ملخص :
تلعب الجينات الوراثية دوراً كبيراً في حياتنا، وتؤثر على شكلنا وسلوكنا وصحتنا واختياراتنا الغذائية والحياتية. وتشمل تطبيقات العلم الجيني مختلف جوانب الحياة من الطب والصيدلة والزراعة والتغذية إلى القانون وعلم الآثار والتاريخ وغيرها الكثير.
قطعت البشرية أشواطاً طويلة في هذا المجال، وأصبح مصطلح الجينات قريباً أكثر من أي وقت مضى من حياتنا، و ربما كان اكتشاف علم الجينات هو الحدث الأبرز في مجال الطب وبيولوجيا الكائنات الحية في المئة سنة الأخيرة.
ولما كانت لغة العلم تبدو معقدة، ومع كل هذا الكم من الأبحاث والدراسات المتخصصة باللغات الأجنبية، فقد ارتأينا أن نقدم للقارئ العربي المهتم مادة علمية سلسة، تمكنه من الوقوف على آخر مستجدات هذا العلم الحياتي وفهم أسراره. لذا كان علينا نقل هذا الجديد عبر مجموعة من المقالات القصيرة الشيقة، حرصنا على أن تكون بسيطة الأسلوب، متنوعة الموضوعات، غزيرة المعلومات؛ كي تحقق للقارئ العربي الفائدة المرجوة وتلبي حاجته للمعرفة والاطلاع.
ندعوكم إلى جولة سريعة في أرجاء عالم الجينات الرائع، ونقدم لكم مقتطفات من تطبيقات هذا العلم البديع في مختلف جوانب حياتنا وصحتنا.
منذ أن وضع العالم مندل قوانين علم الوراثة في القرن التاسع عشر، قبل معرفة أي شيء عن الجينات بفترة طويلة، مروراً باكتشاف الكروموزومات الوراثية وتركيب جزيء الدنا في عام ١٩٥٣، وصولاً إلى انطلاق مشروع الجينوم البشري في عام ١٩٩٠، تطور علم الجينات وتعددت تخصصاته حتى باتت التحاليل الجينية جزءاً أساسياً من أعمال مخابر التحاليل المخبرية، وبدأت العلاجات الجينية تثبت نجاعتها في علاج بعض الأمراض. والمستقبل مفتوح على مصراعيه لتطورات تتجاوز حدود الخيال العلمي والعقل البشري اليوم.
يمكن النظر للجينوم (المجموع الجيني للكائن الحي) كسجل للمعلومات مكون من أحرف وشفرات، تتتابع في تنظيم بديع قوامه حروف اللغة الجينية، والتي هي عبارة عن أربعة أحرف هي الأسس الآزوتية: T-G-C-A أي الأدنين والسيتوزين والغوانين والتايمين، والتي يرتبط كل واحد منها بسكر خماسي وفوسفات لتشكل النوكليوتيد. تتوالى النوكليوتيدات في ترتيب معين لتشكيل لولب يتكون من شريطين يشكلان الحمض الريبي النووي منقوص الأوكسجين (DNA) . هذه الأحرف تكتب كتاب حياتنا وصحتنا ومظهرنا الخارجي وشخصيتنا، كما وتروي أيضاً تاريخ أجدادنا.
لقد كان علم الأمراض في الماضي مجرد سجل من فرضيات ونظريات وملاحظات، بعث فيها العلم الجيني الحياة، فصار كل مرض يخضع لدراسة جينية دقيقة تحدد أسباب الأمراض بدقة، مما أدى إلى تطور كبير في مجال التشخيص المخبري والصيدلة الجينية وعلم التغذية الجيني.
لقد وصلنا إلى مرحلة من التطور أضحى فيها التعديل الجيني على مرمى حجر، مما يبشر بحل ناجع لعلاج كثير من الأمراض الوراثية باضافة جين سليم أو إزالة الجين المعطوب. ويمكن لهذا النوع من العلاجات أن يشفي من أمراض خطيرة مثل داء التليف الكيسي والناعور ومرض الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي وغيرها. إلا أن الأمر لا يسير بهذه السهولة وسط غياب لمعرفة الدور الذي تلعبه بعض الجينات، وفي خضم نقاشات فلسفية وأخلاقية وضرورة وضع أسس وضوابط للتعامل مع المستقبل المفتوح للمعالجة الجينية.
و رغم دور الجينات الحاسم في الإصابة ببعض الأمراض ذات المنشأ الجيني الأحادي (جين واحد مسؤول عن المرض)، فإن العدد الأكبر من الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين والسكري من النمط الثاني ومعظم الأمراض السرطانية، تتأثر كثيراً بالعوامل الخارجية كالتغذية وأسلوب الحياة والبيئة. هذه العوامل تؤثر في تعبير هذه الجينات عن نفسها سواء بإحداث المرض نتيجة العادات الصحية السيئة أو بالعكس بالوقاية من كثير من هذه الأمراض. وهذا ما يدرسه علم الإيبي جينيتيك أو علم ما فوق الجينات الذي يربط بين جيناتنا الوراثية والتأثيرات البيئية الخارجية، ويبحث في التغيرات الوظيفية التي تحدث للجينات الوراثية والتي لا تتضمّن تغييراً في نوكليوتيدات سلسلة الدنا.
لقد تطرقنا في الكتاب إلى موضوع العلاج بالخلايا الجذعية لما له من أثر كبير في العلاج الجذري للأمراض وتعويض الأعضاء التالفة والمفقودة، باستخدام خلايا لها القدرة على التحول إلى أيٍّ نوع من أنواع خلايا الجسم لتعطي أنواعًا مختلفة من الخلايا المتخصصة. ولأهمية استعمال التقنيات الجينية في تطوير هذا النوع من العلاجات بات الترابط وثيقاً بين هذين التخصصين، فلولا التطور في تقنيات البيولوجيا الجزيئية لما شهدت تقنية استخدام الخلايا الجذعية كل هذا التقدم خاصة في استخدام الخلايا الجذعية الجنينية المبرمجة التي تسهل انتاج الخلايا الجذعية بكميات مناسبة لاستخدامها في مختلف الاختصاصات الطبية.
باتت التحاليل الجينية تستخدم اليوم في مجالات متعددة، وأصبحت هذه التحاليل تطلب بشكل روتيني لتشخيص الأمراض الجينية لدى الجنين قبل الولادة وفي إطار الفحص الطبي قبل الزواج، أو لاثبات تشخيص الأمراض الوراثية كالناعور والتلاسيميا والطفرات التي تزيد من حدوث الخثرات الوريدية العميقة مثل: طفرة لايدن أو طفرة حمض الفوليك (MTHFR) وغيرها. هذا عدا عن استخدام هذه التقنية في مخابر علم الأحياء الدقيقة والكشف عن الحامض النووي للجراثيم والفيروسات والطفيليات لتشخيص الأمراض الانتانية المختلفة.
كما أصبح من الممكن قراءة الخريطة الجينية المفصلة لكل شخص والتنبؤ بعوامل الخطورة للاصابة بالأمراض المختلفة. وتحتاج قراءة هذه النتائج الجينية إلى دراسة متأنية من قبل طبيب أخصائي في هذا المجال لوضع النتائج في اطارها الصحيح، خاصة مع حقيقة تأثر أغلب الجينات الوراثية بعوامل المحيط البيئي والغذائي وأسلوب الحياة.
وبعيداً عن الطب، فقد عرجنا في جولتنا الجينية على بعض جوانب التاريخ وتطبيقات علم الآثار الجينومي لسبر أغوار الأسرار الفرعونية والوقوف على أسباب وفاة الملوك والأمراض الوراثية للأسر الحاكمة، و دراسة أصل الشعوب والأفراد وحركة هجرتهم عبر التاريخ، مما يساعد على تقديم تفسير أوضح وأصدق للأحداث التاريخية. حيث يمكن لعلم الجينات أن يفسر لنا رسائل جينية من الماضي تروي لنا قصص الأجداد وتعيد تفسير أحداث التاريخ السحيق
كل هذا ليس إلا غيض من فيض، فيما يتعلق بتطبيقات العلم الجيني وتأثيره في مختلف الاختصاصات وجوانب الحياة. مما يجعل الباحث والمتابع للتطور السريع والمعلومات المتلاحقة في هذا المجال، يقف موقف المذهول أمام معجزة الخلق وعبقرية النظام البديع الذي أحسن كل شئ خلقه.
