للبرازيلي جورج أمادو.
جثّة واحدة وحقيقتان !!!!!!
ماذا يتبقّى للإنسان عندما يتبرّع بماهيّته من أجل المظهر؟
كم عدد الأحياء منّا في هذه الحياة؟
كم منّا تبرّع بحلمه من أجل صورة زائفة؟
بمزيج من الكوميديا السّوداء والسّخرية من الموت بتجريده من هيبته وجعله مادة للّعب،
يأخذنا أمادو في رحلة خاطفة وشديدة التكثيف عبر صفحات قليلة ( 87 صفحة) من روايته التي تنتصر للحياة مقابل الموت،
تنتصر للذّات تجاه القوالب الجاهزة ، تنتصر للإنسان الذي أصبح كرة تتقاذفها أرجل العادات والتقاليد والعائلة والمدرسة وحراس النوايا. كينكاس هدير الماء،
رجل ستيني يودع الحياة. خبر موته يقلب مدينة باهيا رأساً على عقب. فكينكاس زعيم مشرّدي المدينة وكبير صعاليكها ، لكنّه قبل ذلك كان يُدعى جواكيم سواريس داكونيا،
رب العائلة الطيب، الوقور والمحترم، الموظّف في دائرة الضرائب. يبدأ الصّراع بين أسرة الميت وبين أصدقائه الصعاليك لتثبيت حقيقة موته الغائمة، حيث تحاول الأسرة وبأقل قدر من التكاليف وحفاظاً على ماء الوجه والمظاهر الخادعة،
دفن المتوفى الّذي جلب العار لأسرته بتشرده وتهتكه، بينما يرفض الأصدقاء خبر الموت ويعيدون صياغته من وجهة نظرهم، حيث يروّجون أن الخبر إشاعة وأن كينكاس هدير الماء سيحتفل بعيد ميلاده على مركب صيد حيث سيموت مجدداً في نهاية الاحتفال. رواية تتلاعب بالقارىء، لا تقدم تبريراً لما فعله كينكاس ،
لكنّها تنتصر لحقيقة أن البسطاء يعيشون على الحكايات ويقتاتون منها، مشدّدة على فكرة الإصغاء ولو مرّة واحدة لما نريد .