بالأمَسِ إغتِيلَتْ نِينِوى الحَدْباءُ …
وَغَداً سَتُغْتَالَ أخُتُها بَابِلُ الفَيْحَاءُ ..
إيماناً مِنا أنَّ مِنْ أعظمِ مصائب الأمم والشعوب هو غِيابُ الوعي التأريخي
وما يَزيدُ الطين بِلَّة عُزوف قسمٌ كبيرٌ من الجيلِ الناشئ عنِ المطالعة
ومحاولة سبر أغوار تَداعياتِ الأحداثِ ومحاولة فهمِ وإستيعاب ما جرى
وسيجري وما سيؤول إليه الحال ، وما يُزيدُ الأمر سوءاً هو المعاناة
من ضياع إتجاه البوصلة حتى أصبح المحتلُ هو المُحَرِرُ وأضحى الغازيِ
هو الفاتِح وأمسى الخائنُ هو المُخَلِّص والهجينُ الدخيلُ هو مَنْ يتسيد
المشهدبعد أن إختلطَ الحابِلُ بالنابلِ وتشابكت الخيوط فأصبح الغَزْلُ أنكاثاً
فإدلَهَمَ الخطبُ وعَظُمَتْ الرزِية وتداعت الأحداثُ مِثلَ كُرَةِ الثلج في ظِل
قتامة المنظر وسوداويةِ الأيام لذا كان لِزاماً أن نَضَعَ بعض النقاطَ على
الحروف ونُحاول تأصيل الأمور مع بيانٍ بأنَّ الأمم لن تنسى ثأرها طال
الزمان أمْ قَصُرْ وسنحاول عسى أن نُسهمَ في إزالة الغبش عَنِ العُيون .
أولاً . اليهود لن ينسوا ثأرهم :
في زيارتي إلى معالي السفير الفلسطيني في بغداد
السيد أحمد عقل وتنقلي بين أروقة مكتبة السفارة ومطالعتي لبعض
الكتبُ القَيِّمة التي وقعت بين يدي أثار حفيظتي تركيز دعاة الصهيونية
إهتمامهم (وأنا هنا أنقل مما قرأت من كتب اليهود)
بإعادة بناء دولتهم في فلسطين لما يصلهم بها مِنْ عواطِف الدين والتأريخ ،
ولما لهذه الصِلة الروحية والنفسية مِنْ قوة في تركيز جهود اليهود
نحو تحقيق هذا الهدف المثالي ، وهذا الحلم الأخاذ ،
وما أفعل في النفس مِن إستخدام المواثيق التي إمتلأت بها التوراة ،
والتي عقدها الرب “يهوه” مع بني إسرائيل في أن يعطيهم ويورثُهم
إلى الأبد أرض كنعان بل ” الأرض مِن نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفُرات ”
لكي يخدموا بهذا الحق الإلهي في أرض فلسطين مطمعاً إستعمارياً صاغه
دُعاة الصهيونية لينقِذوا دماء إخوانهم في العصبية والدِين ،
بإهراقِ دماء العرب مِنْ غير اليهود …!!!
وفي كتابٍ آخر أنقل أشجانهم عِبر الزمن …
حيثُ بَكىَ شُعراءُ اليهود فِلسطين بَعدَ أن سَباهم
تابو خد ناصر “نبو خذ نصّر” وقادهم إلى بابل سنة 586 ق. م بقولهم :
” عَلى أنهارِ بابل جَلسنا وبكينا عندما تَذكرنا صهيون ،
على الصفصاف في وسطها عَلقّنا أعوادنا ،
لأن الّذين أسرونا طلبوا مِنّا أن نُرَنِم لَهُم مِنْ تَرنيمات صهيون …
كيف نُرنِم ترنيمةُ الربِ في أرضٍ غريبة ،
إِنْ نسيتُك يا أروشليم تنسى يميني ،
يا بِنْت بابِل طوبى لِمن يُجازِيك جزاءك الّذي جَزَيتِنا ” .
ثانِياً : اليبوسيون هُمْ بُناة القُدْس الأوائِل :
يُعتَبَر اليبوسيون بُناة القُدس الأوائل ،
وقد كانوا رهطاً من بطون العَرَبْ الأولين الذين نزحوا مِنْ
شُبهِ جزيرة العرب معَ مَنْ نَزَح مِنْ القبائل الكنعانية وإستوطنوا أرضَ فلسطين ،
وقد عُرِفَت القُدس بإسم (يبوس) نسبةً إلى سكانها اليبوسيين
ويرجعُ إسمَ يبوس إلى جدهم الأكبر (يبوس) ( ) حيثُ يعود
تأريخ نشأة القُدس إلى حوالي 3000 ق.م ،
وقد بنى اليبوسيون بقيادة ملكهم “ملكي صادق” مدينة القدس ،
وقد ورد في سفر التكوين أنَّ مدينة أورشليم وملكي صادق
ملك أور ساليم أخرج خبزاً وخمراً وكان كاهناً لله العلي ،
وفي مرحلة لاحقة أطلق اليبوسيون على مدينتهم إسم ” أورساليم”
وهي تعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم نسبةً إلى
سالم إله السلام عندهم وكان ملكي صادق هو ملك مدينة القدس
طبقاً لروايات التوارة (سفر التكوين الإصحاح الرابع عشر الآية 18) .