ولما كانت لغة العلم تبدو معقدة، ومع كل هذا الكم من الأبحاث والدراسات المتخصصة باللغات الأجنبية، فقد ارتأينا أن نقدم للقارئ العربي المهتم مادة علمية سلسة، تمكنه من الوقوف على آخر مستجدات هذا العلم الحياتي وفهم أسراره. لذا كان علينا نقل هذا الجديد عبر مجموعة من المقالات القصيرة الشيقة، حرصنا على أن تكون بسيطة الأسلوب، متنوعة الموضوعات، غزيرة المعلومات؛ كي تحقق للقارئ العربي الفائدة المرجوة وتلبي حاجته للمعرفة والاطلاع.
ندعوكم إلى جولة سريعة في أرجاء عالم الجينات الرائع، ونقدم لكم مقتطفات من تطبيقات هذا العلم البديع في مختلف جوانب حياتنا وصحتنا. والله من وراء القصد
- لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
- لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
- كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
- ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
– فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
- أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
- كلامُ عند الفجر أَرضُ قصيدتي
- وأَنا البعيدُ..
- محمود درويش
المقال الأول : قراءة في كتابنا الجيني
هل تتحكم الجينات بمصيرنا، أم أننا نحن من يتحكم بها؟ هل لنمط حياتنا دور في توجيه كتابنا الوراثي، أم أن مصيرنا الصحي قدرٌ محتوم كتبته خريطتنا الجينية؟ وهل نستطيع أن نعيد تشكيل الطريقة التي تترجم بها أجسادنا الشفرة الوراثية، وبالتالي نتجنب الاصابة بالأمراض التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا؟
قبل أن نجيب عن هذه الأسئلة التي تشغل بالنا، يجدر بنا في البداية أن نتعرف عن قرب على الجينات (المورثات). فالجينات الوراثية هي مقاطع صغيرة من شريط الدنا مسؤولة عن توارث صفات معينة كلون الشعر والطول، وتُحمل الجينات على الكروموسومات (الصبغيات) والتي هي عبارة عن شرائط الدنا وقد التفت في نظمٍ بديع كبكرة الخيط حول بروتينات قاعدية تدعى الهستونات.
تحتوي الخلية الجسدية على 46 كروموسوماً نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم، وتشتمل الكرموسومات الست وأربعين على كرموسومين محددين للجنس X و Y
ترث الاناث صبغي X من كلا الوالدين فيما يرث الذكر صبغي X من الام وصبغي Y من الاب. ويضمن لنا هذا النظام المحكم حفظ كمية المادة الوراثية وسير الوراثة من الآباء للأبناء.
دأب العلماء منذ نهاية القرن العشرين على فك رموز الشفرة الوراثية ودراسة الخريطة الجينية للكائن البشري، حتى أصبح بالإمكان تحليل هذه الخريطة للأشخاص والتنبؤ باحتمال اصابتهم بالأمراض المختلفة، مع دراسة امكانية تعديل بعض هذه الجينات عبر المعالجة الجينية.
و رغم ثبات النمط الجيني للمورثات، إلا أن جيناتنا أشبه ما تكون بلوحة البيانو التي تتحكم فيها حركات أصابعنا، حيث يمكننا بأفكارنا وغذائنا وأسلوب حياتنا أن نؤثر في لوحة التعبير الجينيّ و ذلك بتعطيل وتغيير النمط الظاهري للجينات بصورة مكتسبة.
علم ما فوق الجينات (الايبي جينيتيك)
هو علم يربط بين جيناتنا الوراثية والعوامل البيئية الخارجية التي تؤثر عليها، وهو يعبر عن الجزء المتغير والقابل للتعديل. و يدرس العوامل الخارجية التي تنشط أو تثبط عمل الجينات، وبالتالي تزيد أو تنقص من احتمال الاصابة بالأمراض المختلفة. هذا العلم يبحث التغيرات الوظيفية (وليس التكوينية) التي تحدث للجينات الوراثية والتي لا تتضمّن تغييراً في نوكليوتيدات سلسلة الدنا.
لقد أبحر كاتب الخيال العلمي نيل ستيفنسون عبر أحداث روايته )سيفن إيفز) نحو المستقبل، وتنبـأ بأن مستقبل البشرية سيكون رهين عملية فوق جينية، مشيراً إلى ما يمكن أن تسببه العوامل البيئية الخارجية كتأثيرات الجوع والصدمات النفسية والتعرض للعوامل المسرطنة والسامة كالتدخين والبلاستيك والكحول والإشعاع ؛ هذه العوامل التي يمكنها أن تتحكم في عمل جيناتنا وبالتالي بمصير البشرية كلها.
- فما الذي يحدد صحتنا و سلوكياتنا ومشاعرنا، هل هي الوراثة أم البيئة؟
سؤال أصبح من الماضي، فاليوم أصبحنا نعرف مدى التداخل والتفاعل بين الوراثة والبيئة وأسلوب الحياة لإنتاج أنماط السلوك والعاطفة والحالة الصحية. إن تغييرنا لأنماط حياتنا باستطاعته إحداث تغيير كبير في نشاط جيناتنا ؛ ففي تجارب أجريت على الحيوانات أدى اتباع نظام غذائي غني بالفركتوز إلى تعطيل الذاكرة عند الفئران، بينما اتباع نظام غذائي بديل غني بدهون الأوميغا 3 أدى لاصلاح هذا الأثر الضار للفركتوز. أما عند البشر فمن المعروف أن توقف المرأة الحامل عن تناول الكحول وتناولها لمكملات حمض الفوليك أثناء الحمل بإمكانه وقاية وليدها من تأثير جيناتها السلبي على النمو وتطور الجهاز العصبي للجنين. وفي مرضى بيلة الفينيل كيتون يوريا، حيث تتعطل قدرة الجسم على استقلاب الحمض الأميني الفينيل الانين مما قد يؤدي إلي التخلف العقلي، ولكن باتباع نظام غذائي لا يحتوي على هذا الحامض الأميني يمكن للمرضى من العيش بشكل طبيعي.كما أن الامتناع عن التدخين وانقاص الوزن الزائد يعمل على الوقاية من أمراض القلب والسكري وبعض السرطانات، إضافة إلى التأثير الإيجابي للنوم الجيد وممارسة الرياضة على جيناتنا الوراثية.
ويبقى السؤال: هل يمكننا أن نعيد صياغة كتابنا الجيني؟
ولما كانت لغة العلم تبدو معقدة، ومع كل هذا الكم من الأبحاث والدراسات المتخصصة باللغات الأجنبية، فقد ارتأينا أن نقدم للقارئ العربي المهتم مادة علمية سلسة، تمكنه من الوقوف على آخر مستجدات هذا العلم الحياتي وفهم أسراره. لذا كان علينا نقل هذا الجديد عبر مجموعة من المقالات القصيرة الشيقة، حرصنا على أن تكون بسيطة الأسلوب، متنوعة الموضوعات، غزيرة المعلومات؛ كي تحقق للقارئ العربي الفائدة المرجوة وتلبي حاجته للمعرفة والاطلاع.
ندعوكم إلى جولة سريعة في أرجاء عالم الجينات الرائع، ونقدم لكم مقتطفات من تطبيقات هذا العلم البديع في مختلف جوانب حياتنا وصحتنا. والله من وراء القصد
- لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
- لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
- كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
- ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
– فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
- أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
- كلامُ عند الفجر أَرضُ قصيدتي
- وأَنا البعيدُ..
- محمود درويش
المقال الأول : قراءة في كتابنا الجيني
هل تتحكم الجينات بمصيرنا، أم أننا نحن من يتحكم بها؟ هل لنمط حياتنا دور في توجيه كتابنا الوراثي، أم أن مصيرنا الصحي قدرٌ محتوم كتبته خريطتنا الجينية؟ وهل نستطيع أن نعيد تشكيل الطريقة التي تترجم بها أجسادنا الشفرة الوراثية، وبالتالي نتجنب الاصابة بالأمراض التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا؟
قبل أن نجيب عن هذه الأسئلة التي تشغل بالنا، يجدر بنا في البداية أن نتعرف عن قرب على الجينات (المورثات). فالجينات الوراثية هي مقاطع صغيرة من شريط الدنا مسؤولة عن توارث صفات معينة كلون الشعر والطول، وتُحمل الجينات على الكروموسومات (الصبغيات) والتي هي عبارة عن شرائط الدنا وقد التفت في نظمٍ بديع كبكرة الخيط حول بروتينات قاعدية تدعى الهستونات.
يبدو أننا على أعتاب ثورة بيولوجية قادمة نستطيع أن نسطر جميعاً صفحاتها بمحض إرادتنا.
المقال الثاني : العلاج بالجينات
هل سيأتي يوم يصبح فيه استخدام الأدوية لعلاج الأمراض المزمنة بما فيها الأمراض السرطانية ضرباً من الماضي؟ وهل سيتحول العلاج بالجينات الى حل ناجع يستأصل مسببات هذه الأمراض من جذورها ؟ أسئلة تداعب العقول في عصر العلم وتفتح الباب على مصراعيه في رحلة بحثٍ عن قوارب للنجاة لا تتوقف!
