عندما يقود الحب إلى مصالحة مع الذات في رحلة للتطهر
من آثام ليس للإنسان ذنب في اقترافها بقدر ما للقدر من دور في توجيه الدفة نحو تلك الذنوب،
ما على الفرد إلا التشبت بتلك الهدية لأنها أهم الهبات السماوية التي خص بها الخالق كائناته .
تيري مالوي ( مارلون براندو ) ملاكم سابق، يعيش على الهامش ويستفيد بشكل غير مباشر من شبكة فساد يعمل أخوه شارلي ( رود ستايغر ) ضمنها، تحت إدارة رئيس نقابة عمال الميناء جون فرندلي ( لي ج . كوب ) .
عندما يتجرأ عامل ويتحدى فرندلي، يتم تصفيته من خلال استخدام تيري ( بدون معرفته وبدون قصد منه ) .
لكن وقوع تيري في حب إيدي شقيقة العامل المقتول ، يضعه في حيرة دويستوفسكية بين أن يعترف بالجريمة ويسعى للعدالة ويكسب حب الفتاة، وبين إخلاصه لشقيقه وولي نعمته شارلي . مشهدان لافتان كانا بالحق يشعان بالالهام والتألق: يتمثل أولهما عندما يجالس ايدي، ويكشف لحبيبته بأسى عن طفولته البائسة، ثم يتأوه بحرقة داخلية بالغة قائلا”…بيت ما ”
في اشارة حنين جارف لمنزل طفولته، ويقينا فهو شخص عادي، ولكن قدراته اللافتةعلى اخراج المعاناة والأفكار تلمس المشاعر،ونرى الحب يغمر وجهه كله، وكأن هذه العاطفة الجياشة تعيد ترتيب ملامحه وقسماته، ويقدم براندو هنا حضورا تمثيليا طاغيا لا يتقنه الا كبار الممثلين. يحدث المشهدالثاني أثناء ركوبه التاكسي مع شقيقه، حيث يحاول اخبار شقيقه أن حبه واخلاصه له كان معيقا لتقدمه ومسيرته المهنية،
يقول متحسرا “كنت سأكون شخصا ما منافسا” (عبارته الشهيرة) حينما يردد بحزن هذه العبارة “التبريرية” على مسامع شقيقه وكأنه يعتذر لأن شارلي خيب ظنه،
ثم يصارحه “انه انت شارلي!”
بدون أن يشكو، ويتصاعد الموقف المؤثر مع توجيه شارلي مسدسا باتجاهه، فيحرك براندو رأسه غيرمصدق، محدقا بشارلي ككلب مخلص مخدوع، راسما ابتسامة باهتة على محياه وهامسا بتعجب ودهشة…هنا يصل هذا الشريط لذروته الدرامية الفريدة.
كما نلاحظ أن كازان تملك بحرفية كافة عناصر النجاح مع سيناريو “بود شولبيرغ”، وموسيقى “ليونارد بيرنشتاين” وكاميرا “بوريس كاوفمان” الذكية الدقيقة…
حيث أن كل مشاهد الفيلم تشي “بشاعرية سوداوية” ابتداء من اللون الأسود الذي يطغى على معظم المشاهد، والمنازل الحالكة المواجهة لبعضهاالبعض، والأسطح الفارغة المركوبة “بأنتينات” التلفزة الطويلة المدببة،
كما بحاويات النفايات المنتشرة،وبالناس الخائفين اللذين يسيرون بحذر بمحاذاة الجدران وقد دفنوا ذقونهم بذقونهم متحدين الرياح الباردة، وكأنهم غارقون باليأس والاحباط! يستعرض لنا كازان خذلان براندو المقصود بحلبة الملاكمة ارضاء لرهان فرندلي وجشعه.
فاز الفيلم عام 1955 ب 8 أوسكارات عن أفضل :
ممثل ( براندو ) – ممثلة دور مساعد ( ايفا ماري سانت ) – مخرج – سيناريو – تصوير – إدارة فنية – مونتاج . كما رشح لنيل أوسكار أفضل : ممثل مساعد لكل من ( ستايغر – ج . كوب – مالدن ) – موسيقى . On the Waterfront (1954)
Director: Elia Kazan
Writers: Budd Schulberg (screenplay), Budd Schulberg (based upon an original story by)
Stars: Marlon Brando, Karl Malden, Lee J. Cobb , Rod Stieger , Eeva marie saint