كانت ديانة اليبوسيين مزيجٌ من العقائِد الساميّة والحورية ،
وقد حكم اليبوسيون القُدس للفترة الممتدة من 2600 ق.م لغاية 1049 ق.م ،
وقد ورد أنَّ اليبوسيين شعب سامي كنعاني من جنوب بلاد الشام خلال الألف الثالث ق.م ،
كانوا يقطنون في منطقة القدس فقط ،
إستقروا في المنطقة لمدةٍ طويلةٍ حتى وصول بني إسرائيل في القرن الثاني عشر ق.م،
وقد قاوموا الغزو الإسرائيلي بشراسةٍ إلى أن تمكن بنو إسرائيل
من السيطرة على المدينة سنة 1049 ق.م ،
وهكذا إستولى الإسرائيليون على المدينة بقيادة الملك داوود ،
وقد تكرر أكثر من مرة في كتاب العهد القديم بأنَّ اليبوسيين هم
سُكانُ أورشاليم الأصليين وأنهم لم يتركوا أرضهم أبداً مثلما تَذكُر بعض
الإدعاءات بأنه عندما دخل الملك داوود إلى مدينة يبوس هرب منها أهلها
وتشتتوا في بلاد الشام ،
فقد ذكرات التوراة أنهم ظلوا يسكنون أورشاليم حتى عصر داوود
( سفر يشوع الإصحاح الخامس عشر الآية 63) .
وقد ورد في سفر القضاة ما يلي :
وأمّا اليبوسيون الساكنون في أورشليم فلم يقدر بنو يهوذا على طردهم
فسكن اليبوسيون في أورشليم إلى هذا اليوم ؛
وبناءاً على ما تقدم فإنَّ العرب اليبوسيون هم أهل القُدس وهم بُناتها
ولم يتمكن الإسرائيليون من طرد اليبوسيين من مدينة أورشاليم
بل إضطروا إن يشاركوهم في سكن مدينتهم وإندمجوا معهم
بل وتناسبوا فيما بينهم (سفر القضاة الإصحاح الأول الآية 21).
ثالثِاً : عَدم إستتباب الأمن في القُدس :
لقد كان شاؤول أول ملك على اليهودية للفترة (1035 – 1015) ق.م ،
ثم تبعه الملك داوود (1015 – 975) ق.م ، أعقبه الملك سليمان (975 – 935) ق.م ،
بعد وفاة الملك سليمان (935) ق.م إنقسمت المملكة إلى مملكتين وكما يلي :
1 . المملكة الجنوبية :
وتدعى يهوذا وعاصمتها أورشليم ولقد ملك عليها من سنة (935 – 586) ق.م
عشرون ملكاً كلهم من عشيرة داوود (ماعدا) الملك (أخزيا بن يهورام)
إذ كانت أمه بنت عمري ملك إسرائيل .
2 . المملكة الشمالية :
وتدعى إسرائيل وعاصمتها السامرة وكان هذا القسم عشرة أسباط
وأول ملك عليها هو (يربعام) وقد عصفت بالمملكتين صراعات مريرة
دامت أكثر من مائتي عام (935 – 721) ق.م .
دخل داوود القُدس حوالي الألف قبل الميلاد دون أن يتمكن من
إنتزاع أهلها اليبوسيين وقد شَهِدتْ هذه الفترة تجاذُباتٍ وحروبٍ داخلية
وصراعات مع المحيط الكنعاني ،
ولقد دام حُكم (إسرائيل) 209 سنوات للفترة (931 – 722) ق.م ،
ودام حُكم (يهوذا) 245 سنة للفترة (931 – 686) ق.م ،
ومن المُرَجَح أن الكنعانيين قد إستنجدوا بأقربائهم من العموريين
الذين كانوا قد أقاموا دولاً قوية في بلاد الرافدين ….