الدنا ومشروع الجينوم البشري
في عام 1953 استطاع جيمس واطنسون وفرنسيس كريك أن يخرجا للعالم موناليزا علمية فريدة عبر فك شفرة الحامض النووي منقوص الأوكسجين (الدنا)، وهو الكود الجيني الذي يحمل التعليمات الوراثية التي تتحكم في وظائف الجسم المختلفة.
يتكون جزيء الحمض النووي الدنا من لولب مزدوج يتكون من شريطين من النيوكليوتيدات المرتبطة ببعضها، ويتكون كل نكليوتيد من قاعدة نيتروجينية وسكر ريبوز منقوص الأوكسجين ومجموعة فوسفات. ويحدث الارتباط بين الشريطين كسلم ملتو عبر القواعد النيتروجينية وعددها أربع: الأدينين والثيامين والجوانين والسيتوزين التي ترتبط بروابط هيدروجينية مشكلة درجات السلم، أما السكر والفوسفات فتشكل جانبي السلم .وتشكل هذه القواعد النيتروجينية في جزيء الدنا حروف اللغة الجينية التي تشكل المخزون الوراثي، فضلاً عن أن ترتيبها يسمى بالشفرة الوراثية والتي بدورها تميز كائن حي عن آخر؛ إنها لغة خاصة ذات حروف وجمل متفاوتة الطول والمترادفات، تتحكم في مهامنا الحيوية ومظهرنا الخارجي وامكانية اصابتنا بالأمراض المختلفة.
ومع نهاية القرن العشرين كان لنا موعد مع مشروع طموح وهو مشروع الجينوم البشري، الذي بدأ العمل به رسمياً عام 1990 بهدف كشف المادة الوراثية بشكل كامل. ويحتوي الجينوم البشري على حوالي ٢٥ ألف جين، تمكن العلماء من تحديدها و دراستها، ويعد هذا الكشف بداية للتعرف على الجينات المسببة للأمراض بهدف تعديل الجينات وإصلاحها.
استخدامات العلاج الجيني
أمي هل سأموت هذه المرة ؟؟ كان هذا سؤال الطفلة “سينثيا كاتشال” لوالدتها في كل مرة تذهب فيها الى المستشفى. كانت الطفلة تعاني من مرض انهيار المناعة المركب، والذي يحدث نتيجة عيب في الجين المسؤول عن تطور خلايا الدم البيضاء اللمفاوية المسؤولة عن مناعة الجسم ضد الانتانات، وبالتالي يصبح الجسم بلا جهاز مناعي يدافع عنه.
ومع قسوة السؤال كان للعلم دورٌ في الردّ على سؤال الطفلة المشروع وحقها في الحياة، حيث خضعت “سينثيا” لأولى فصول العلاج الجيني. كان ذلك في عام 1990 علي يد الطبيب الأمريكي “فرنش أندرسون” الأب الروحي للعلاج الجيني.
كانت المريضة طفلة في الرابعة من عمرها تعاني من اضطراب مناعي نادر، وتمّ علاجها بتعديل وراثي لخلايا الدم البيضاء المختلة وظيفياً واستكمال الجين المريض؛ وكان هذا الحدث فتحاً جديداً في علاج الأمراض المستعصية اعتماداً على تعديل الجينات الوراثية المسؤولة عن الاصابة بالمرض.
يعتمد العلاج الجيني على اضافة جين سليم أو إزالة الجين المعطوب أو تعديله وذلك لعلاج الأمراض ذات المنشأ الوراثي بشكل كامل. ويعتبر العلاج الجيني مبشراً في علاج عدد كبير من الأمراض خاصة الأمراض أحادية المنشأ الجيني (أي أن جين واحد فقط مسؤول عن الاصابة بها) وفي مقدمتها داء التليف الكيسي والناعور وبعض الأمراض السرطانية.
فمثلاً ترتبط أنواع من السرطانات بوجود عطب في الجين p53 والمعروف بحارس الجينوم ، فإذا أمكن استبدال هذا الجين المعيب، يمكن بالتالي ايقاف نشاط الخلايا السرطانية. وكذلك يمكن استخدام العلاج الجيني في تدريب الجهاز المناعي ليكون أكثر قدرة على التعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها.
ولقد أحدثت تقنية كرسبر كاس 9 نقله كبيرة في التعديل الجيني فكانت كالمشرط الجراحي شديد الدقة، وهي آلية جزيئية اكتشفها اليابانيون في البكتريا التي تدافع عن نفسها ضد الفيروسات وتدمرها باستخدام انزيم القطع كاس 9. وقد أمكن الاستفادة من هذه الخاصية في برمجته كمقص جزيئي يمكنه الذهاب لمكان محدد من الجينوم لتقطيع الحمض النووي واصلاح الجزء المعطوب منه. غير أن الوقت ما يزال مبكراً للحكم على سلامة مثل هذا النوع من التعديل الجيني؛ حيث تربط بعض الدراسات بين هذه التقنية وبين احتمالات الاصابة بالسرطانات.
آمال وتحديات:
تعتبر أكبر العقبات نحو التوسع في العلاجات الجينية هي تكلفتها المادية الباهظة فضلاً عن كونها ما زالت في طور التجارب السريرية للحكم على فعاليتها وسلامتها، كما أنها تحتاج لاستكمالها إلى موافقة منظمات الصحة الحكومية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
ومع ذلك فقد استطاعت بعض الشركات الدوائية من طرح علاجات جينية مختلفة، فشركة “نوفارتس” طرحت “كيمريا” لعلاج سرطان الدم الليمفاوي؛ والذي يعمل علي تنشيط الجهاز المناعي ليقوم بمحاربة الخلايا السرطانية الدموية. ومع تقدم الأبحاث في مجال العلاجات الجينية طرحت شركة سيارك عقارها (لوكستورنا) لعلاج فقدان البصر عند مرضى ضمور الشبكية الوراثي. وسيظل العلاج الجيني مجالاً بحثياً خصباً يحمل وعوداً مستقبلية بإطالة عمر الانسان ومعالجة أمراض مستعصية شتى تعصف بمجتمعاتنا.
المقال الثالث : دواؤك وفق خارطتك الجينية
عنوان أخّاذ يبعث علی الأمل في نفوسٍ أضناها الركض وراء علاجاتٍ شتی دون جدوی. فهل نعيش حقاً في عصر يفصّل فيه الأطباء والصيادلة لنا الدواء على مقاس جيناتنا؟
لقد عبّر أبقراط أبو الطب قبل الميلاد عن هذه الفكرة بقوله:”إن معرفة ماهية الشخص الذي يعاني من مرض ما، هو أكثر أهمية من معرفة نوع المرض الذي يعاني منه هذا الشخص”
لقد بدأ الاهتمام بدراسة الاختلافات الفردية في الاستجابة السريرية للأدوية منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث لاحظ الأطباء وفاة بعض المرضى عقب العمليات الجراحية علی أثر استخدام مرخي العضلات سكسنيل كولين أثناء التخدير. وتبين فيما بعد أن السبب يعود لنقص وراثي فى إنزيم (cholinesterase) يصيب واحد من أصل كل 2500 شخص مما يؤدي إلى عدم القدرة على استقلاب الدواء وبالتالي زيادة تركيزه في الجسم؛ مما يقود إلی شلل في عضلات الصدر وتوقف التنفس.
ومنذ ذلك الوقت تتالت الأبحاث والدراسات الدوائية، التي قادت إلى تطوير تخصص جديد هو الصيدلة الجينية والطب الشخصي.
الصيدلة الجينية pharmacogenomics الحكاية من البداية!
تختلف الاستجابة لدواء معين من مريض لآخر، فنفس الدواء بنفس الجرعة يمكن أن يسبب تحسن حالة مريض، وفي المقابل قد لا يحقق نفس القدر من الفائدة لمريض آخر مصاب بنفس المرض واستعمل نفس الدواء وبنفس الجرعة، بل وقد يصاب هذا المريض بأعراض جانبية جراء استخدامه!
- فما هو السر إذن؟
كلمة السر تقبع في الاستجابة الجينية للدواء.
تتحكم عوامل عدة في اختلاف الاستجابة للدواء من شخص لآخر، منها العمر ونوع الغذاء ونمط الحياة، لكن هناك عوامل أخری لا تقل أهمية تتعلق بالتركيبة الجينية الشخصية والتي يفسرها ما يسمى النيوكليوتيد المفرد متعدد الأشكال SNP ))Single Nucleotide Polymorphism، وهو الأداة الرئيسية التي يقوم عليها تمييز الفروقات الجينية في استجابة الأفراد للدواء.
