للبريطانية من أصول فلسطينية- يهودية كلير حجّاج .
تبدأ الرواية من نهايتها في بيت الشمّوطي ( نسبة إلى نوع من البرتقال ) ،
دون أن ندرك أن هذه هي النهاية ، لنقرأ بعدها عبارة لستيفن فزنسي ( كاتب هنغاري ) تقول :
حياة كل إنسان تضمّ حياة كل البشر ، وكل قصة ما هي إلا جزء من قصة أخرى .
بعد هذه التوطئة ، نعود خلفا” ونتتبع أقدار بطلي الرواية من خلال تقنية السرد المتوازي ، لتندغم بعدها قصتيهما في قصة واحدة .
إنه عام 1948 . سعيد الإسماعيلي صاحب 15 دونما” من بيارات البرتقال ، اعتاد أن يزرع في حديقة منزله شجرة برتقال لكل ولد من أولاده ، وها هو الإبن الأوسط سالم ( بطل الرواية ) ينتظر قطاف أولى برتقالة له ، عندما يجتاح الاحتلال الإسرائيلي يافا مجبرا” عائلته على النزوح وترك البيت في عهدة حمزة الخليلي والد مازن صديق سالم .
تلجأ الأسرة إلى الناصرة حيث تعيش نادية إبنة سعيد الإسماعيلي من زوجته الأولى ، مع زوجها المحامي طارق . حسان الأخ الأكبر لسليم يهاجر إلى لندن بحثا” عن حياة أخرى . وبعد خيانة أبو مازن وبيعه بيت الشموطي لسلطات الاحتلال ، تغادر أم سالم اللبنانية الأصل عائدة إلى بيروت ومعها شقيق سالم الأصغر المدعو رافان .
من جهة أخرى ندخل إلى تفاصيل حياة جوديث اليهودية المتحدرة من أسرة غولد الثرية صاحبة محل الأزياء في لندن ، والتي تعاني من نظرة البريطانيين إليها كيهودية هربت أسرتها من مذابح الروس واستوطنت لندن ،
بينما ماكس ، عم جوديث ، صهيوني يعيش في فلسطين ، وعمّها الآخر اليكس ثري يدير أعمال الأسرة في لندن . أثناء البحث عن بداية جديدة في لندن ، تضع الأقدار جوديث في طريق سليم فيجد فيها حبا” غير متوقع ، سيّما أن جوديث تريد التخلّص من إرث عائلتها المدمّر . يتحديان كل الأعراف وموروث الكراهية المتبادل من قبل ثقافتيهما ويتزوجان ، لكن صراعات الطفولة والأفكارالمسبقة تستيقظ من جديد وتتعدى حياتهما فتجرفهما مرة أخرى للعيش في جحيم الشرق الأوسط . سالم الذي أضاع برتقالته ( وطنه ) ، بيته ، يافا ، أمه ، أباه ، أخته ، أخاه رافان ، دراسته وعمله ( متنقلا” بين العراق والكويت ولندن )، تنجح الكاتبة في وصف حالة الضياع والفقد التي عانى منها، من جهة أخرى فإن جوديث ، حاربت من أجل حبها ،
لكنها لم تنسلخ عن عالمها وثقافتها التي أرادت لولديها أن يتعرفا عليها .هي امرأة لم تترب على الحقد ، وقدمتها الكاتبة كشجاعة تجاه العواصف التي اجتاحت حياتها الزوجية . إنها قصة وطن وحب تبقى في الذاكرة لأن بطلاها حاربا الكراهية والاختلاف والعنصرية قدر ما استطاعا فهل نجحا في ذلك ؟ في الرواية انتقالات زمنية مفصلية من خلال تواريخ مهمة هي أعوام : 1948، 1956 ، 1967، 1982 ، كما أن هناك سرد لما فعلته الإرغون،
أخطر العصابات الصهيوينة من أساليب لتهجير الفلسطينيين ، والقوانين الجائرة التي سنتها سلطات الاحتلال للاستيلاء على أملاك الفلسطينيين . كذلك هناك إشارات إلى ظهور حركة حماس واندلاع الإنتفاضات وظهور منظمات إنسانية يهودية تثير الرأي العام اليهودي من خلال مناصرة قضية سالم في استعادة منزله المسلوب .
بالرغم من كل ما تقدّم فإن الرواية لا ترسم عالما” ورديا” وتوحي بأن كل شيء يمكن حلّه إذا أحب أحدنا الآخر .
هنا شهادة من روائية كبيرة هي أليف شافاق :
الإبداع السردي فى ” برتقال إسماعيل ” يتخطى الزمن ويستحوذ على الحواس.”