رَابِعاً : السَبِي الآشوري :
أمام هذا الإضطراب بدأ الغزو الآشوري عام (723) ق.م
حيث قاد الملك الأشوري (شيلمنصر الخامس) حملة على المملكة الشمالية ،
ومما تجدر الإشارةُ إليه أن الملك شلمنصر الخامس إستلم الحُكم بعد
(تغلث بلاسر الثالث) في عام (727) ق.م وفرض جزية كبيرة على مملكة إسرائيل،
إلا أنّ (هوشع) الذي كان آخر ملوك إسرائيل،
إمتنع عن دفع الجزية لآشور، وحاول أن يعقد حلف دفاعي مع مصر ضد آشور
(سفر الملوك الثاني 17: 4) لم تكن حالة مصر في ذلك الوقت تسمح لها
بِتقديم مساعدة حقيقية لِلملِك الإسرائيلي (هوشع) لذلك في عام 724 ق.م
هاجم (شلمنصر الخامس) إسرائيل، ولم تواجه قواته مقاومة كبيرة من جانب الإسرائيليين ،
فإحتل الآشوريون كل البلاد ما عدا العاصمة الإسرائيلية (السامرة)
التي كانت حصينة وإستطاعت أن تقاوم الحصار لِثلاث سنوات ،
وقبل أن ينجح في هذه الحملة العسكرية
توفي الملِك شلمنصر الذي كانت وفاته في سنة 722 ق.م ،
إلا أنّ قائد الحملة العسكرية الآشورية إستمر في العمليات العسكرية
بعد وفاة الملِك الآشوري وإستطاع بعد حصارٍ دام ثلاث سنوات أن يحتلّ العاصمة الإسرائيلية (السامرة) في عهد الملِك الآشوري (سرجون الثاني) (722 – 705 ) ق.م
الذي خلّف الملِك (شلمنصر الخامس) بإحتلال مدينة (السامرة)
وهكذا تمّ القضاء على مملكة إسرائيل وكان ذلك في سنة 722 ق.م
(سفر الملوك الثاني 17: 6 ، 18: 9) بعد تدمير مدينة (السامرة)
وتمّت إعادة تنظيم إدارة إسرائيل وأصبحت البلاد مُجرد ولاية آشورية بإسم “سامريا”
يحكمها حاكِم آشوري ،
الذي أتم تقويض إسرائيل كان الملك (سرجون الآشوري) سنة 721 ق.م
حيث فرض الجزية على المملكة الجنوبية التي تضم القدس ،
ما بين عامي (705 و 681) ق.م ، قام سرجون وخلفه سنحاريب
بسلسلة من الحملات والعمليات الحربية ضد المدن الكنعانية والفلسطينية
وبلغت ذروتها عام 701 ق.م بحصار القدس ،
وتذكر المصادر التأريخية أن (ربشاقي) القائد الآشوري جاء في جيش كبير
ودك أسوار المدينة وكان رجاله مزودين بالسيوف والنبال والتروس والأقواس والرماح ،
ولهم مركبات خفيفة يجر الواحد منها حصانان وكانتا لهم وسائل نقل منظمة …
خَامِساً : القضاء على مملكتَي إسرائيل و يهوذا :
كانت مملكة (يهوذا) بلاد صغيرة حائرة بين الإنحياز الى جارتها الغربية “مصر”
أو جارتها الشرقية “آشور” المتنافستَين على النفوذ والسلطة في المنطقة ،
وفي النهاية قرّر (حزقيا) ملك مملكة (يهوذا) الإنحياز إلى مصر
لكنَّ هذا الإنحياز أغضب الملِك الآشوري (سنحاريب) (705 – 681) ق.م ،
الذي قرّر القيام بحملة عسكرية على مملكة (يهوذا) لإخضاعها والقضاء عليها ،
لذلك قام ملِك مملكة (يهوذا) بإرسال وفد إلى مصر طلباً للمساعدة،
فوعده المصريون بِتقديم المساعدة والعون العسكري للمملكة ،
إلا أنهم لم يُقدموا أية مساعدة لِمملكة (يهوذا) لقد إنتقد النبي (إشعياء) الملِك (حزقيا)
في إعتماده على ملِك مصر بدلاً من إعتماده على الرب
(سِفر إشعياء 30 : 1-7، إشعياء 31: 1)
وهكذا إستطاع الآشوريون إحتلال مملكة (يهوذا) والقضاء عليها وقاموا بِسَبي سُكّانها .