واستناداً للأبحاث في مجال الصيدلة الجينية، بدأت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA بوضع معلومات دوائية جينية علی مايزيد عن مائتي مستحضر دوائي، مما يساعد الأطباء بشأن تحديد الجرعة وتقدير الآثار الجانبية المحتملة واختلاف الاستجابة الدوائية للأشخاص الذين لديهم متغيرات جينية.
ومن طرائف تطبيقات الصيدلة الجينية، أن ال FDA قد وافقت علی استخدام دواء BiDil وهو مزيج من النترات والهيدرالازين لعلاج المرضى الذين يعانون من قصور القلب الاحتقاني، هذا الدواء أثار جدلاً كبيراً كأول دواء يتم تسويقه لمجموعة عرقية واحدة فقط هم الأميركيون الأفارقة.
المستقبل إلی أين ؟
إن تطبيقات الصيدلة الجينية، وعبر دراسة تأثير الفروقات الجينية بين الأفراد، من شأنها تحقيق فاعلية أكبر للدواء، عبر اختيار الدواء الملائم والأكثر أماناً وبالجرعة المناسبة، وتقليل عدد الأدوية التي يأخذها المريض للحصول علی الفاعلية المطلوبة؛ مما يؤدي إلى تخفيف الآثار الجانبية فضلاً عن انخفاض فترة وتكلفة العلاج.
تتمثل أهمية الصيدلة الجينية بشكل خاص في مجال علاج السرطان، باستخدام اختبارات جينية لتحديد درجة الاستجابة السريرية وخطر السمية قبل تقرير خطة العلاج الكيماوي، مثل: اختبار K-ras مع cituximab واختبار EGFR مع Gefitinib و HER2 مع Trastuzumab
كما تُوصي منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA الأطباء بعمل اختبار جيني لمرضى سرطان القولون قبل إعطائهم عقار (Mercaptopurine)، حيث أن بعض الأشخاص قد يعاني من خلل في عملية استقلاب هذا الدواء داخل الجسم مما يؤدى إلى آثار جانبية حادة .
وفي مجال الأدوية الشائعة كالوارفارين المستخدم لتمييع للدم، أضافت FDA إلی النشرة الدوائية للدواء أن التركيب الجيني للشخص يؤثر في استجابته للدواء. كما يوجد اختبار جيني لدواء كلوبيدوغريل (Clopidogrel) المستخدم كمضاد لالتصاق الصفيحات الدموية ومانع للتخثر. كما تعكف الدراسات في مجال الصيدلة الجينية في سبيل اختيار الدواء المناسب لمرضى الاكتئاب لتسريع الاستجابة الدوائية وتخفيف معاناة المرضى ومنع المضاعفات والآثار الجانبية.
كما أصبح بالإمكان اليوم تطوير علاجات بشكل سريع نسبياً لعلاج مريض واحد مصاب بمرض نادر لاعلاج له ضمن مايعرف بالطب الشخصي، كما حدث مع الطفلة ميلا التي تعاني من مرض “باتن” وهو مرض عصبي نادر، تحسنت حالتها بعد أن تم تطوير دواء خاص لها خلال عام واحد بناء على نتائجها الجينية.
وفي المستقبل المنظور سيعمد الأطباء والصيادلة إلى الاطلاع على نتائج خارطتك الجينية قبل اعطاءك أي وصفة طبية؛ كي يختاروا لك العلاج الأفضل والأكثر أماناً، إنه علم الجينات الذي لا حدود لآفاقه.
المقال الرابع : قراءة التاريخ على أسطر الدنا
مرت البشرية عبر تاريخها الطويل بحقب متنوعة حفلت بالكثير من الروايات التاريخية، وعلى كثرة هذه الروايات وتعدد أطرافها فقد شاب بعضها التضارب واكتنف بعضها الغموض و وقعت فريسة لاختلاف الأهواء والآراء، بل اختلط بعضها بالمبالغات والأساطير.
ومع تطور تقنيات تحليل الدنا DNA والأبحاث الجينية، ظهر علم الآثار الجينومي Genomic Archaeology، ليقدم أدلة علمية تساعد على معرفة أصول الأفراد والعائلات والشعوب، و دراسة حركة تزاوجها واختلاطها وهجرتها في أصقاع الأرض على مر العصور. أما بالنسبة للأصل الجيني والعرق فقد نسفت الأبحاث الجينية أساس العنصرية المبنية على مفهوم العرق النظيف، فكل انسان على سطح الكوكب لديه مزيج جيني من أصول مختلفة تؤرخ لتاريخ من الهجرات والتزاوج.
يمكن باللجوء للتحليل الجيني الدقيق وأدواته تقديم رؤى جديدة للأحداث التاريخية، وتأكيد أو نفي الكثير من الروايات، ولم يعد من باب الخيال العلمي إمكانية الرجوع إلى التاريخ لتدقيقه وتمحيصه، عن طريق فحص عينات الحمض النووي DNA الذي بدأ بسرد التفاصيل الدقيقة عن تاريخ البشرية.
التحاليل الجينية تعيد كتابة التاريخ
في القرن الحادي والعشرين تخرج الأحماض النووية من القبور بعد وفاة أصحابها بآلاف السنين، لتنطق بالحقيقة المدفونة وتكتب التاريخ على حقيقته، أما مقولة أن الحقيقة تدفن مع أصحابها فقد عفا عليها الزمن.
تعتمد التحاليل الجينية على مجموعة من المعطيات، فدراسة الصبغي الجنسي الذكريY الذي يتوارثه الذكور، هو وسيلة مناسبة لتتبع الأنساب الأبوية. أما الحمض النووي الميتوكوندري الذي يرثه البشر الذكور منهم والاناث من أمهاتهم )حواء الميتوكوندرية) فهو الوسيلة الأمثل لتتبع الأنساب الأمومية. بينما الحمض النووي الجسدي Autosomal DNA الذي يحتوي على معظم جيناتنا الوراثية، المسؤولة عن صفاتنا الجسدية والادراكية واصابتنا بالأمراض المختلفة؛ فهو يسهم في دراسة التشابه والاختلاف في الخصائص الجسدية والمعرفية لدى الجماعات البشرية وصلات القرابة بينها. ويلجأ الباحثون إلى دراسة الحمض النووي المستخرج من رفات الموتى والجثث المحنطة باستخدام تقنيات البيولوجيا الجزيئية، وكذلك تحديد عمرها باستخدام تقنية الكربون المشع C14
قصص تاريخية تعيد الجينات كتابتها:
- قصة الأخوين خنوم نخت ونخت عنخ
يعد هذان المومياوان من أقدم وأشهر المومياءات الموجودة في متحف مانشستر، واللذين تم اكتشافهما على يد العالم بتري عام 1907 والذي لطالما أثار جدلاً كبيراً حول أصلهما و درجة قرابتهما، حيث كان يعتقد أنهما أبناء أحد الحكام المحليين.
وفي عام 2015 تمكن علماء مانشستر من تحليل عينات مأخوذة من أسنان المومياوين، وكانت نتائج التحليل الجيني تؤكد أنهما أخوان من أم واحدة حيث يشتركان في دنا المتيوكوندريا، بينما كان الصبغي الذكريY مختلفاً مما يثبت أنهما من أبوين مختلفين.
–توت عنج آمون، الفرعون الصغير
كان للتحليل الجيني الدور البارز في الكشف عن أن مومياء مقبرة 55 في وادي الملوك هي لأخناتون والد توت عنخ امون، وهو صاحب أشهر ديانة توحيدية في التاريخ الفرعوني، فيما كشف تحليل الحمض النووي لتوت عنخ امون أن والدته لم تكن نفرتيتي.
كما كشفت التحاليل الجينية لعائلة توت عنخ امون اصابتها بعدد من التشوهات ناجمة عن عادة زواج الأخوة، ومنها مرض كوهلر الذي يدمر الخلايا العظمية، وان توت عنخ امون كان يعاني من التفاف القدم وهو تشوه يكون فيه كعب القدم وأصابعها معقوفة للداخل. كما تظهر التحاليل وجود جينات طفيلي الملاريا في المومياء؛ مما يرجح أن وفاته المبكرة كانت بسبب مضاعفات مرض الملاريا، وينفي قصة اغتياله التي ظلت سائدة لسنوات طويلة.
–المومياء الصارخة
كشفت دراسة الحمض النووي تفاصيل قصة المومياء الصارخة الشهيرة، والتي لم تكن محنطة على الطريقة الفرعونية، بل ملفوفة في جلد الماعز والذي يعد اهانة وعقاب للمتوفي.
