سقيفةٌ هناك
لازالت تحتفظ بحقها في الحبو
فوق أرصفةٍ تهرول إلى نوافذ النسيان
وخردةٌ خرفةٌ
من ذكرياتٍ جفّ لعاب الزمن عليها.
صندوقٌ آخرُ
في زاويةٍ عرجاء
يتكئ عليها بأحد أكتافه، ويسند إحدى أقدامه على
شريط الكاسيت الأول
في تاريخ سماعي الذي
لازال( غشيماً )
وقتَها تفتحت أولى براعم الذائقة،
أو لنقل:
تفتحت أولُ زهرةٍ في مدائن الحب:
( ولا تسدّأ )
وصوت أم خالد
أعني أصالة نصري … بلغة المراهقين،
كان صوتها يبرق
في أجواء كراجات العباسيين
في حقبةٍ كانت الدولة كلها تعربدُ
إلا براءتي.
**************
في البيت:
تعلو الأريكة الزرقاء الباكية منذ ربع قرن
وأنا لا أطيق الجلوس عليها
رأفةً وقرفاً
وهي لا تنسى أن تعلوَ على حصيرة جدتي التي
أطعمت بطنَ السقيفة ما ابتلعته
من عظام التاريخ.
***************
في البيت:
ضراوةُ الأخ الأكبر تعدو على
سذاجتنا وبلاهة حيلتنا
وسَوط الأب ينادي فينا عند كل زلة تائهة:
حيّ على (الفلقة )،
وأمٌّ ترتجف مرتين:
الأولى تحرقني عندما أتلحف حاجبيها اليائسين.
والثانية تعيشونها كلكم عندما تتوسدون آهاتِها.
***************
كان في البيت
جدّةٌ تمدّ سياجها العازلَ لتدرأ شيئاً من
هدير السياط الطائرة،
في أجواء شغبنا المسلوب
وربما تقينا بعضَ قصفها اللعين
***************
الآن
بيتٌ جديد
وموازينُ جديدة
ودولةٌ مُعسِر.
أما الحكايا
فلاتزال تلوكها الجدران.