غياب أمال فجوة في برامجي اليومية بالرغم من أنني إعتدت في الآونة الأخيرة وقبل سفرها على هذا الغياب .. وعلى شح التواصل بيننا .
إنما كنت أطمئن لقربها الجغرافي مني وحضورها المعنوي في عقلي .. أما وأن تسافر هكذا .. فلم أطقه وحسبته كما لو أنه غياب دائم .. أو هكذا بدت لي الأمور وبررت بها خيباتي .. بالرغم من مبادرتها التواصل معي وإطلاعي على حالها عندما وطأت قدماها البلد الذي سافرت إليه .. ولو أنه تواصل لم يشف غليلي ، ولم يرفع من معنوياتي بالشكل الذي كنت أوده وأتوق إليه .. صور سلفي وهي تنزل من الطائرة أو في بهو المطار الشاسع الأنيق وهي تجر حقيبة سفرها وترسم تلك الإبتسامة الجميلة على شفتيها والنظارات الشمسية التي تزيد ملامحها بهاء .. بعثت لي بصور عن مكان إقامة الوفد ومشاهد من داخل الفندق المبهر بأضوائه وأشكاله الهندسية العصرية .. والدينامية التي تميز الأجواء فيه .. إنما لم تزد على هذه الصور أية لقطات أخرى ..
ثم تلك الرسالة النصية التي طمأنتني فيها عن وصولها والوفد المرافق لها في أحسن الظروف .. وأنها ستخلد للنوم لتستريح من وعثاء السفر ومن الدوار الذي ألم بها .. بعدها توقف تواصلها معي بالرغم من إمطاري لها برسائل نصية قصيرة أحكي لها فيها عن ما أجترحه خلال يومي ، ولو أنها أمور بسيطة تافهة قد تبدو لها بليدة مقارنة مع قيمة إنشغالاتها وطبيعة مهامها التي سافرت من أجلها .. إنما كنت أتقاسمها معها .. لم ترد على رسائلي .. فأدكت بذلك نار البعد والشوق في دواخلي .. وباتت أفكاري وتخيلاتي عرضة لتأويلات وتفسيرات أرقتني وأبعدت عني النوم ..
. لم أعد أعير أدنى إهتمام لمشاكلي الإجتماعية التي كانت ترهقني وتدخلني في متاهات الهموم والكآبة أحيانا .. أصبح إهتمامي من نوع آخر أقضي يومي في إعادة بعض المشاهد من تواصلنا ولقاءاتنا واحاديثنا معا انا وأمال ، لأملأ بها أوقاتي .. كان صديقي حليم هو المعين والمؤنس الذي يخرجني من دوامتي ، وينعش أجوائي بحلو كلامه وطيب حديثه ، وتقديره لصداقتنا التي تمتد لعقدين .. لم أبح له بأسراري رغم إلحاحه في السؤال عن حالي ومآلي مع صديقتي حتى لا أتورط في الخوض في أمور لا زالت لم تنضج بعد .. وهو يستفسرني عن تبدل ملامحي التي غابت عنها النضارة ، وصارت أقرب إلى الشحوب .. والوهن .
إنما بالرغم من ذلك كان تواجدنا معا يبعد عني أحيانا شبح ذكر أمال ، وتذكرها ولو للحظات محدودة .. كنا نجلس في مقهانا في نفس المكان تقريبا الذي أعتذنا الإنزواء فيه أنا وأمال .. بل كنت ألتفت إلى الجهة التي تظهر منها وهي تخطو خطواتها الخفيفة لتلتحق بي ومجالستي بالمقهى دون شعور مني .. انقضت مدة سفر أمال ورجعت سالمة .. بعثت لي صورتين أخذتهما لنفسها عند وصولها ، وهي تغادر بهو المطار تجر حقيبتين .. إنما غابت عن ملامحها الإبتسامة والنظارات الشمسية .. وأخبرتني في كلمة مقتضبة ..