وقد ظلت قصة هذه المومياء مجهولة لفترة طويلة، وهي لشخص شاب مفتوح الفم ويظهر عليه الخوف والرعب. وقد تبين من خلال التحليل الجيني انها لابن رمسيس الثالث”بنتاور” والذي كان قد اشترك في مؤامرة اغتيال أبيه، فيما عرف بمؤامرة الحريم الشهيرة.
آمال وتحديات:
لا يزال علم الآثار الجينومي في بداية الطريق نحو وضع أسس البحث وتطوير أدواته وابتكار منهج علمي دقيق يمكن الاعتماد على موثوقية نتائجه، والتي لا تزال تصطدم بعوائق عديدة منها قلة العينات الصالحة للتحليل وصعوبة الحصول على الحمض النووي من العينات القديمة، اضافة إلى تأثير المناخ خاصة في المناطق الحارة والرطبة. على عكس العينات المأخوذة من المناطق الباردة كسيبيريا، التي حفظت تحت ثلوجها الكثير من الأحماض النووية ذات الجودة العالية.
كما يجب أن توضع معايير معتمدة تلغي تأثير أهواء الباحثين وافتراضاتهم المسبقة وميولهم الدينية والعرقية والتي يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر على تفسير نتائج التحاليل وتعطي معلومات منحرفة عن الواقع.
المقال الخامس : علم التغذية الجيني
الطعام ضرورة من ضروريات حياتنا، فهو الوقود الذي يمدنا بالطاقة والغذاء الذي يجدد خلايانا ويدعم عمل جهازنا المناعي لمقاومة الأمراض؛ ولهذه الأهمية كان لزاماً أن نحيط عاداتنا الغذائية بمعايير تضمن لنا الصحة الجيدة وتحقق لنا أكبر استفادة ممكنة من الغذاء.
علم التغذية الجيني Nutrigenomics أو الجينوم التغذوي nutritional genomics
هو العلم الذي يدرس العلاقة بين التغذية والجينات الوراثية وصحة الانسان. ويهتم بدراسة تأثير الغذاء على الجينات سواء سلباً أو إيجاباً، ومن ناحية أخرى يدرس تأثير الاختلافات الجينية الفردية التي تتدخل في تأثير الأغذية على صحة الانسان.
- هناك مفهومان مختلفان تماماً يقعان في إطار ثالوث العلاقة بين التغذية والجينات والصحة:
١- تأثير التغذية على الجينات الوراثية؛ وبالتالي على صحتنا
٢- تأثير الجينات على التغذية، واختيار نمط التغذية المناسب تبعاً لجيناتنا
أولاً– تأثير التغذية على الجينات: عالج جيناتك بالتغذية
”أنت ما تأكله“ و ”المعدة بيت الداء“ … هذه الحكم الطبية ما زالت صالحة في عصر الثورة الجينية، ويدخل هذا المفهوم ضمن إطار علم الايبي-جينيتيك (علم ما فوق الجينات)، والذي يعنى بتأثير العوامل الخارجية البيئية ونمط الحياة والتغذية على جينات الأمراض المختلفة؛ وبالتالي على صحة الانسان.
يدرس هذا التخصص تفاعل الأغذية التي نتناولها مع الجينات المسببة للأمراض المزمنة، كأمراض القلب والسكري والسمنة المفرطة والأمراض السرطانية، مما يزيد من احتمال الاصابة بهذه الأمراض.
هذه الأمراض و رغم منشأها الوراثي، إلا أنها لا تحدث بسبب طفرة جينية واحدة، بل نتيجة لتفاعل عدة جينات فيما بينها، اضافة لعوامل خارجية كالتغذية ونمط الحياة والبيئة المحيطة.
وفيما يخص التغذية، فهو يدرس التأثير الايجابي أو السلبي للغذاء على الجينات الوراثية، حيث يتفاعل الغذاء مع هذه الجينات مما يزيد أو ينقص من احتمالية الاصابة بالامراض المختلفة. ومن المعروف دور السكر الأبيض والزيوت المكررة والملونات الغذائية وبعض المركبات الكيميائية في التأثير السلبي على الجينات وتفعيل الآليات الامراضية لها.
لقد حمل انطلاق مشروع الجينوم البشري في تسعينيات القرن الماضي الأمل في أن قدرتنا على قراءة كتاب حياتنا الصحية المستقبلية متمثلاً في خريطتنا الجينية؛ يمكننا من القضاء على الكثير من الأمراض بالمعالجة الجينية. ومع اجتياز هذا المشروع وتطور معرفتنا عن الجينات الوراثية، اكتشف الباحثون أن جيناتنا وحدها لا تقرر اصابتنا بالأمراض ذات المنشأ المختلط، كأمراض القلب والسكري والسرطان والاكتئاب والسمنة المفرطة وغيرها. فكل انسان لديه القابلية الوراثية للاصابة بعدد من هذه الأمراض، لكنه اصابته بهذه الامراض ليست حتمية؛ وانما تعتمد على نوع الطعام الذي نتناوله وغيرها من العادات الصحية.
إن تناول بعض الأغذية المسيئة للجينات الوراثية بكميات كبيرة ولمدة طويلة، ونقص بعض العناصر الغذائية الضرورية لتركيب ال DNA خاصة فيتامينات B؛ يمكن أن يسبب تغييرات كيميائية في الجينات الوراثية. فمثلاً: وجود خلل في عملية ميثيلة الحمض النووي (DNA methylation) يعدّل تعبير الجينات عن نفسها (Gene expression)، بدون تعديل سلسلة الحمض النووي التابعة لها. ويسبب هذا الخلل الكثير من الأمراض المزمنة كأمراض القلب والسرطان وأمراض المناعة الذاتية.
ومن الأمثلة عن التفاعل الجيني الغذائي:
١– دور السكر في الاضطرابات الهرمونية
عند تناولنا لحمية غذائية غنية بالسكريات البسيطة، فإن هذه السكريات تتحول إلى دهون زائدة قد تعطل عمل الجين المتحكم في الهرمونات الجنسية؛ مما قد يسبب زيادة في افراز الاستروجين والتستوستيرون؛ فينتج عن ذلك حالات حب الشباب وسرطان الرحم والعقم في السيدات البدينات.
٢– تأثير حمض الفوليك على تركيب الDNA
ينظم جين (MTHFR) عمل انزيم Methylenetetrahydrofolate reductase، الضروري لتحويل حمض الفوليك إلى شكله الفعال ميثيل فولات (5MTHF) الذي يستطيع الجسم الاستفادة منه.
يقوم الميتيل فولات بإعطاء زمرة الميتيل لصنع مركبات مهمة في الخلية عبر عملية الميثيلة methylation، هذه العمليات ضرورية لعملية تركيب ال DNA في الخلية بشكل مناسب.
إن سوء عمل الأنزيم الناجم عن طفرة MTHFR يسبب ارتفاع الهوموسيستئين في الدم؛ وبالتالي زيادة نسبة حدوث أمراض القلب وجلطات الساق والصمامة الرئوية والسكتات الدماغية. اضافة إلى مشاكل الحمل و تشوهات الأجنة والاجهاض المتكرر، والذي يحدث بسبب انسداد أوعية المشيمة بخثرات صغيرة تعيق وصول الدم للجنين. هذا عدا عن المشاكل العصبية والنفسية الناجمة عن السمية العصبية للهوموسيستئين ونقص تشكيل الناقلات العصبية.
إن نسبة هذه الطفرة بين الناس تصل ل ٤٠ بالمئة، وهناك نوعين للطفرة تبعاً لكونها موروثة من أحد الوالدين أي متخالفة الأمشاج (Heterozygous )وهي أخف ضرراً وأقل أعراضاً، والنوع الآخر موروثة من كلا الوالدين أي متماثلة الأمشاج (Homozygous) وهي أكثر ضرراً وقد تسبب مشاكل صحية خطيرة.
ويمكن الوقاية من المشاكل الصحية الناجمة عن هذه الطفرة، بتعويض النقص الحاصل في الفولات الفعال على شكل مركب الميثيل فولات (5MTHF) وليس حمض الفوليك. ونظراً لكون هذه الطفرة مسؤولة عن عدد كبير من الاجهاضات المتكررة؛ تخضع السيدات المصابات بهذه الطفرة للعلاج ب MTHF وتناول غذاء غني بفيتامين B12 وB6 والفولات والزنك والكولين.
ثانياً– تأثير الجينات على التغذية:
إن علم التغذية الشخصية والنظام الغذائي المبني على الجينات الوراثية، والذي يختلف من شخص لآخر تبعاً لاختلافاتنا الجينية، يعد بآمال كبيرة في مجال مكافحة مرض السمنة واختيار نمط التغذية للأشخاص تبعاً لخارطتهم الوراثية.