يذكر الملِك الآشوري (سنحاريب) في كتاباته المنقوشة على جدران قصره
في (نينوى في الموصل) عن حملته العسكرية على مملكة (يهوذا) وقضائه عليها
ما يلي :
{أما (حزقيا) اليهودي فلم يرضخ لِسُلطتي ، فحاصرتُ (46) مدينة من مُدنه المُحصّنة ،
عدا القرى المجاورة التي لا يُحصى عددها ،
وإستوليتُ عليها كُلّها بإستخدام أنواع الآلات الحربية والمنجنيقات ،
مما ساعدنا على الإقتراب من الأسوار وإختراقها ،
وقد أخذنا منهم (مائتي ألف) نسمة رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً مع حيواناتهم
من الخيول ، والبغال، والحمير، والجِمال كبيرة وصغيرة لا تُحصى ،
هذه كلها غنائم إستولينا عليها،
وهو شخصياً جعلتُه حبيساً في (أورشليم) في قصرِه كالطير في القفص ،
وأحطتُه بأكوامٍ من الأتربة للتضييق على كل مَن حاول الخروج من المدينة} . ( )
أما التوراة فتقول عن الحملة العسكرية لِـ(سنحاريب) على مملكة (يهوذا) وأخذه الجزية
ما يلي :
{وفي السنة الرابعة عشرة للملِك (حزقيا) صعد (سنحاريب) ملِك آشور
على مدن يهوذا إلى ملِك آشور في لاكيش وقال له
لقد أخطأتَ فإنصرف عني ، ومهما تضرب عليّ أنفّذ إليك ،
فضرب ملِك آشور على (حزقيا) ملِك يهوذا مئة قنطار فضة وثلاثين قنطار ذهب}
(الملوك الثاني 18: 14 – 16).
قام (سنحاريب ) بِترحيل المُسبيين وعوائلهم إلى منطقة (حرّان)
ومناطق ضفة (الخابور) الواقعة قرب نينوى والبليخ وأحلّ محلهم آراميين من إقليم حماة ،
إنّ جمع المُسبيين اليهود في منطقة واحدة هو خِلاف سياسة الملوك الآشوريين
الذين سبقوا (سنحاريب ) حيث كانوا يقومون بِتشتيت السبايا في
أماكن نائية ومتفرقة ومنعزلة ، بعيدة عن بعضها البعض لِمنعهم من التجمّع
وممارسة تقاليدهم وثقافتهم والتكتّل على أمل العودة إلى مناطقهم التي تمّ إبعادهم منها .
تذكر التوراة ما يلي حول الحملة العسكرية التي قام
بها (شلمنصر الخامس) على مملكة إسرائيل :
{(1) فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ لآحَازَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ هُوشَعُ بْنُ أَيْلَةَ
فِي السَّامِرَةِ عَلَى إِسْرَائِيلَ تِسْعَ سِنِينَ،
(2) وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ.
(3) وَصَعِدَ عَلَيْهِ شَلْمَنْأَسَرُ مَلِكُ أَشُّورَ فَصَارَ لَهُ هُوشَعُ عَبْداً وَدَفَعَ لَهُ جِزْيَةً
(4) وَوَجَدَ مَلِكُ أَشُّورَ فِي هُوشَعَ خِيَانَةً، لأَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى سَوَا مَلِكِ مِصْرَ
وَلَمْ يُؤَدِّ جِزْيَةً إِلَى مَلِكِ أَشُّورَ حَسَبَ كُلِّ سَنَةٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ
(5) وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ
(6) فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِهُوشَعَ أَخَذَ مَلِكُ أَشُّورَ السَّامِرَةَ،
وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ وَأَسْكَنَهُمْ فِي حَلَحَ وَخَابُورَ نَهْرِ جُوزَانَ
وَفِي مُدُنِ مَادِي وفيها سُبي غالبية الشعب إلى أشور،
وجاؤوا بِغرباء وأسكنوهم في إسرائيل}.
(سفر الملوك الثاني : 1- 6)
سَادِسَاً : لَمحةٌ عن بابِل التأريخ والحضارة :
وَرَدَ ذِكرُ مدينة بابل في الكتب السماوية الثلاث التوراة والإنجيل والقرآن ،
وقد حكمت بابِل العالم ثلاث مرات في عهد
(نبو خذ نصر وكورش الأخميني والإسكندر المقدوني) كانت بابِل أكبر مدينة
في العالم خلال الفترة ( 1770 – 1670) ق.م ، وأصبحت مرةً أخرى أكبر مدينة في العالم خلال الفترة ( 612 – 320) ق.م ،
وربما كانت أول مدينة يصل عدد سكانها فوق 200،000 نسمة ،
كانت بابِل مزدحمة مليئة بالصخب تجذبُ الناسَ إليها من كل مكان ،
