رواية ذات الشعر الاحمر

للتركي أورهان باموك.
يبدو جليا” ولع باموك بمدينته الأثيرة اسطنبول بتاريخها قديما” وحديثا” ،
بناسها وعاداتهم ، بحكاياتهم ، والتحولات التي طرأت على تلك المدينة . في هذه الرواية يعود باموك إلى الماضي القريب ( ثمانينيات القرن العشرين ) وهي الفترة التي شهدت أحداثا” سياسية وصراعات إيديولوجية على الحكم انتهت بإنقلاب قام به كنعان ايفيرن في 12 أيلول عام 1980 .
بطل الرواية ، جيم جيليك ، فتى يافع ، نشأ في أسرة متوسطة لأب ماركسي يعمل صيدلانيا” ، ولأم ربة منزل .بعد إنقلاب ايفرين يتم إعتقال آكن والد جيم ويُزج به في السجن ، ليعود بعد سنتين ثم يختفي هاربا” مع امرأة أخرى . جيم المحب لقراءة الكتب ، كان بوده أن يكون كاتبا” ،
لكن ظروف الحياة والحاجة الماديّة يدفعانه للعمل كمساعد للأسطى محمود في حفر بئر للمياه على مرتفع في بلدة اونجوران القريبة من اسطنبول وذلك لصالح خيري بك رجل الأعمال الثري . الأسطى محمود ، يصبح بمثابة الأب البديل لجيم ، حيث يعملان نهارا” ، ويتبادلان سرد الحكايات ليلا” ، وأحيانا” يذهبان إلى البلدة ، حيث توجد خيمة للعروض المسرحية ، يتعرف فيها جيم على المرأة ذات الشعر الأحمر .
لا يتم العثور على المياه ويقع حادث ، يغادر بعده جيم اونجوران عائدا” لاسطنبول ، لينهي تعليمه ويدخل الجامعة متخرجا” كمهندس جيولوجي ويتزوج من إحدى قريباته . من هي المرأة ذات الشعر الأحمر ؟ ما علاقة جيم بها ؟ يتطرق باموك لتحولات مدينة اسطنبول والامتداد العمراني الذي أصابها شارحا” الكيفية التي تم بها شراء الأراضي بأسعار زهيدة لإقامة المشاريع العمرانية .كذلك يتطرق لأسطورتي ” أوديب ” اليونانية و” رستم وسهراب ” الفارسية من خلال ملحمة ” الشاهنامة ” ، كإحالة للصراع بين الآباء والأبناء ،
والذي ينتهي بقتل الإبن لأبيه في الأسطورة الأولى ، بينما يحدث العكس في الثانية . هذا التناقض بين الأسطورتين يظهر جليا” في العلاقة الملتبسة بين جيم ووالده من جهة ، وبين جيم وابنه من جهة أخرى . الرواية تتألف من ثلاثة أقسام , يروي القسمين الأولين جيم ، بينما تقوم المرأة ذات الشعر الأحمر برواية القسم الثالث .
رواية جميلة قام فيها باموك بتوظيف الأسطورة بشكل ذكي وأسقطها على الواقع بما يحويه من تناقضات وصراعات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top