أنها في حاجة كبيرة للراحة والهدوء حتى تستعيد عافيتها وحيويتها .. ستقضيها في المنزل بعد أن منحتها أدارتها عطلة إستثنائية لبضعة أيام . وسنتواصل بعد معافاتها .. قبلت بالوضع وأثنيت عليها وعلى تواصلها وعلى عودتها .. وتمنيت لها الراحة والعافية … تحدثنا طويلا البارحة أنا وأمال عبر الهاتف ولم نعر قيمة للزمن .. رجعنا بأحاديثنا إلى سابق عهدها ، نتحدث عن كل صغيرة كبيرة ، ونتداول في جميع المواضيع .. سألنا بعضنا عن أخبارنا وأحوالنا وأحوال عائلاتنا .. وعن سفرها وإقامتها .. ولو أنها لم تسهب في الحديث عنها .. حيث أخبرتني أنها سترجيء الحديث عن فترة السفر وما رافقها من أحداث حتى نلتقي . – سأحكي لك غدا حينما نكون في مقهانا ، بتفصيل عن زيارتي للمدينة التي أقمنا فيها طيلة مدة سفرنا .. وسأعزز حديثي بصور وأشرطة أخزنها في ذاكرة هاتفي ، عن عدد من فضاءات المدينة التي زرنا ، وعن أشغال اللقاءات والندوات التي عقدناها هناك مع مسؤولي وزارة الثقافة عندهم ،
وكذا مع عمدة وممثلي مجالس المدينة التي بها المعرض .. ومع وفود بعض الدول الشقيقة والصديقة التي حضرت إلى هناك ، وأخيرا عن المؤتمر الذي شاركت فيه وفود الدول المرتبطة مع البلد المضيف باتفاقيات وشراكات ثقافية .. إتفقنا على أن يكون لقاءنا في المقهى طويلا بعض الشي مقارنة مع سابقيه لكثرة اشتياقنا لبعضنا البعض .. ولو أن أمال لم تفصح عن شعورها إنما أستشفيته من كلامها .. بينما عبرت أنا عن إشتياقي ولهفتي للقاء صديقتي جهرا .. إنها الحقيقة ..! طلبنا ترويقتين ، فالمقهى معروفة بتهيء التراويق الغنية بالأطعمة المتنوعة ، حتى أن رائحة طهيها تثير شهية الزبناء فيطلبونها ، ويقبلون عليها بنهم كبير ..
ثم أجلنا شرب قهوتنا إلى ما بعد الإفراغ من الأكل ، وخلال حديثنا عن سفر وإقامة أمال وما حبلت به من أنشطة ، وهي تعرض علي عددا من الصور وأشرطة توثق بها هذا الحدث .. – لاحظ هذه الصور إنها للفضاءات القريبة من الفندق .. لاحظ حداثة التجهيزات ورقي تهيئتها العمرانية .. وإلى جمال مبانيها .. ونقاء بيئتها .. – ممتاز .. مدينة عصرية بمعنى الكلمة .. البناية البنية الزجاجية هي بناية الفندق على يسار الصورة ؟ – نعم تماما هو ذا الفندق .. وهذه صور من داخله .. لاحظ أناقة البهو وفخامة الأفرشة .. هنا فضاءات الإطعام .. تليها القاعات التي كنا نجتمع فيها .. – أما هذه الصور فهي للفضاءات الخلفية للفندق .. لاحظ المسابح والمساحات الخضراء وأماكن الإسترخاء .. فندق عصري وراقي فعلا .. – جميل جدا كنت بارعة في التقاط الصور .. – هؤلاء هم أعضاء وفدكم ..؟ – نعم .
وبجوارنا تجلس وفود الدول التي التقينا بها وتباحثنا معها في قضايا الثقافة ببلداننا .. – إذن كانت مدة الإقامة مليئة بالأنشطة والمباحثات واللقاءات .. يبدو ذلك من الصور ومن الدينامية التي عليها فضاء الفندق .. – شاهد هذا الشريط .. يشمل لحظات المؤتمر وعشاء عمل أقيم على شرف الوفود المشاركة .. فعلا كانت أياما مليئة بالأنشطة والعمل والحركة .. – في الأيام الأخيرة كنا نخصص الصباحات للعمل ، والمساءات للتجول والتبضع من الفضاءات التجارية .. – تأمل هذه الصور ، تنقل تجولنا في فضاء تجاري ضخم وأنيق ، تتوفر فيه كل متطلبات الزوار .. من أبسط الحاجيات إلى المطاعم والمقاهي وفضاءات لعب الأطفال .. تصادف مظاهر التحضر في كل شبر من المدينة .. – لاحظت كذلك أثناء تجولنا أننا لم نصادف الأطفال دون مرافقة أواليائهم .. وهم قلة ..