يدرس هذا التخصص تأثير التركيب الجيني على قدرة الجسم على استقلاب مختلف المواد الغذائية، بشكل يختلف من شخص لآخر. فهو يدرس تأثير اختلاف الجينات الفردي على التفاعل بين الحمية الغذائية والصحة، ويسلط الضوء أكثر على جيناتنا الوراثية ودورها في حياتنا اليومية؛ وأنها ربما صاحبة القرار فيما يتوجب علينا أن نأكله وما ينبغي أن نتجنبه.
وبحسب هذا المفهوم، تؤثر بعض الجينات الوراثية على قابلية امتصاص واستقلاب المواد المختلفة وكذلك نوعية الاستجابة للعناصر الغذائية، وبينما تسبب بعض الأطعمة السمنة لبعض الأشخاص، يمكن أن تكون سبباً في نحافة أشخاص آخرين.
الحمية الجينية (حمية DNA)
اختر غذاءك وفقاً لجيناتك الوراثية: صرعة علمية جديدة ما زالت في طور البحث والتجريب، ولو أنه في المستقبل القريب، سيساعد هذا العلم أخصائيي التغذية في اختيار حمية مناسبة للجينات الوراثية للأشخاص، وبالتالي علاج السمنة والوقاية من الأمراض المزمنة.
تنتشر صرعة الحمية الجينية هذه الأيام بشكل أسرع من تطور الأبحاث في هذا المجال، ويروج لها على مواقع الأنترنت، وأصبحت موضوع الكثير من الدعايات التجارية من قبل من يدعون قدرتهم على تفسير نتائج الخريطة الوراثية لوصف حميات غذائية. و رغم أن التحاليل الجينية الدقيقة أصبحت متوفرة على نطاق واسع، ولكن علاقة بعض الجينات بالسمنة ونوع الأكل المناسب ما زالت في طور البحث العلمي، ولم يتم التوصل إلى نتائج حاسمة حول هذا الموضوع.
إن علاقة السمنة بالجينات تعرضت للجدل العلمي المستمر، نظراً لتعقيد العلاقة بينهما وتعدد العوامل المسببة للسمنة وتأثير الاختلافات الجينية الفردية على الاستفادة من أنواع الأغذية المختلفة.
وفي النهاية نحن نتأثر ونؤثر في جيناتنا طوال مدة حياتنا؛ فجيناتنا الوراثية توجه اختياراتنا الغذائية، وتؤثر في طريقة استقلاب الأغذية المختلفة. ومن ناحية أخرى، فإن عاداتنا الغذائية الصحية يمكن أن تحسن من جيناتنا المريضة، وتكون وقاية من كثير من الأمراض ذات المنشأ الوراثي.
إن موضوع العلاقة بين الغذاء والجينات أمر أكثر تعقيداً من مجرد حمية مناسبة لجيناتنا، إنه تفاعل بين عوامل متعددة: كالبيئة وطبيعة الحياة والتغذية من جهة، والجينات من جهة أخرى. ويمكننا باستخدام هذه المعلومات اتخاذ المسؤولية عن صحتنا وحياتنا الصحية، بتناول الغذاء الغني بالعناصر الغذائية التي تؤثر ايجابياً على جيناتنا، والامتناع عن كل ما من شأنه أن يحفز عمل جينات الأمراض المختلفة.
المقال السادس : العلاج بالخلايا الجذعية بين الوهم والحقيقة
هل ثمة علاج نرمم به أجسادنا المتهالكة، ونعيد لأعضائها الحياة خاصة مع التقدم في العمر؟ هل يمكن تعويض خلايا القلب والكبد والكلية والبنكرياس والدماغ، والسيطرة على قصور هذه الأعضاء وإعادتها إلى سابق عهدها كما في أيام الشباب؟ حلم راود المفكرين وجادت به قرائح الشعراء، ولم يتخيل أحد أن يتحول هذا الحلم يوماً إلى واقع.
لقد نجحت تقنية استخدام الخلايا الجذعية في تحويل الخيال إلی واقع ملموس، و رغم أن استخدامات هذه التقنية ما زالت محدودة، إلا أن الأمل كبير في إمكانية استخدامها على نطاق أوسع في ترميم واستعاضة أعضاء وأنسجة فقدها الانسان بفعل المرض أو التقدم في السن.
تتلخص فكرة العلاج بالخلايا الجذعية، في أن هذه الخلايا بإستطاعتها التحول إلى أيّ نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة؛ وذلك لقدرتها على الإنقسام والتكاثر، لتعطي أنواعًامختلفة من الخلايا المتخصصة (Specialized cells)، كخلايا العضلات والجلد والكبد والخلايا العصبية وغيرها. وهي بذلك يمكن أن تقوم بأعمال الترميم والتعويض عن الأنسجة المتضررة أو المفقودة. ويأمل المتخصصون الاستفادة من هذه الخصائص وتطويعها في علاج الأمراض المختلفة.
أنواع الخلايا الجذعية
١– الخلايا الجذعية الجنينية: لكل خلية من خلايا الجسم وظيفة محددة وذلك بحسب الجهاز أو العضو الذي تنتمي إليه. أما الخلايا الجذعية الجنينية فتتميز أنها ليس متمايزة، وليس لها وظيفة محددة، ويمكن تحويلها لخلايا أي عضو في الجسم؛ وبالتالي استخدامها لترميم واعادة وظائف الأعضاء المصابة كالقلب والبنكرياس والكبد. ويمكن الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من المشيمة والحبل السري والسائل الأمنيوسي، ومن الأجنة المتبقية من عمليات أطفال الأنابيب.
٢ – الخلايا الجذعية البالغة: تحتوي أعضاء جسم الانسان البالغ على خلايا جذعية يمكنه استخدامها لتجديد خلايا الجسم عند الحاجة، وهي عبارة عن خلايا جسمية أكثر تمايزاً من الخلايا الجنينية متخصصة بكل عضو. تساعد الخلايا الجذعية البالغة على إعادة تجديد الخلايا المستمر خلال الحياة، وتوجد خاصة في نقي العظام وخلايا الأمعاء، كما توجد في الجلد والكبد والعضلات. وهي التي تساعد على تجديد خلايا الدم وشفاء الجروح، وترميم الأعضاء خلال حياة الإنسان والوقاية من الشيخوخة المبكرة. و رغم وجودها إلا أنه ليس من السهل العثور عليها، ويمكن أن تبقى بصورة كامنة في الجسم لمدة طويلة.
والفرق الرئيسي بين الخلايا الجنينية والبالغة يكمن في قدرة الخلايا الجذعية الجنينية على التخصص والإنقسام المستمر بفعل أنزيم التيلوميراز، بينما الخلايا الجذعية البالغة تنتج هذا الأنزيم بكميات قليلة وعلى فترات متباعدة لذا فهي محدودة العمر. إضافة إلى أن الخلايا الجنينية يمكن استخدامها لترميم أي عضو بالجسم، بينما الخلايا البالغة أكثر تخصصاً. فالخلايا الجذعية في نقي العظم، تنتج خلايا الدم من الكريات البيض والحمر والصفيحات الدموية، ولكنها لا يمكنها انتاج خلايا الكبد والجلد والعضلات.
٣– الخلايا الجذعية الجنينية المبرمجة بتقنية الأي.بي.اس ? iPSCs) إن استخدام تقنية التمايز العكسيRetrodifferentiation يشكل قفزة علمية هائلة في مجال زراعة الخلايا الجذعية، يمكن من خلالها العودة بالخلايا المتمايزة البالغة إلی أصولها كخلايا جذعية. حيث يمكن استخدام خلايا المريض نفسه واعادة استنساخها وتحويلها إلى حالتها الجنينية. هذه الطريقة تعد بالكثير، خاصة أنها تستخدم خلايا الشخص نفسه؛ وبالتالي يمكنها تجاوز القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام الأجنة البشرية، اضافة الى تجاوز مشكلة الرفض المناعي كونها من خلايا المريض ذاته.
ما هي أنواع العلاجات بالخلايا الجذعية المتاحة حالياً؟
يوجد حالياً عدد قليل من علاجات زرع الخلايا الجذعية التي أثبتت فاعلية وأماناً، وأفضل مثال على ذلك هو زرع نخاع العظم لعلاج أورام الدم، وما زالت الأبحاث تجري على قدم وساق للبحث عن علاجات واستخدامات أخرى.
ويتوقع العلماء أن تشهد السنوات القادمة مزيداً من التقدم في هذا المجال، خاصة في علاج أمراض مستعصية كمرض السكري من النمط الأول، حيث تعمل الدراسات على إيجاد طريقة لتعويض خلايا بيتا التي تفرز الأنسولين في البنكرياس، والتي تعرضت للتلف نتيجة آلية مناعية ذاتية. كما أن أبحاث تجرى لإيجاد علاج لمرض التصلب المتعدد و داء باركنسون ومرض الضمور البقعي للعين.
