حرقة الانتظار 9

لف الصمت كيان سعيد ،كان يكثم تجرعه لمرارة الإحباط بعد أن صدمه الواقع ،لم يكن صمته هذه المرة احتجاجا على سلوكات مريم ،بل كان إخفاء وكتمان لضعف موقفه …
كيف سيرد على اقتراح مريم التي أخبرته بعزمها على التوقف عن العمل …؟
كيف سيواجه متطلبات العيش ومصاريف الأطفال …؟ كيف سيخرج نفسه من هذا الوضع الصعب الذي يوجد فيه …؟
كانت الأسئلة تجول في ذهن سعيد ، وكان يواجهها بالصمت ،لم تكن مريم تنتظر رد سعيد فهي تعلم ضعف موقفه وتشعر بمعاناته وترق لحاله وهي تراه أمامها على وشك الانهيار …
بادرته بالكلام كي تضع حدا لصمته وتدفع به للحوار،سألته
-إني أنتظر رأيك يا سعيد …تكلم …لماذا تحتمي دائما بالصمت …؟
طأطأ سعيد رأسه وهو يبحث عن كلمات يجيب بها مريم ،رفع رأسه ،نظر إلى مريم مليا وقال :
-أنت تعلمين يا مريم أن مصاريف عيشنا ومتطلباته كثيرة وأنا عاطل الآن عن العمل وأن البحث عن شغل يتطلب وقتا ،و….
قاطعته مريم قائلة
-نعم أعلم كل ذلك …أنا أشتغل لأجل توفير هذه المصاريف …كل ما أحصل عليه من عملي أضعه رهن إشارتكم أنت والأطفال …وأنت تعلم ذلك …لن أترك أسرتي تعاني من الحرمان …
كلمات مريم جعل سعيد يحس بليونة موقفها ويشعر بصدق حديثها فبادرها متسائلا
-هل ستستمرين إذن في العمل يا مريم ؟
ابتسمت مريم في وجه سعيد ابتسامة عريضة وقالت
-هل أنت موافق على ذلك يا سعيد ؟
-نعم …بالطبع أنا موافق …فقط ما يزعجني في هذا العمل هو تلك التأخرات في العودة …إن انتظار عودتك يحرق أعصابي يا مريم …
قالت مريم مبتسمة في وجه سعيد
-شيء طبيعي أن يشعر المرء بحرقة الانتظار لكن الشك يسيء للعلاقات ويعكر المزاج…
كن على يقين أني لن أسيء إليك …أنت زوجي وأب أطفالي …
وضعت يديها على كفيه فضمهما ثم نهضا ليتمما الحديث في غرفة النوم بعيدا عن أنظار طفليهما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top