ولم نصطدم معهم يثيرون الضجيج في الأزقة والشوارع وهم يصيحون ويتجاذبون أمور اللعب والتباري … حكت لي أمال كثيرا عن سفرها وإقامتها وأنشطتها وعن المدينة التي أقاموا فيها .. بل وتمنت لو كنت معها هناك لأقف بنفسي على ما تحكيه لي .. وأنا أتملى بطلعتها المشرقة وهي تحكي .. كما لو أنها تقدم دروسا أو محاضرة في أدب الرحلة .. أتابع حركات عيناها التي أشتقت إليهما .. وشفتيها وهي تتحرك أثناء الحديث .. وأنا منجذب إليها كليا لا أفكر في أي شيء آخر .. – لدي مفاجأتين لك يا صديقي .. – شكرا .. فكرت في صديقك صابر البائس .. أنت طيبة وعطوفة .. وكلك حنان وصفاء .. – ماهذا أجمعت كل الصفات حقا ..
هل فعلا أتصف بكل هذه الخصال ؟ – نعم .. وأكثر .. على الأقل بالنسبة لي .. لا ينازعني في تقديري لقيمتك ورأيي في شخصك ، أيا كان .. – شكرا صديقي صابر على مجاملاتك .. ومديحك .. – المفاجأة الأولى يا صديقي هي هدية انتقيتها لك من الفضاء التجاري الذي أطلعتك على صور منه .. سأقدمها لك حينما توصلني إلى المنزل .. ثم سكتت أمال قليلا وهي لا زالت تنظر إلى شاشة هاتفها .. وأنا متلهف لأسمع المفاجأة الثانية .. أريد شيئا أقوى من الهدية … أريد أن أشعر بشيء يوقد إحساسي أكثر نحوها ..
إنما بالرغم من ذلك كان تواجدنا معا يبعد عني أحيانا شبح ذكر أمال ، وتذكرها ولو للحظات محدودة .. كنا نجلس في مقهانا في نفس المكان تقريبا الذي أعتذنا الإنزواء فيه أنا وأمال .. بل كنت ألتفت إلى الجهة التي تظهر منها وهي تخطو خطواتها الخفيفة لتلتحق بي ومجالستي بالمقهى دون شعور مني .. انقضت مدة سفر أمال ورجعت سالمة .. بعثت لي صورتين أخذتهما لنفسها عند وصولها ، وهي تغادر بهو المطار تجر حقيبتين .. إنما غابت عن ملامحها الإبتسامة والنظارات الشمسية .. وأخبرتني في كلمة مقتضبة ..
أنها في حاجة كبيرة للراحة والهدوء حتى تستعيد عافيتها وحيويتها .. ستقضيها في المنزل بعد أن منحتها أدارتها عطلة إستثنائية لبضعة أيام . وسنتواصل بعد معافاتها .. قبلت بالوضع وأثنيت عليها وعلى تواصلها وعلى عودتها .. وتمنيت لها الراحة والعافية … تحدثنا طويلا البارحة أنا وأمال عبر الهاتف ولم نعر قيمة للزمن .. رجعنا بأحاديثنا إلى سابق عهدها ، نتحدث عن كل صغيرة كبيرة ، ونتداول في جميع المواضيع .. سألنا بعضنا عن أخبارنا وأحوالنا وأحوال عائلاتنا .. وعن سفرها وإقامتها .. ولو أنها لم تسهب في الحديث عنها .. حيث أخبرتني أنها سترجيء الحديث عن فترة السفر وما رافقها من أحداث حتى نلتقي . – سأحكي لك غدا حينما نكون في مقهانا ، بتفصيل عن زيارتي للمدينة التي أقمنا فيها طيلة مدة سفرنا .. وسأعزز حديثي بصور وأشرطة أخزنها في ذاكرة هاتفي ، عن عدد من فضاءات المدينة التي زرنا ، وعن أشغال اللقاءات والندوات التي عقدناها هناك مع مسؤولي وزارة الثقافة عندهم ،
وكذا مع عمدة وممثلي مجالس المدينة التي بها المعرض .. ومع وفود بعض الدول الشقيقة والصديقة التي حضرت إلى هناك ، وأخيرا عن المؤتمر الذي شاركت فيه وفود الدول المرتبطة مع البلد المضيف باتفاقيات وشراكات ثقافية .. إتفقنا على أن يكون لقاءنا في المقهى طويلا بعض الشي مقارنة مع سابقيه لكثرة اشتياقنا لبعضنا البعض .. ولو أن أمال لم تفصح عن شعورها إنما أستشفيته من كلامها .. بينما عبرت أنا عن إشتياقي ولهفتي للقاء صديقتي جهرا .. إنها الحقيقة ..! طلبنا ترويقتين ، فالمقهى معروفة بتهيء التراويق الغنية بالأطعمة المتنوعة ، حتى أن رائحة طهيها تثير شهية الزبناء فيطلبونها ، ويقبلون عليها بنهم كبير ..