وقد كان المصريون القدماء إبّان عصر الفراعنة يدرسون الأدب البابلي
بكامل تفاصيلهِ باللغة البابلية على الرغم من إختلاف اللغة ،
وهذا ما أكدتهُ الإكتشافات الأثرية بتل العمرانة عاصمة مصر القديمة
بعهد (الملك أخناتون) حيثُ عُثر على الكثير من الألواح الطينية
باللغة الأكدية وباللهجة البابلية ، ومنها لوحٌ بابليٌ يتحدث عن فقدان الإنسان
للحياة الخالدة والتحول إلى الفناء بعد الموت …
ومن الجدير بالذكر إعتبار تلك المعتقدات عراقيةُ الأصل ومنافية تماماً
للمعتقدات المصرية القديمة حيثُ كان الإعتقاد السائد في مصر القديمة
بالحياة ما بعد الموت والعمر الثاني وتجدد الحياة ،
الغريب بالأمر إكتشاف نقاط من الحبرِ الأحمر على الألواح البابلية وذلك دليلٌ حتمي
على مواجهة الصعوبات بالترجمة ،
ويرجع سبب بذل كل تلك الجهود في أعمال الترجمة هو إعتبار اللغة الأكدية
بالعراق القديم هي اللغة الديبلوماسية الأولى في العالم القديم
حيثُ تفرعت إلى عدة لهجات منها اللهجة البابلية ،
لذلك السبب كانت دول العالم القديم بمختلف ثقافتها تدرس وتحاول أن تترجم وتُتقن اللغة الأكدية . ( )
سَابِعَاً : السَبِي البَابِلي :
السبي البابِلي هو فترةٌ في التأريخ اليهودي تم فيه أسرُ يهود مملكة
يهوذا القديمة على يد نبو خذ نصر الكلداني بن نبو بلاسر في بابل في العراق القديمة ،
حيث قام نبو خذ نصر بإجلاء اليهود من فلسطين مرتين ؛
مرةً في عام (597) ق.م ، والمرةُ الثانية في عام (586) ق.م ،
قام نبو خذ نصر بتعيين “صدقيا” ملكاً على يهوذا إلاّ أن هذا حاول
التحالف مع المصريين ضد البابليين ،
رافضاً دفع الجزية على غرار ما فعلت ممالك مدن كنعانية أخرى ،
أعد الزعيم البابلي حملةً كبيرةً أدت إلى حصار القدس سنة (587) ق.م ،
وبدعمٍ مِنْ الحاميةِ المصرية الموجودة داخل مدينة القدس
صمدت القُدس نحو عامٍ كاملٍ إلى أن إجتاحتها القوات البابلية سنة (586) ق.م
وقامت بتدميرها ، فيما هرب صدقيا وبعض أفراد حاشيته ،
ولكن رجال نبوخذ نصر لاحقوه وإستطاعوا القبض عليه في شمال أريحا ،
فَحُمِلَ إلى الملك البابلي الذي أمر بقتله ،
وساق نحو أربعين ألفاً من الأسرى إلى بابل ،
وفي هذه الحملة أخضع نبوخذ نصر مُدناً كنعانية أخرى قبل أن يعود إلى بلاده
لتكتمل ملامح إمبراطورية الواسعة ،
وقد حظيت الحملة البابلية على أرض كنعان وبلاد الشام بحيزٍ واسعٍ
من إهتمام الرواة والإخباريين نظراً لأنها أسفرت عن تدمير القدس
كما أنها وضعت حداً للصراعات التي شهدتها المنطقة والتي إستمرت
منذ إنتهاء السيطرة المصرية .
ساعد المصريون (يهوياقيم) على تولي مملكة يهوذا بعد موت أبيه (يوشيا)
ولكن ياقيم لم يستطع الصمود أمام تقدم قوات نبوخذ نصر الذي إحتل
القدس سنة (546) ق.م ، وأسر سبعة آلافِ مسلحٍ وألفَ عاملٍ ،
حيث إقتادهم وساقهم ومعهم يهوياقيم إلى بابل ،
وهكذا دانت أرض كنعان وبضمنها (مملكة يهوذا الصغيرة) للحكم البابلي الجديد ،
تقدم (الفرعون ينخحو الثاني) صوب بابِل وأثناء تقدمه جرى تصدٍ لقطعاته ،
إلا أنه سحق المقاومة وتجاوز أرض كنعان ليلتقي بالبابليين عند الفرات
لكنّه تعرض لهزيمةٍ قاسيةٍ على يد نبوخذ نصر ،
ومما تجدرُ الإشارةُ إليه أنَّ البابليون وهم من العموريون كانوا قد أسقطوا
الإمبراطورية الآشورية في شمال العراق بعد إحتلوا نينوى
عاصمة الآشوريين سنة (612) ق.م ، وقد تمت العودة لليهود إلى أرض فلسطين
مرةً أخرى بعد سقوط الدولة الكلدانية على يد الملك الفارسي
قورش الكبير (كورش بَزُرك 590 – أغسطس 530) ق.م
مؤسس الإمبراطورية الفارسية الأخمينية الذي وعد اليهود بالعودة إلى أرض فلسطين .
ثامِنَاً : مُحاولةُ إغتيال نينوى إستِبَاقٌ للحَيلُولَة دُونَ وَعيدٍ إلهي ناجِز ..!!
