للروسية سفيتلانا اليكسييفيتش.
في الساعة الواحدة وثلاثة وعشرون دقيقة من صباح السادس والعشرين من نيسان عام 1986 دمّرت سلسلة من الانفجارات مفاعل تشرنوبل القريب من مدينة بريبييات.
كارثة قومية تجلّت في ضياع 485 قرية ومستوطنة , دُفن 70% منها تحت الأرض , منعا” لانتشار التلوّث الإشعاعي , ومع ذلك استمرت الانبعاثات بشكل مستمر متسببة بتزايد عدد المصابين بالسرطان والتخلّف العقلي والاضطرابات العصبية ناهيك عن ولادة أجنة مشوهين .
جالت سفيتلانا الأرض المنكوبة لتجمع شهادات من الضحايا والشهود عمّا رأوه وشعروا به حيال فقدانهم لأحبتهم وأهلهم , وقسمت روايتها إلى ثلاثة فصول عنونتها : أرض الموتى – إكليل الإبداع – الإعجاب بالحزن .
جاءت الشهادات على شكل مونولوجات من قبل علماء ومسؤولين , نازحين , رافضين للنزوح , موظفين في المفاعل , متطوعين , إطفائيين , زوجات فقدن أزواجهن , أمهات فقدن أجنتهن , أطفال معاقين . الرواية تدين العقلية السوفياتية الشوفينية في التعامل مع الكارثة من حيث اتهام الغرب بها والتعتيم على ما حصل بإنكار أبعاد الكارثة دون التحدث بصراحة عن الأسباب العلمية التي أدت إليها من حيث : إنشاء مفاعل ذو تصمصم معيب , نُفذ بمواد رخيصة للتوفير وفي فترة زمنية هي نصف الفترة التي تحتاجها المفاعلات في البناء وإدارة المفاعل من قبل مجموعة غير مؤهلة لذلك سوى أنها مجموعة حزبية , وبذلك يصبح الانفجار أمرا” واقعا” لا محالة .
إلى جانب كذب الدولة وتعتيمها , هناك هوس المواطنين بالبطولة بحيث تطوعوا للعمل في تنظيف مخلفات الانفجار دون إدراك لأبعاد المصيبة . الكارثة كانت بداية لإنهيار الاتحاد السوفياتي والإشتراكية والشيوعية و حوّلت بشرا” مسالمين خُدعوا بتصديق أن المفاعلات الروسية آمنة ويمكن إقامتها في الساحة الحمراء , فتحولوا نتيجة لذلك إلى ما يسمى ب ” شعب تشرنوبل ” .
رواية قاسية ومؤلمة جدا” تثبت مقولة أن ” اكبر تهديد للإنسان هو الإنسان نفسه ” .
سفيتلانا اليكسييفيتش مواليد 1948, خريجة صحافة من جامعة مينسك , حازت جائزة نوبل للآداب عام 2015 على اعمالها المتعددة الاصوات التي تفند معاناة عصرنا وشجاعته .
من رواياتها : فتيان الزنك – ليس للحرب وجه أنثوي – زمن مستعمل – آخر الشهود- مسحور بالموت.