للمؤرخ والروائي اللبناني أمين معلوف.
بعد ( الهويات القاتلة ) و( اختلال العالم ) يتطرق معلوف لانهيار نظام العالم الّذي صنعته الحضارة الغربية والتصدع الهائل في ثقافات العالم وعلاقاته وإنسانياته ، ويبدو متشائماً حيال الحضارات كلها حيث يراها مهددة بالغرق بسبب مشكلات الحداثة التي راكمها العالم وخرجت عن سيطرته.
بداية يشير إلى الظلام الذي اكتسح العالم العربي بدءا” من مصر ولبنان والعراق وسوريا، مبيّناً أن العرب اختاروا الطريق الخطأ من خلال تجاهلهم لدعوات الإصلاح والتحديث ، وظلّوا مشدودين إلى ماضيهم رافضين الّلحاق بركب الحضارة الغربية ، وذلك نتيجة اختيارهم لأنظمة حكم متسلّطة وفاسدة ،
مما ضاعف من تخلّف الوطن العربي ، ناهيك عن السماح للحركات الأصولية المتطرفة باكتساح المجتمعات العربيّة . حمّل معلوف عبد الناصر مسؤوليّة ما حدث للعالم العربي ،
لأنّه لم يكن واعياً لتحدّيات المرحلة وجاهلاً بالحلول التي لم يستطع تقديمها ، فدمّر الاقتصاد المصري واضطهد الأقليات وأشاع الشوفينيّة وقاد الوطن العربي إلى هزيمة عام 1967 . ينتقل معلوف فيما بعد إلى عام 1979 مسمّياً إياه عام الإنقلاب الكبير مفنّداً أهم الأحداث فيه : الثوّرة الإيرانية ،
ثورة المحافظين في المملكة المتّحدة ووصول تاتشر إلى السلطة، الثورة الصينيّة المحافظة وتسلّم دينغ شياو بنغ للسلطة ، وصول يوحنا بولس الثاني لكرسي البابويّة . كما عرّج على خيبات الاتحاد السوفياتي وانتصاراته أثناء الصراع بين الرأسماليةّ والشيوعيّة . في ختام الكتاب يتطرّق للإنحراف الأوريلي ( نسبة لجورج أورويل ) حيث تتم مراقبة كل ما يتعاطاه البشر بذريعة محاربة الإرهاب ,
كما يشير إلى تفشّي استخدام الروبوتات وسيطرتها التدريجية على كل مناحي الحياة . كتاب دسم ومهم ،مليء بالمعلومات ويحتاج إلى الصبر والتأني في قراءته لاستيعاب كل ما يريد معلوف إيصاله للقارىء.