دأب أهل الموصل مواظبتهم على الطاعات سيما صلاةُ الجمعة وفي أولى
الخطب التي وافقت بتأريخ الثالث عشر من حزيران 2014م
عقب سيطرة تنظيم “داعش” إرتقى أعواد المنبر أحد خطباء التنظيم المُتَشدد
وما أن انتهت الصلاة حتى عصفت بي الكثير من التساؤلات أبرزها
إلى أين نحن ماضون وأي كارثةٍ سَتَحِلُ بالموصل وأهلها ؟ !
هكذا حدثني أستاذي البروفيسور الدكتور عوني عبدالرحمن السبعاوي
رئيس مركز الدراسات الإقليمية الأسبق في جامعة الموصل
والذي إلتقيته بعد ثلاث سنين عجاف أعقبت أحداث الموصل ليسترسل قائلاً :
آثرت أن أحضر صلاة الجمعة والإصغاء إلى الخطيب الجديد بعد إقصاء خطيب
مسجدنا الأسبق عَلّني أتمكن من بناء رؤيةٍ ممحّصةٍ عن توجهات الجماعة المتشددة
وإلى ما سيؤول إليه حال المدينة وأهلها وإلى ما يسعى التنظيم لبلوغه ،
وبعد خطبة الجمعة الثالثة إنزويت وأعتكفت للصلاة في داري بعد أن أدركت
أن التنظيم يسعى للقضاء على كُل ما يُمِّتُ للموصل بِصِلةٍ من بشرٍ وحضارة
ومن شجرٍ وحجر ومن بدوٍ وحضر ،
وأن من يحركُ ويديرُ الأمور هم حاخامات اليهود في إسرائيل أما التنفيذ فهو
لأميركا وحلفاؤها الغربيون بريطانيا وأخواتها ،
ومن دول الجوار الإقليمي التي تطلب الثأر من الموصل الحَدباء خاصةً وأن
جُل قادة الجيش العراقي السابق هم من أهل نينوى ،
إذن تعدد الخصوم الذين يجمع شملهم وحدة الهدف وإن تعددت الأدوار
أما العقول التي تُخطط فهم قادة الجماعات المتطرفة المرتبطون بأجهزة
المخابرات العالمية سيما المخابرات الروسية كما أفصح بذلك العقيد (lieutenant colonel)
(أليكسندر ليد فيننيكو) أحد كبار ضابط جهاز الإستخبارات الروسية الحالية (إف إس بي)
وأحد كبار ضباط جهاز الإستخبارات السوفيتية (سابقاً) (كي جي بي)
حينما كشف عن تجنيد الرجل الأول في تنظيم القاعدة ( أيمن الظواهري)
للعمل لصالح المخابرات السوفيتية بعد إعتقاله في أفغانستان وإرساله إلى روسيا
وتدريبيه هناك لمدة ستة أشهر على أيدي المخابرات السوفيتية آنذاك ،
ليدفع (أليكسندر ليد فيننيكو) حياته ثمناً لذلك ،
فضلاً عن الكثير من قادة التنظيم الذين تقودهم وتسيرهم المخابرات العالمية
بما فيها دول الجوار الإقليمي بل وحتى من داخل العملية السياسية
كما أثبتت الأيام إرتباط الكثير منهم ببعض رموز العملية السياسية الحالية
بل أن بعض قادة داعش هم أقارب للساسة من الدرجة الأولى ،
أما المنفذون فهم العراقيون والعرب والأجانب الذين إنخرطوا في صفوف داعش
لأسبابٍ أيدلوجية أو بدافع النقمة على السياسات التعسفية التي مورست
على المدينة وأهلها فضلاً عن المُغَرَرِ بهم في ظلِ الإعلام المضلل الذي يرفع
شعار الإسلام وواقع الحال أنه يُبطِنُ تدمير الإسلام من داخله أو خارجه يضاف
إليهم المنتسبون إلى القوات العسكرية والأجهزة الأمنية ممن أضحوا رهائن
بأيدي داعش فإما القتل المحتوم أو الإنخراط القسري ،
ناهيك عمن عصفت به الفاقة والجوع والعوز في ظل إنعدام أي فرصةٍ للعمل
فكان التنظيم المتطرف كالقشة التي يتشبث بها الغريق ،
ناهيك عن الحانقين على ساستهم ممن خذلهم وأسلمهم لمصارعهم
بعد أن أغرتهم ملذات الحياة الدنيا والإستثراء الفاحش على حساب دماء ودموع
وآهات وويلات ناخبيهم ، لتكون داعش هي النتيجة …
وبالعودة إلى سعي حاخامات اليهود لتدمير الموصل فإنهم فهموا الوعيد الإلهي
في التوارة بزوال ملك “دولة إسرائيل” ﴿ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾
كما صَرّحَ بذلك الجنرال الأمريكي قائد معتقل “بوكا” في البصرة سنة 2006م قائلاً :
ستكون النهاية من هاهُنا ،
وأشار بيده إلى المدينة المصطبغة بلون الدم على الخريطة المعلقة خلف ظهره (إنها نينوى) ،
من هنا سيُبْعَث الذي سيستخدمه الرب في القضاء على الشعب اليهودي،
إنه الآشوري (الموصلي) الذي سيحقل نصف إسرائيل في أول أيامه ،
وسيستخدم العصا على إسرائيل ، وسيضرب قاضيها بقضيبٍ على خده!!
