للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي.
الرواية هي آخر عمل أدبي ترجمه الراحل صالح علماني من الإسبانية إلى العربية.
تبدأ الأحداث في عام 1938، مع نهايات الحرب الأهلية في إسبانيا، وظهور بوادر الحرب العالمية الثانية وتحول أوروبا إلى جحيم،
حيث يجهَّز الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، سفينة ” وينيبيغ ” ليضع على متنها ألفي إسباني من المناضلين الفارين من بطش الديكتاتور الجنرال فرانكو.
وانطلاقاً من هذه المعلومة التاريخية، تشيد إيزابيل الليندي عالم روايتها الملحمية التي تمتد بين عامي ( 1938 – 1994 ).
بطلا الرواية هما ( روزر) عازفة البيانو ، و( فيكتور ) الطبيب ، اللّذين كانا بين الفارين بحثاً عن فرصة جديدة لحياة كريمة في تشيلي، التي تشبه “بتلة بحر ونبيذ وثلج متطاولة”، بتعبير نيرودا،
الذي يحضر شعره في متن الرواية وفي مستهل كل فصل من فصولها.
هؤلاء الإسبان ستختلط دماؤهم بدماء التشيليين، وسيلعب اختيارهم النوعي من جانب نيرودا دوراً في الاستفادة منهم في نهضة تشيلي الحديثة في مجالات عدة.
“روزر بروغير” كانت راعية ماعز انتشلها أستاذ التاريخ “سانتياغو غوثمان” من بيئتها حين لاحظ أن لها أذناً موسيقية وعهد إلى البروفيسور “مارسيل لويس دالماو” (مؤسس أوركسترا برشلونة السيمفونية الشبابية) بمساعدتها على تعلم العزف على البيانو، فيما كانت زوجة “دالماو” تعمل في تعليم المتطوعين بميليشيات الجمهوريين القراءة والكتابة، وكان ابنه الأكبر “وليام” يقاتل ضد فرانكو وحلفائه من الإيطاليين والألمان والابن الآخر “فيكتور”، يعمل في تطبيب الجرحى خلف جبهات القتال، ويحلم بإتمام دراسته الطب. بعد وصول روزر وفيكتور إلى تشيلي سيلتقيان ، بآل دل سولار التشيليين الأثرياء.
سنجد في خلفية الأحداث الاجتماعية، ظلاً سياسياً ثقيلاً، بما أن بداياتها تزامنت مع نهاية الحرب الأهلية الإسبانية، وانطلاق الحرب العالمية الثانية، التي سبق اندلاعها زلزالٌ وقع في تشيلي في يناير (كانون الثاني) 1939، تسبب في مقتل أكثر من عشرين ألف شخص وهدم مدن عدة،
بينما خلَّفت مأساة إسبانيا مئات آلاف القتلى والجرحى واللاجئين. كيف ستكون حياة البطلين في تشيلي؟
هل سيبقيان بمنأى عن الأحداث السياسية التي تمور بتشيلي؟
ما هي العلاقات التي ستربطهما بآل دل سولار؟
“سفينة نيرودا” عمل يتسم ببراعة الوصف( مشاهد النزوح وفظائع معسكرات الاعتقال ) والتحليل والغوص في نفسيات شخصياته الواقعية والمتخيَّلة،
عبر سرد فيه الكثير من التفاصيل والمشاعر. في ملحق من صفحتين،
تقولا الليندي: “هذه رواية، لكن الأحداث والشخصيات التاريخية حقيقية. شخوص الرواية متخيلون، وقد استوحيتهم من أناس عرفتهم. كان عليَّ أن أتخيَّل قليلاً جداً؛ لأنني عندما قمت بالبحث المستفيض، وهو ما أفعله دوماً في كل كتاب، وجدتُ نفسي أمام فائض من المعلومات”.
رواية أكثر من رائعة ستبقى في البال طويلاً.