في المقابل، يساء استخدام تقنية زرع الخلايا الجذعية لأغراض تجارية، حيث تستخدم طرق غير معتمدة علمياً في مجالات مختلفة مثل بعض الإجراءات التجميلية، ويجب توخي الحذر وعدم الانجراف وراء هذه الاعلانات البراقة واستخدام علاجات تفتقد للفعالية والأمان يمكن أن يكون لها نتائج كارثية في بعض الأحيان.
المقال السابع : التحاليل الجينية الطبية إلى أين؟
يهتم علم الجينات الطبي بتشخيص الأمراض الوراثية والوقاية من ظهورها أو تطورها، وذلك بالكشف المبكر عن الأمراض قبل الإلقاح أو أثناء الحمل أو بعد الولادة مباشرة، أو كشفها بشكل متأخر في مراحل لاحقة في الحياة.
تصنف التحاليل الجينية كأحد فروع التحاليل الطبية الحديثة التي يتم إجراؤها للكشف عن المشاكل الصحية ذات المنشأ الوراثي، ويمكن تحليل تركيب الكروموسومات (الصبغيات) أو فحص الجينات لكشف الطفرات الوراثية أو بالفحص الكيميائي الجزيئي للبروتينات . كما يمكن أن يجرى تحليل تسلسل الجينوم بما يعرف بالشيفرة الوراثية في بعض المخابر المرجعية المتخصصة.
تاريخ التحاليل الجينية الطبية
مرّ تطور التشخيص الجيني بمراحل عديدة، كانت بدايتها في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث بدأ بعدّ الكروموسومات والتي يبلغ عددها الطبيعي ٤٦ كروموسوم في الخلية الحية. إن وجود خلل في عدد الكروموسومات يسبب العديد من الأمراض مثل مرض تثلث الصبغي (متلازمة داون) أو مرض تورنر ( monosomy X= Turner syndrome) وغيرها.
وفي السبعينيات تطورت وسائل دراسة الكروموسومات الوراثية ودراسة بنيتها، وتشخيص الاضطرابات الوراثية الناجمة عنها.
ثم اتسع نطاق الاختبارات الجينية على مر السنين، فبالإضافة لتحليل الكروموسومات بشكل كامل (cytogenetics)، فإن التحليل الجيني المعتمد على الدراسة الدقيقة للجينات بدأ بالتوسع. وظهر تخصص علم الجينات الجزيئي والجينومي، الذي يدرس التغيرات الدقيقة على مستوى الجينات كل على حدة، وعلى مستوى أجزاء من الجين، وحتى على مستوى النوكليوتيدات المفردة أو تسلسل الدنا. ومع الوقت تفرع عن علم الوراثة عدد من التخصصات أهمها:
١-تحليل الكروموسومات للكشف عن الأمراض التي يسببها نقص أو زيادة أو تشوه في أحد الكروموسومات الوراثية. أو علم (cytogenetics)
٢-تحليل الوراثيات الكيميائية الحيوية عبر دراسة نشاط البروتينات وأعدادها للكشف عن أي تغييرات في المادة الوراثية.
٣-تحليل الوراثة الجزيئية للكشف عن الطفرات الجينية المسببة للأمراض المختلفة.
الفرق بين التشوهات الكروموسومية (الصبغية) والطفرات الجينية
هناك ما يقرب من ٧٠ ألف جين موزعين على ٤٦ من الكروموزومات الوراثية الموجودة في كل خلية من خلايا الجسم، فكل كروموسوم يحتوي على آلاف الجينات الوراثية.
يمكن للانسان أن يمتلك كروموسومات طبيعية من حيث العدد والتركيب، ولكن يشكو من مرض سببه طفرة واحدة أو مجموعة من الطفرات في جين من الجينات المحمولة على أحد هذه الكروموسومات.
إن وجود عيب أو طفرة جينية وحيدة لا تسبب عادة تغيراً في عدد أو بنية الكروموسومات الوراثية، ومن جهة أخرى يمكن للشخص أن يمتلك جينات سليمة ولكن وبسبب خلل بالكروموسومات يمتلك نسخ اضافية من هذه الجينات مما يمنعها من العمل بشكل طبيعي.
تقنيات المخبر الوراثي
يتم الكشف عن الاضطرابات الكروموسومية باستخدام تقنيات علم الوراثة الخلوية (cytogenetics)، والتي تتضمَّن تقنيات مثل التحليل الكروموسومي (karyotyping )والتهجين الموضعي المتألق (FISH)
أما كشف الطفرات الوراثية فيتم باستخدام تقنيات البيولوجيا الجزيئية كتفاعل البوليميراز المتسلسل PCR، وهي طريقة تتضمن الحصول على العديد من النسخ لجزء محدد من المادة الوراثية. وتقنيات تسلسل الحمض النووي وتحديد ترتيب النوكليوتيدات على مبدأ التسلسل الفردي أو تسلسل الجينوم الكامل.
أهمية التحاليل الجينية:
تكتسب التحاليل الجينية أهميتها في تشخيص الأمراض الوراثية وتأكيدها، والكشف المبكر عن الأمراض قبل ظهور أعراضها السريرية، وذلك للحيلولة دون ظهورها أو تفاقمها.
ومن برامج الكشف المبكر:
١–فحوص ما قبل الزواج:
وذلك للحيلولة دون ولادة أجنة مصابين بعيوب خلقية. وتشمل فحوصات ما قبل الزواج في منطقتنا العربية أمراض الثلاسيميا وفقر الدم المنجلي المنتشرة بشكل كبير في مجتمعاتنا خاصة نتيجة عادة زواج الأقارب.
وتجرى استشارة للأشخاص المقبلين على الزواج الحاملين للطفرات الوراثية لمناقشة احتمالية اصابة المواليد بالمرض و دراسة مسألة التخلي عن فكرة الزواج أو الزواج مع منع الحمل.
٢– الفحص الجيني قبل الولادة :
يستخدم هذا الفحص عند وجود عوامل خطورة عالية للاصابة بالتشوهات الخلقية أو الأمراض الوراثية بسبب قصة عائلية أو تقدم عمر الوالدين، وذلك لمعرفة التغيرات الجينية قبل الولادة. وتساعد نتائج هذا الفحص في اتخاذ قرار الاجهاض من عدمه.
ويمكن أن يتم الفحص باجراء بزل للسائل الأمنيوسي اعتباراً من الأسبوع ال١٧ للحمل أو عبر فحص الزغابات المشيمية والتي تحمل نفس جينات الجنين والتي يمكن فحصها في الاسبوع (١٠-١٣) من الحمل أو بأخذ عينة من دم الحبل السري. ويجري الكشف عن متلازمة داون ومتلازمة تثلث الصبغي 18 المسببين للتشوهات الخلقية.
٣– فحص المواليد الجدد:
يجري فحص المواليد في الدول الصناعية بشكل اجباري، لكشف بعض الاضطرابات الجينية والاستقلابية التي يمكن تفادي نتائجها الضارة باتباع الاجراءات الوقائية والعلاجية المناسبة.
ومن أمثلتها الكشف عن مرض بيلة الفينيل كيتون وبالتالي اعتماد علاج يعتمد على حمية غذائية خاصة للحد من أعراض المرض والوقاية من حدوث التخلف العقلي، وكذلك الكشف المبكر عن قصور الدرق الخلقي المسبب أيضاً لبطء في التطور الروحي والعقلي عند الأطفال، والذي يمكن معالجته بتعويض الهرمونات في حال التشخيص المبكر. كما يجرى الكشف عن أمراض جينية أخرى كمرض بيلة الهوموسيستئين ومرض التليف الكيسي وغيرها، حيث يمكن البدء برعاية المريض وعلاجه فورًا واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع تفاقم الحالة المرضية.
٤– التشخيص الاستباقي:
يمكن استخدام الاختبارات الجينية لتحديد احتمالية الإصابة بأنواع معينة من سرطان القولون والمستقيم أو سرطان الثدي ذات المنشأ الجيني. اضافة إلى الاختبارات الجينية لتأكيد التشخيص بالإصابة بالتليف الكيسي أو داء هنتنغتون والطفرات المسببة للخثرات الوريدية العميقة كطفرة لايدن وMTHFR وغيرها.