وقد أمطنا اللثام عن (أسرار إستهداف نينوى) في مقال سابق عام 2013 بذات العنوان
على موقع كتابات وغيره حذرنا فيه مما سيؤول إليه الحال لمدينة الموصل
خاصةً وعموم محافظة نينوى .
ولو عُدنا وقَلَّبْنا صفحات التاريخ واستعرضنا السَّبي الآشوري لليهود عام (721 ق . م)
وما فعله الآشوريين أهل نينوى باليهود فمن الحملات التي شنها ملوك الامبراطورية الآشورية ،
حملة “تجلاث بلاسر الثالث” على مملكة آرام ،
حيث استولى على عاصمتها دمشق عام ( 732 ق. م) وسبى أهلها
وقتل ملكها “رصين” ليتوجه بعدها إلى إسرائيل في زمن “فقح” ملك إسرائيل (730-721ق. م)
حيث أستولى على كل أرض إسرائيل وسبى اليهود إلى أشور(نينوى)
وأحل محلهم سكاناً من أقاليم أخرى ،
وفي عام( 721 ق. م) قام الآشوريون بنقل يهود مملكة إسرائيل إلى حَرّان و الخَابور
أعلى شمال الموصل وكردستان وفارس وأحَلّو محلهم جماعات من الآراميين
(كما نطلق عليه اليوم بمصطلح التغيير الديموغرافي) ،
جديرٌ بالذكر أن اليهود من بني إسرائيل إندمجوا تماماً في الشعوب المجاورة لهم في المنفى ،
هذا فيما يخص المملكة الجنوبية التي تُسمى بـــــ( يهوذا) وعاصمتها أورشليم ،
ولقد تناوب على حُكم بني إسرائيل من سنة ( 935-586 ق. م)
عشرون ملك كلهم من عشيرة نبي الله داود (ع) (ما عدا الملك أخزيا بن يهورام إذ كانت أمه بنت عمري ملك إسرائيل)
أما المملكة الشمالية (السامرة) التي طالها السبي البابلي الأول الذي اقتِيد فيه 3000 يهودي ، والسَّبي البابلي الثاني الذي تم اقتياد 40000 يهودي
مَشْيًا على الأقدام مُكَبَّلِين من القدس إلى بابل على يد نبوخذ نصر (بوختنصر) عام (597 ق. م) الذي انطلقت جحافِلُه من بابل العراق ،
ما ذكرناه آنفًا يُوحي بأن اليهود لن ينسوا السَّبْي الآشوري أو السبي البابلي،
ولن ينسوا تهجيرهم من العراق في منتصف القرن العشرين،
يُكلل ما سبق القول إن بداية نهايتهم ستكون من نينوى (عاصمة الآشوريين)
إذن هو ثأر متتابَع مشحون بالغِلِّ مطرَّز بالفوبيا والخوف من القادم ،
وللأسف لم يُوّفّق بعض المفسرون في سبر أغوار آيات من
سورة الإسراء حينما فسروا ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي
بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ﴾
على أنها فتح بيت المقدس الذي حدث عام 637 م الموافق عام 16 للهجرة
على يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ،
ولا يخفى أن النصارى هم مَنْ كانوا يقيمون في القدس آنذاك وليس اليهود ،
عِلماً أن الملك شاول كان أول ملك على اليهودية في الفترة
من سنة ( 1035-1015 ق. م) تقريباً، ثم تبعه الملك داود(ع) (1015 -975)،
ثم الملك سليمان(ع) (975-935)، وبعد وفاته ،
انقسمت المملكة إلى قسمين (يهوذا والسامرة) كما أسلفنا .
