إلى روح إبراهيم : أبي
صار عبد ُ الله شيخاً في الثمانين َ
يجر ُّ الجسد َ الميت َ على
عكازه ِ المقدود ِ من زعرورة ٍ
شبَّت ْ على اسم ِ الله ِ
في تخم ِ الحواكير ِ التي تعبرها عيناه ُ
وجه َ الصبح ِ
عند َ الظهر ِ
قبل َ الشفق ِ الغافي
على زند ِ الغروب ْ
*****
كان عبد ُ الله ِ يروي شجر َ الرمان ِ
بالأحمر ِ
يروي الجوز َ بالأخضر ِ
يروي الورد َ بالأبيض ِ
يروي بيدر َ القمح ِ
وعُرف َ الفَرس ِ الولهى
بما يكتبه ُ العشق ُ على قلب ِ
الحبيب ْ
*****
ميجنا…ياميجنا…ياميجنا
*****
والحوارات ُ التي ماانفك َّ شيخ ُ العزم ِ
يجريها
مع الصخر ِ الذي يزرعه ُ سورا ً
وجدراناً ،
مع المعول ِ والشوك ِ ،
مع الأغصان ِ
تقليماً
وتفريعاً
ليسعى في حناياها طليق ُ الله ِ زُلفى
الحوارات ُ الموشاة ُ بزهر ِ اللوز ِ
باتت ْ لغة َ الروح ِ التي
يأنسها الطَّيُّون ُ
والشحرور ُ
والروض ُ العشيب ْ
*****
اينع َ الجدول ُ شلالا ً من الأولاد ِ
والأحفاد ِ
هم في عين ِ عبد ِ الله ِ نبت ُ الله ِ
أعطى كائنات ِ الحقل ِأسماءَهُم ُ
اعطاهُم ُ وسم َ المحارات ِ التي في الحقل ِ
” صبَّار ٌ، وخَرنوب ٌ ، وعطر ُ الليل ِ ”
ساوى جمعَهمْ في الحب ِّ
لايقسو على طبْع ٍ
لأن َّ الطبع َ كالناموس ِ
حنَّاء ٌ على الأيدي ،
ونَذْر ٌ قبل َ بدء ِ البدء ِ
مختوم ٌ بوشم ِ الهيئة ِ الأولى .
قضى بعضُهُم ُ في الظل ِّ عُريان َ المسافات ِ
وعاش َ البعض ُ بين التين ِ والزيتون ِ
يكسو مدن َ الشمس ِ بروح ِ الخصب ِ ،
مد ََّ الأفق ُ من ألوانه ِ السحريَّة ِ الألطاف ِ
جسرين ِ
لأحلام ِ الذين اشتعلت ْ أقدامُهُم ْ بحثاً
…..عن المجهول ِ
— والمجهول ُ مغناطيسنا الجاذب ُ —
….. عن شيخ ٍ
له نهران ِ من فل ٍّ ،
له في البحر ِ حورياتُه ُ الأحلى ،
له في ماوراء َ البحر ِ
ياقوت ٌ ،
وخيل ٌ موريات ُ القدح ِ ،
مرجان ٌ
وبستان ٌ قَشيب ْ
*****
هرمت ْ جبهتُه ُ من سفر المحراث ِ
في تربتها الخصبة ِ
كان الشيب ُ في لحيته ِ يحبو إلى
الفودين ِ
ثم اغتسل َ الرأس ُ به ِ
وامتد َّ شرخ ُ العمر ِ في كل ِّ
خلاياه ُ التي بعثرها الوقت ُ
على تلك الدروب ْ
*****
آذنت ْ لحظَتُه ُ
حين هوى عكازُه ُ من يده ِ اليمنى
وجفَّت ْ ساقُه ُ اليسرى
فغابت عن مدى عينيه ِ
أعراش ُ الدوالي
لم يعد ْ يسمع ُ إلاَّ
وجع َ الحور ِ على العش ِّ الذي
يتَّمه ُ الدهر ُ ،
وآهاتِ الحمام ِ انقطع َ المرسول ُ
عن رحلتها في موسم ِ الدبكة ِ ؛
أوصاهم ْ
–وقد غَطوا رحاب َ الدار ِ —
أوصاهم ْ بألاَّ يتركوا العكَّاز َ
والعرزال َ
والنورج َ
والقوس المُدمَّى
— عندما تلظى مدارات ُ العشايا السود ِ —
نهباً للغريب ْ