اول و أعرق ملكات التاريخ من بلاد الرافدين منذبداية التاريخ
تعد الحضارة السومرية الحافلة بانجازاتها ومآثرها أولى حضارات العصور التاريخية وكان أهم مراكزها موقع (كيش) أو الأحمير حاليا.
تشير النقوش المسمارية القديمة إلى أن أول سيدة تحكم بممالك سومر القديمة هي الملكة الكوتية ای الكوردیة (كوبابا) ، المرأة الوحيدة التي ذكرت في قائمة الملوك السومريين التي تعود إلى 2100 ق. م وقد حكمت 100 عام وهي سابقة تاريخية فريدة في هذه العصور القديمة التي كانت تبدي قيودا في بعض الآونة على حكم المرأة وتشير الدراسات إلى كونها من أسست سلالة كيش و لقد حكمت الملكة الكوتية (كو_بابا) مدينة كيش الواقعة في جنوب “أوروك”. الملكة الكوردية كوبابا كانت لها مكانة عالية، حيث أقيمت لها الكثیر من المزارات تكريماً لها، في جميع أنحاء بلاد الكورد في مزرابوتان ، وأيضاً في بلاد أسلاف الكورد الهوريين …
أحد فروع أسلاف الكورد الهاتيين (الحثيين) في شمال كوردستان ..حیث هناك لوحة حجرية بالنحت محفوظة في (متحف الحضارات الأناضولية) في مدينة هاتية” الاصلیة او الأنقرة حالیآ . تذكر بعض المصادر أنها اول ملكة لسلالة كيش الثالثة وقيل رابع ملكة ، إضافة إلى أصولها الكوردية وتذهب بعض المصادر إلى اشتقاق اسمها من الكوردية ويعني (الجبل الأب) في إشارة إلى أصول الكوتيين الكوردية بجبال زاغروس لكن بعض المؤرخين قد ترجموا هذا الاسم بمعنى آخر وهو (صاحبة الحانة) في إشارة إلى مهنتها الأولى قبل أن تصبح ملكة!! فهل كان مقبولا لدى شعب كيش الذي ظلت تحكمه لسنوات عديدة أن ترتقي حكمه إمرأة صاحبة حانة؟ لم تكن البيرة في هذه العصور محرمة أو مظهر ازدراء من الجانب المجتمعي بل كان الشعير الذي تصنع منه البيرة مقدسا والكلمة بالكردیة هی جه” ای جعه” وكان يقدم كنذور في بيوت الإلهة إضافة إلى المعرفة الواسعة لهذه الحضارات بفوائد الشعير الطبية .
ويعتبر السومريون أول من صنع البيرة وقد وصفوها على ألواحهم بمفتاح بهجة القلب ورضى الكبد واحتفاءا بعمليات التخمر التي تصنع منها البيرة والتي احتفظوا بها سرا فقد خصصوا إلهة للتخمر أطلقوا عليها (نينكاسي) لذلك ونظرا لهذه المكانة العالية فليس من المستغرب أن تصبح صاحبة الحانة ملكة!!! لكن في الوقت نفسه تشير بعض الوثائق إلى دور ملك أكشاك (بوزور نيراه) في تقديم العون لها لتعتلي منزلتها الملكية في بلادها وأكشاك هي مدينة في سومر القديمة شمال حدود أكد ولا يعرف على وجه التحديد موقعها الحالي. تعتبر كوبابا أول ملكة محاربة في التاريخ حيث تمكنت من إلحاق الهزيمة بملك مدينة ماري (شارومتر) وكذلك بملك أكشاك وقد حكمت مائة عام وقد تزوجت من الملك الكوتي” ای الكوردی (هابلوم) وخلفها في الحكم إبنها (بوزور سوين) ثم حفيدها (أور زبابا) والذي اختطف منه الحكم (سرجون الاكادي) الطفل مجهول الهوية الذي تربى في كنفه وصار ساقيه ثم غدر به
وأسس إمبراطورية ممتدة اخضعت جيرانها ويسميه المؤرخون سرجون الأعظم. الطريف هو ارتفاع منزلة كوبابا إلى درجة التقديس لفترة طويلة فكانت آلهة رئيسية في سارديس عاصمة مملكة ليديا أما اليونانيون فأطلقوا عليها (كيبيبي) واعتبروها ابنة الإله زيوس بينما أطلق عليها الرومان اسم الألهة (كبيلي). على ما يبدو لم يكن درس كوبابا ماثلا للعيان في القرون الوسطى والتي شهدت تراجعا كبيرا في مكانة المرأة في الحياة العامة بشكل عام وبالنسبة لمكانة المرأة الكردية على وجه الخصوص وهو ما نرصده بجلاء في كتاب الأمير شرف الدين بتليسي والذي حمل عنوان (شرف نامه) أو بالعربية (رسالة شرف) حيث يشير إلى انحسار دور نساء الطبقة الحاكمة في الإمارات الكردية
ليكون قاصرا على عملية نقل السلطة لابنائن عند بلوغهم سن الرشد دون أي مشاركة في الحياة العامة. ولكن مع بدايات القرن التاسع عشر عادت المرأة الكردية بقوة إلى الواجهة لتحتل الصدارة فنجد السيدة مريم وهي من عائلة نهري الشهيرة تدير مفاوضات مع القوات الروسية في الحرب العالمية الأولى على ممر آمن تابع لقبيلتها الكردية والسيدة حليمة خانم من هكاري والتي شغلت منصب حاكمة ولاية (باش كالا) حتى كان
استسلامها للعثمانيين في أعقاب ثورة بدرخان ونهاية بالسيدة عديلة خانم أميرة الشجعان كما أطلق عليها الإنجليز وهي حاكمة قبيلة (جاف) القبيلة الكردية الأكبر في منطقة زاغروس. لقد كانت كوبابا ولازالت ملحمة ملهمة للمرأة الكردية المبدعة والمستنيرة والقادرة على إدارة دفة الأمور في محيطها في كل العصور.
المصادر : ٭ الموسوعة الحرة .
٭ “وايدنر” كرونيكل “يذكر كوبابا”. من غرايسون ، أ. ك. (1975).
سجلات الآشورية والبابلية.
٭ Laroche Emmanuel ،
“إلهة Kubaba Anatolian ،
ومشكلة أصول العناصر الشرقية في الديانة اليونانية القديمة ،
باريس 1960
٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭
سروه عثمان مصطفى ـ شاعرة وكاتبة كوردیة
دكتور محمد فتحي عبد العال