واليوم حقت كلمة ربي في اليهود ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾
ولعلهم اليوم هُمْ مَنْ يُمْسِك بكل خيوط اللعبة ويَسُنْ الدساتير ويُغَذي
أطراف الصراع بين المسلمين ،
ويُنَصّب الحكام ويقصيهم وهاهم قادة العرب والمسلمون يخطبون ودهم
حتى وإن أجهروا وأعلنوا خلاف ذلك ذراً للرماد في عيون شعوبهم بعد أن
بانت السوءة وانكشفت العورة ،
وبالعودة إلى تفسير سورة الإسراء فقد كان الإخفاق الثاني حينما تم
تفسير الآية الكريمة ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ
كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾
المتعلقة بوعد الآخرة واعتبار ذلك الوعد هو فتح بيت المقدس على يد القائد
الكردي المسلم الناصر صلاح الدين الأيوبي عام 1187م الموافق 583 للهجرة ،
جديرٌ بالذكر أن الصليبيون هم مَنْ كانوا يحكمون بيت المقدس وليس اليهود
والخِطاب في الآية الكريمة يخص اليهود ،
أما وعد الآخرة فقد ورد في التوراة تفاسير حزقيال، دانيال، أشعياء
وكما يلي : ستكون هناك قوتان متضاربتان على مراكز السيادة على العالم،
دول غرب أوربا والآشوري وأوردوا في التفسير عن مهمته :
(هو يد الله التي ستضرب بواسطة الآشوري ، وسيكون هو عدوَّ إسرائيل آخِر الزمان،
وسيرسله الله على أمَّة منافِقة هي شَعْبُه) ،
وذكروا في تفسيرهم عن شعب القائد الآشوري:
(شعبه قويٌّ لم يكن له نظير من الأزل، ولا يكون بعده ، قُدَّامه نار تأكل ،
وخلفه لهيب يحرق ، وأمامه جنةُ عدن يَجْرُون كالأبطال، رجالُ حرب ،
يمشون كل واحدٍ في طريقه ولا يغيرون سبلهم ، ولا يزاحم بعضُهم بعضًا ،
وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون، إنه هو الذي سيستخدمه الربُّ في القضاء
على الشعب اليهودي ، وسيحقل الآشوري نصف إسرائيل في أول أيامه،
وسيستخدم العصا على إسرائيل، وسيضرب قاضيها بقضيب على خدِّه) .
ما أسلفناه هو بيت القصيد ومربط الفَرَسْ (وأبن الموصل)
هو جُلُ ما تخشاه إسرائيل اليوم ولعل الأمر يذكرنا بفعل فرعون مصر ببني إسرائيل
حينما أخبره الكهنة أن نهايته الحتمية ستكون على يد أحد أبناء إسرائيل
فحاول إستباق الأمر كما ذكره المولى عز وجل عن موسى (ع)
﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ
يَسُومُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾
لتكون النتيجة على كل إجراءات الفرعون الإحترازية والإستباقية هو نفاذ أمر الله
﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى﴾
ونختم بالعودة إلى أ.د. عوني عبدالرحمن السبعاوي ففي أحد المؤتمرات الأكاديمية
التي حاضر فيها أستاذٌ هنديٌ مسلم هو (أبو الحسن النَدَوِي رحمه الله)
بكلمات ختم فيها بحثه قائلاً :
لن يستقيم الأمر في العالم بأسره حتى ينتفض الإسلام من كبوته ،
ولن يحدث هذا إلاّ إذا أستفاق العرب الذين هم معدن الرسالة وجوهرها وحملتها
أن يستفيقوا من نومتهم ورقادهم الذي يوشك أن يكون سرمدياً ،
وأعلموا أن العرب لن يستفيقوا إلاّ أذا عاد العراق لقيادة العرب
فالعراق جمجمة العرب ومعدن الأمصار ورمح الله في الأرض
وقبل أن يختم المحاضر الهندي (أبو الحسن الندوي)
أردف أ.د عوني مقاطعاً إياه ، وأعلموا أن العراق لن يعود حتى تتعافى نينوى
وموصلنا الحدباء لتضمد جراحها وتوقف نزف دمائها وتنفض ركام دورها وأطلالها ….
حفظ الله نينوى والموصل الحدباء حفظ الله بابِل الفيحاء حفظ الله العراق
وأهل العراق حفظ الله بلاد العرب والمسلمين …
بقلم :
د. زِياد مُحَمَّد السَبْعَاوِيْ
المصادر :
الكتاب المُقَدَس (التوراة) .
دُعاء الشريف ،
التوراة تُثبِتُ أنَّ فلسطين أرضٌ عربية ، (لبنان – بيروت) ،
دار أبعاد ، الطبعة الأولى ، 2016م .
مجير الدين الحنبلي العلمي ،
الأنس الجليل بتأريخ القدس والخليل ،
مكتبة دنيس / الخليل ، ط1 ، 1999م فاضل الربيعي ،
حقيقة السبي البابلي / الحملات الآشورية على الجزيرة العربية واليمن ،
جداول للنشر ، ط2 ، 2013م .
ف.أ. بليافيسكي ، أسرار بابل ، ترجمة توفيق فائق نصار ، دمشق ،
دار علاء الدين ، ط2 .
غوستاف لوبون ، حضارة بابل وآشور ،
دار الرافدين للطباعة والنشر ، (بيروت – لبنان) .
جيمس پريتشارد، نصوص الشرق الأدنى القديمة ، 1974 م .
المركز الفلسطيني للإعلام ،
الحملات البابلية .