للأميركي بول اوستر الّذي اقرأ له للمرّة الأولى .
صدرت هذه الثلاثيّة على شكل أجزاء ، ” مدينة الزجاج ” عام 1985 ،
” الأشباح ” و” الغرفة الموصدة ” عام 1986 قبل أن تصدر مجمّعة عام 1987 .
تندرج الثلاثيّة تحت مسمّى روايات التحرّي البوليسيّة وتدور أحداثها في مدينة نيويورك.
في الجزء الأوّل نتعرّف إلى كين ، كاتب الروايات البوليسيّة الأرمل والفاقد لوحيده بيتر ، حيث يتلقّى اتصالاً هاتفيّاً من السيدة فيرجينيا ستلمان الّتي تظن أنّه التحرّي بول اوستر ( اسم الكاتب نفسه ) ، طالبةً منه البحث عن زوجها الأستاذ الجامعي المضطرب نفسيّاً والخارج من السجن الّذي دخله بسبب احتجازه لوحيده بيتر ( نفس اسم ابن كين ) ،
وذلك خوفاً من انتقامه من ابنه . في الجزء الثاني ، يقدم لنا الكاتب التحرّي ” بلو ” الّذي يكلّفه شخص يدعى ” وايت ” بتتبع خطى شخص يدعى ” بلاك ” . يقوم ” بلو ” بالمهمّة ويرسل تقاريره إلى “وايت ” ، لكن الملل يتسرّب إليه ولا تتوقّف المهمّة لسنوات عديدة ، ممّا يدفعه للتقرّب من ” بلاك ” لفك طلاسم رغبة ” وايت ” في مراقبته .
أمّا في الجزء الأخير ( وهو الأكثر تشويقاً وبعداً عن أجواء التحليل النفسي التي تطغى على أول جزأين ) ، فنتعرّف إلى الراوي ( لا يتم ذكر اسمه ) ، الّذي يلتقي ب ” صوفي” زوجة ” فانشو” صديق طفولته ، المختفي منذ ستة اشهر. تعرض صوفي مذكّرات ومؤلفات فانشو على الراوي طالبة منه نشرها . يتم الأمر وتحقق المؤلفات نجاحاً كبيراً ويتزوّج الراوي من صوفي ، لكن هاجس البحث عن فانشو يقضّ مضجعه بالرغم من استلامه رسالة تهديد بعدم البحث عن فانشو .
فمن الّذي أرسلها ؟ وهل سيعثر الراوي على صديقه المختفي ؟
وقبل كل ذلك ما مدى ارتباط الأجزاء الثلاثة بعضها ببعض ؟
هذا ما تخبرنا به نهاية هذه الرواية الّتي تنتمي إلى المذهب العبثي في الأدب . صحيح أن القارىء ربّما سيشعر بالملل في أول جزأين ،
لكن التأني ومتابعة القراءة يستحقّان العناء والجهد المبذولين للتعرّف على تقنية جديدة غير مألوفة في الكتابة ،
تعتمد على بلبلة القارىء لدفعه إلى التمعّن في الأحداث ومتابعة تفاصيلها وفك ألغاز الرّموز والأسماء المطروحة .