ثم أجلنا شرب قهوتنا إلى ما بعد الإفراغ من الأكل ، وخلال حديثنا عن سفر وإقامة أمال وما حبلت به من أنشطة ، وهي تعرض علي عددا من الصور وأشرطة توثق بها هذا الحدث .. – لاحظ هذه الصور إنها للفضاءات القريبة من الفندق .. لاحظ حداثة التجهيزات ورقي تهيئتها العمرانية .. وإلى جمال مبانيها .. ونقاء بيئتها .. – ممتاز .. مدينة عصرية بمعنى الكلمة .. البناية البنية الزجاجية هي بناية الفندق على يسار الصورة ؟ – نعم تماما هو ذا الفندق .. وهذه صور من داخله .. لاحظ أناقة البهو وفخامة الأفرشة .. هنا فضاءات الإطعام .. تليها القاعات التي كنا نجتمع فيها .. – أما هذه الصور فهي للفضاءات الخلفية للفندق .. لاحظ المسابح والمساحات الخضراء وأماكن الإسترخاء .. فندق عصري وراقي فعلا .. – جميل جدا كنت بارعة في التقاط الصور .. – هؤلاء هم أعضاء وفدكم ..؟ – نعم .
وبجوارنا تجلس وفود الدول التي التقينا بها وتباحثنا معها في قضايا الثقافة ببلداننا .. – إذن كانت مدة الإقامة مليئة بالأنشطة والمباحثات واللقاءات .. يبدو ذلك من الصور ومن الدينامية التي عليها فضاء الفندق .. – شاهد هذا الشريط .. يشمل لحظات المؤتمر وعشاء عمل أقيم على شرف الوفود المشاركة .. فعلا كانت أياما مليئة بالأنشطة والعمل والحركة .. – في الأيام الأخيرة كنا نخصص الصباحات للعمل ، والمساءات للتجول والتبضع من الفضاءات التجارية .. – تأمل هذه الصور ، تنقل تجولنا في فضاء تجاري ضخم وأنيق ، تتوفر فيه كل متطلبات الزوار .. من أبسط الحاجيات إلى المطاعم والمقاهي وفضاءات لعب الأطفال .. تصادف مظاهر التحضر في كل شبر من المدينة .. – لاحظت كذلك أثناء تجولنا أننا لم نصادف الأطفال دون مرافقة أواليائهم .. وهم قلة ..
ولم نصطدم معهم يثيرون الضجيج في الأزقة والشوارع وهم يصيحون ويتجاذبون أمور اللعب والتباري … حكت لي أمال كثيرا عن سفرها وإقامتها وأنشطتها وعن المدينة التي أقاموا فيها .. بل وتمنت لو كنت معها هناك لأقف بنفسي على ما تحكيه لي .. وأنا أتملى بطلعتها المشرقة وهي تحكي .. كما لو أنها تقدم دروسا أو محاضرة في أدب الرحلة .. أتابع حركات عيناها التي أشتقت إليهما .. وشفتيها وهي تتحرك أثناء الحديث .. وأنا منجذب إليها كليا لا أفكر في أي شيء آخر .. – لدي مفاجأتين لك يا صديقي .. – شكرا .. فكرت في صديقك صابر البائس .. أنت طيبة وعطوفة .. وكلك حنان وصفاء .. – ماهذا أجمعت كل الصفات حقا ..
