للألماني من أصل بلغاري إيليا ترويانوف .
تدور “جامع العوالم” حول حياة سير ريتشارد فرانسيس بورتن،
البريطاني المغامر والشخصية التاريخية الواقعية.
حيث كان ضابطًا في القوات المستعمرة يتقن لغات عدة،
اعتنق الإسلام لتسهيل دخوله إلى عالم المسلمين ومعيشتهم .
مسرح الرواية تاريخي حيث تدور بين ثلاثة مناطق هي “الهند، مكة، أفريقيا”
في الرواية يريد برتن بمغامراته ومجازفاته الاستحواذ على العالم، ويتمتّع بمرونة لا مثيل لها بالتماهي مع الشعوب التي يعيش بينها ، من خلال الإلمام بلغاتهم ولهجاتهم وعاداتهم، وأحياناً اعتناق عقائدهم ودياناتهم. ويبلغ من قدرته على التحوّل من حضارة إلى حضارة أخرى، أن يتقن كيفية ارتداء الأزياء الخاصة بالقوم، والنطق باللهجات المحلية، وممارسة الطقوس العبادية، وتعلّم أمور أكثر تفاهة. في الهند كان يعمل كضابط في جيش بريطانيا الاستعمارية ، وفي الحجاز تنكر في شخصية مسلم هندي لأداء الحج،أما في شرق أفريقيا فكانت رحلته جغرافية ومغامرة وسط الأدغال والغابات الاستوائية لاكتشاف منابع نهر النيل . هذه القدرة العجيبة والإمكانات الخارقة للتحوّلات العميقة من ثقافة الى أخرى، ومن دين إلى آخر، جعلتا برتن مثار توجسٍ وريبة لدى الجميع. وقد تمثّلت هذه الريبة بوجه أخص، في القسم الثاني من الرواية”بلاد العرب”إذ يتخذ السرد الشكل البوليسي، حيث ترصد الرسائل المتبادلة بين الولاة العثمانيين وأشراف الحجاز، حركة برتن المشبوهة بين القاهرة وجدّة ومكة والمدينة، وقدرته على التبدّل، وعلى تقمّص أدوار متباينة، ربما أخفت تحتها مهمته الحقيقية، وهي التجسس لصالح الجمعية الملكية للدراسات الجغرافية. لا تجيب الرواية بالطبع عن هذه المسألة، ويبقى الغموض مكتنفا” هذه الشخصية الملغِزة والمحيرة. رواية ممتعة انتقل فيها ترويانوف من عالم لآخر ورسم تفاصيل الأماكن والشخصيات في كل رحلة بأسلوب جميل وسلس، مع تغيير في طريقة السرد باختلاف الراوي في كل مرحلة وعرض الاختلافات بين الشعوب والتنوع الكبير في الثقاقات والمعارف والعادات والمعتقدات وحتى في الأساطير والخرافات .