هل فعلا أتصف بكل هذه الخصال ؟ – نعم .. وأكثر .. على الأقل بالنسبة لي .. لا ينازعني في تقديري لقيمتك ورأيي في شخصك ، أيا كان .. – شكرا صديقي صابر على مجاملاتك .. ومديحك .. – المفاجأة الأولى يا صديقي هي هدية انتقيتها لك من الفضاء التجاري الذي أطلعتك على صور منه .. سأقدمها لك حينما توصلني إلى المنزل .. ثم سكتت أمال قليلا وهي لا زالت تنظر إلى شاشة هاتفها .. وأنا متلهف لأسمع المفاجأة الثانية .. أريد شيئا أقوى من الهدية … أريد أن أشعر بشيء يوقد إحساسي أكثر نحوها ..
سكت عن المفاجأة الثانية .. وتركتني عرضة للتكهنات والتأويلات ..! – أين وصلت في تحرياتك وأبحاثك عن الشقة ..؟ – ليس هناك شيء واضح لحد الآن .. هناك وعود بإمكانية إيجاد شقة هنا في هذه المنطقة .. إنما لا يسعني إلا أن أنتظر .. – يبدو أنك مصر على أن تسكن هنا .. في هذه الأحياء .. تريد أن تقطن بجوار صديقتك ؟ هههه . – فكرة رائعة .. ولم لا ؟ انجذبت إلى هذه المنطقة أكثر من غيرها ، لحداثتها وجمال عمرانها وجودة تجهيزاتها .. وقربها من البحر .. ومنك .. – حتى أشاركك رياضة المشي ونتحدث أثناءها أكثر .. ينصح المتخصصون بضرورة ممارستها يوميا خلال عشرين دقيقة كحد أدنى .. تساعد على تنشيط خلايا المخ والدورة الدموية ، ومنافع عضوية ونفسية أخرى .. بل قد يزورك الإلهام وأنت تمشي .. فكم من أديب وفنان ومبدع استوحى معظم أعماله من لحظات المشي .. تقاطعني أمال ضاحكة وهي تردد تلك اللازمة التي لم أسمعها منذ مدة زمنية طويلة ..
– لا تتوقف عن التحليل يا صابر .. تخوض في كل شيء .. كلنا نعلم فوائد المشي .. ! أردفت كلاما دون أن أترك لها فرصة إتمام ردها وأنا اضحك لضحكها حتى نكون على نفس موجات الحديث .. – لي فيه شي طبيعة ما يبيعا .. وتضيف أمال مثلا آخر بنفس المعنى … – حتى زين ما خطاتو لولة … ثم توقفني بإشارة من يدها حتى لا أخوض في الحديث عن الزين مرة أخرى ..! – هذا قمع ممنهج أيتها الرفيقة ومصادرة لحرية التعبير وإبداء الرأي .. لن نسكت على مثل هذه السلوكات والأفعال البائدة .. ثم تضيف أمال في نفس الغرض .. – وجب ضبط سلوكات بعض الرفاق حتى لا تتسرب الفوضى إلى صفوفنا ، لنعيد الأوضاع إلى حالتها السابقة ..!
أنفجرنا بالضحك مليا على هذه التعابير التي استوحيناها من الماضي النضالي كما نسميه ، وضربنا كفا بكف تعبيرا منا عن التقاء أفكارنا وتكاملها وانسجامها … – المفاجأة الثانية إذن ياصديقي صابر هي هذه !! ثم وضعت مفتاح شقتها في كفي .. بمجرد ما لمست يدها راحتي حتى أطبقت عليها بكف يدي الأخرى وصار كفها كالعصفور بين راحتي .. حاول الإنفلات في البداية .. إنما استسلم لدفئي ، فبدأت أحس بدقات قلب أمال في كفها .. لتلتحم نبضات قلبينا ، وأصوات خفقانهما يسمع في أذناي كنغمات طبول بعيدة ..
أو كبداية معزوفة موسيقية فريدة .. ثم سحبت كفها برقة تاركة المفتاح في يدي .. أخذته ونظرت إليها ، وأنا أشكرها على حسن صنيعها .. وأثني على كرمها .. وهي تنظر إلي نظرة مختلفة تخفي وراءها مشاعر من نوع آخر لم أتمكن من قراءة وفهم مغزاها .. وأصرح لها بنيتي في اعتماد صيغة التعامل معها في شأن الشقة .. – إنما علينا اتباع الطرق القانونية المعمول بها في مجال الكراء ..! – لك ما تريد .. إنما علينا زيارة الشقة .. لأطلعك على فضاءاتها وما إن كانت تتوافق مع متطلباتك .. ومع تصورك لنوع السكن الذي تريده .. لا أدري كيف هو حالها الآن .. فلم أزرها منذ فترة .. علينا تفقدها لأقف على حالتها الراهنة أنا كذلك .. هيا بنا .. – ماذا لو تفضلت بالسياقة .. حتى لا أزعجك بالسؤال عن الإتجاه ، وعن الطريق الذي علي أن أسلكه نحو الإقامة التي بها الشقة ..
– لا تتوقف عن التحليل يا صابر .. تخوض في كل شيء .. كلنا نعلم فوائد المشي .. ! أردفت كلاما دون أن أترك لها فرصة إتمام ردها وأنا اضحك لضحكها حتى نكون على نفس موجات الحديث .. – لي فيه شي طبيعة ما يبيعا .. وتضيف أمال مثلا آخر بنفس المعنى … – حتى زين ما خطاتو لولة … ثم توقفني بإشارة من يدها حتى لا أخوض في الحديث عن الزين مرة أخرى ..! – هذا قمع ممنهج أيتها الرفيقة ومصادرة لحرية التعبير وإبداء الرأي .. لن نسكت على مثل هذه السلوكات والأفعال البائدة .. ثم تضيف أمال في نفس الغرض .. – وجب ضبط سلوكات بعض الرفاق حتى لا تتسرب الفوضى إلى صفوفنا ، لنعيد الأوضاع إلى حالتها السابقة ..!
أنفجرنا بالضحك مليا على هذه التعابير التي استوحيناها من الماضي النضالي كما نسميه ، وضربنا كفا بكف تعبيرا منا عن التقاء أفكارنا وتكاملها وانسجامها … – المفاجأة الثانية إذن ياصديقي صابر هي هذه !! ثم وضعت مفتاح شقتها في كفي .. بمجرد ما لمست يدها راحتي حتى أطبقت عليها بكف يدي الأخرى وصار كفها كالعصفور بين راحتي .. حاول الإنفلات في البداية .. إنما استسلم لدفئي ، فبدأت أحس بدقات قلب أمال في كفها .. لتلتحم نبضات قلبينا ، وأصوات خفقانهما يسمع في أذناي كنغمات طبول بعيدة ..
أو كبداية معزوفة موسيقية فريدة .. ثم سحبت كفها برقة تاركة المفتاح في يدي .. أخذته ونظرت إليها ، وأنا أشكرها على حسن صنيعها .. وأثني على كرمها .. وهي تنظر إلي نظرة مختلفة تخفي وراءها مشاعر من نوع آخر لم أتمكن من قراءة وفهم مغزاها .. وأصرح لها بنيتي في اعتماد صيغة التعامل معها في شأن الشقة .. – إنما علينا اتباع الطرق القانونية المعمول بها في مجال الكراء ..! – لك ما تريد .. إنما علينا زيارة الشقة .. لأطلعك على فضاءاتها وما إن كانت تتوافق مع متطلباتك .. ومع تصورك لنوع السكن الذي تريده .. لا أدري كيف هو حالها الآن .. فلم أزرها منذ فترة .. علينا تفقدها لأقف على حالتها الراهنة أنا كذلك .. هيا بنا .. – ماذا لو تفضلت بالسياقة .. حتى لا أزعجك بالسؤال عن الإتجاه ، وعن الطريق الذي علي أن أسلكه نحو الإقامة التي بها الشقة ..