عقبات وتحديات:
و رغم أن التحاليل الجينية لكشف الطفرات الوراثية المختلفة تعطي معلومات مهمة للتشخيص والمعالجة والوقاية من مختلف الأمراض، لكن تفسير نتائج هذه التحاليل يصطدم بعقبات متعددة، فالشخص السليم يمكن أن يحمل جينات مرضية قد لا تصيبه بالمرض؛ فوجود جين سرطان الثدي (BRCA1 أو BRCA2) يعني زيادة خطر الإصابة، ولكن الاصابة بالمرض ليست حتمية عند حاملات الطفرة، ومن جهة أخرى فإن أغلب المصابات بسرطان الثدي لا يحملن مثل هذه الطفرة. بينما داء هنتنغتون المسبب لضمور الخلايا الدماغية هو من الاضطرابات الصبغية الجسدية السائدة، مما يعني أن الإصابة بهذا المرض تحتاج إلى نسخة واحدة فقط من الجين المصاب، فإذا تزوج شخصان حاملان للمرض فإن نسبة إصابة الأطفال تكون خمسين بالمئة.
ومن جهة أخرى فإن كون نتائج التحليل الجيني سلبية لا ينفي وجود طفرة في أحد الجينات الغير معروفة؛ لذا فإن الاستشارة الجينية ضرورية لتقييم أهمية النتائج والخطوات التي يمكن اتباعها للوقاية ومناقشة الحلول من قبل أخصائي في الجينات.
نظرة للمستقبل:
يشهد الطب ثورة معلوماتية جينية، وأصبح علم الأمراض اليوم يستند على أسس جديدة في التشخيص والمقاربة والعلاج، وباتت التحاليل والعلاجات المعتمدة على هذه المعلومات متوفرة وتزداد عدداً وانتشاراً بسرعة قياسية، تنبأ بتقدم مستمر و تتنبأ بمستقبل مذهل للبشرية.
ومع التقدم السريع في علم الجينات منذ اكتشاف تركيب جزيء الدنا، أصبح بإمكاننا عبر تحليل الجينوم البشري للأفراد الحصول على كل المعلومات الجينية الصحية وقابلية الإصابة بالأمراض المختلفة، وسيغدو هذا التحليل قريباً اجراءاً روتينياً يجرى لكل طفل حال ولادته كما هي زمرة الدم.
وسيفتح المستقبل المجال واسعاً أمام علاج الأمراض المختلفة ذات الأساس الجيني بتعديل واصلاح الطفرات الجينية بشكل جذري. ويبدو أن الباب سيكون مفتوحاً لتطورات كبيرة في مجال تخطيط الإنجاب واختيار جنس الجنين واستبعاد جينات الأمراض واختيار جينات العمر الطويل والذكاء وغيرها.
اضافة إلى تطور علم الصيدلة الجيني واستخدام المعلومات الجينية للأشخاص لاختيار الدواء الأفضل لهم، من حيث الفعالية العلاجية وللوقاية من آثاره الجانبية. وسيعمد الصيادلة للاطلاع على تحليل الخارطة الجينية قبل صرف أي وصفة طبية.
ويدخل الطب الوقائي عصراً جديداً يعتمد على المعلومات الجينية وعلم مافوق الجينات، لفهم استعداداتنا الوراثية ومساعدتنا في تقديم المعالجة الوقائية لجيناتنا قبل فوات الأوان، ويسهم في تقدم طب مكافحة الشيخوخة وإطالة عمر الصحة وتحسين جودة الحياة.
ومن ناحية أخرى فإن طرق المعالجة الجينية واستخدام التعديل الجيني وما يتفرع عنه بحاجة لقوانين أخلاقية صارمة تمنع عبث العابثين بالجينات البشرية، وتمنع الجوانب السلبية وسوء استخدام هذا العلم. كما يطرح مواضيع مثل ديمقراطية العلاج وعدالة الحصول على العناية الصحية المكلفة مادياً في عالم معلوماتي مفتوح، هذا عدا عن القلق من آثار المعلومات الصحية الجينية في التسبب بالتمييز بين الأفراد في الحصول على الوظائف والفرص وغيرها.
خاتمة:
الحمد لله الذي وفقنا في تقديم هذا الكتاب، الذي نرجو أن يكون إضافة للمكتبة العربية. وها هي ذي القطرات الأخيرة من مشوار كتابنا.. وهاهي جولتنا مع القارئ تشرف على النهاية.
لقد تجشمنا العناء والجهد في البحث والتمحيص لإيصال المعلومة الصحيحة بسهولة ويسر، فنرجو أن تكون هذه القراءة شيقة وممتعة وأن تحقق للقارئ المعرفة المنشودة.
لا ندعي الكمال فإن الكمال لله وحده، وما قدمناه هو مجرد قطرة في بحر المعرفة الجينية عساها تطفئ بعض العطش المعرفي لقراءة المواضيع العلمية بلغة عربية مفهومة.
انتهت رحلتنا بين دروب علم الجينات الشيق الذي لا تنتهي إضافاته لكل جوانب حياتنا.
التعريف بالكتّاب
د. منى كيال:
- طبيبة سورية، كاتبة وباحثة
- شهادة دكتور في الطب البشري – كلية الطب – جامعة تشرين ١٩٩٤
- دراسات عليا – طبيبة أخصائية في التشخيص المخبري- دمشق ١٩٩٩
- دراسات عليا- طبيبة أخصائية في الأحياء الدقيقة- جامعة تشارلز- براغ ٢٠١٩
- أبحاث علمية في تطبيق معايير جودة جمع عينات زروعات الدم ٢٠١٧-٢٠١٩
- استشارية في العلاج بالصادات الحيوية ٢٠١٩
- أخصائية في مخابر المشفى الوطني في اللاذقية بين ٢٠٠٠-٢٠١٢
- أخصائية في مخبر الكيال للتحاليل الطبية ٢٠٠٤-٢٠١٢
- استشارات مخبرية وغذائية في RMA Centrum- براغ منذ ٢٠١٣
- طبيبة في مخبر الأحياء الدقيقة الطبي في مشفى FNKV الجامعي – براغ ٢٠١٤- ٢٠١٧
- طبيبة في مركز علم الأحياء الدقيقة الطبي في مشفى MOTOL وكلية الطب، جامعة تشارلز منذ ٢٠١٧
- عضو هيئة مخابر التحاليل الطبية في سورية
- عضو مجتمع علم الأحياء الدقيقة الطبي والعلاج بالصادات الحيوية – الجمهورية التشيكية
- محاضر في مؤتمرات مجمع علم الأحياء الدقيقة السريري ČLS JEP- براغ
- محاضر في مؤتمرات هيئة الاستعمال الأمثل للصادات الحيوية – الجمهورية التشيكية
- شهادة التعليم الطبي المستمر، وزارة الصحة – الجمهورية التشيكية
- برامج جودة GCP R2 للأبحاث السريرية من IQVIA
- شهادة E6 من Syneos لسلامة الأبحاث السريرية
- باحثة في مجال الهوموسيستئين والمايكروبيوم
- دبلوم في التغذية العلاجية
- كورسات ودورات تدريبية ومؤتمرات التشخيص المخبري والتحاليل المخبرية والكيمياء الحيوية السريرية
- كورسات و دورات تدريبية ومؤتمرات علم الجراثيم الطبي والمايكروبيوم
- كورسات و دورات تدريبية في العلاج بالصادات الحيوية
- كورسات ودورات تدريبية في مجال التغذية العلاجية وأبحاث المايكروبيوم
- كاتبة وباحثة في الشأن الصحي وعلوم الطب والمختبرات، أكتب في العديد من الصحف والمجلات والبوابات الالكترونية العربية.
د.محمد فتحي عبد العال:
- كاتب وباحث مصري
- بكالوريوس صيدلة -جامعة الزقازيق2004
- دبلوم الدراسات العليا في الميكروبيولوجي التطبيقية- جامعة الزقازيق2006
- ماجستير في الكيمياء الحيوية- جامعة الزقازيق2014
- دبلوم إدارة الجودة الشاملة – أكاديمية السادات للعلوم الإدارية 2015
- دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الاسلامية – المعهد العالي للدراسات الإسلامية 2016
- شهادة معهد إعداد الدعاة-المركز الثقافي الإسلامي- وزارة الأوقاف 2017
- شهادة البرنامج التدريبي لأكاديمية زاد الإسلامية (أون لاين 2019)
- العديد من الكورسات والدورات التدريبية في مجال الأحصاء من أكاديمية سايلور(أون لاين2019 ) ومن كلية العلوم جامعة الزقازيق والمعلوماتية الحيوية من جامعة بكين (كورسيرا أون لاين 2019)
- العديد من الكورسات والدورات التدريبية في مجال الجودة الطبية منها شهادة تخصص سلامة المرضى من جامعة جون هوبكينز (كورسيرا أون لاين2018) ومن جامعة ستانفورد أون لاين 2019 وشهادة تخصص في تطوير الأداء ستة سيجما الحزام الاخضر جامعة جورجيا (كورسيرا أون لاين 2018)
- العديد من الدورات في مجال الأدارة ومنها الدورة التأسيسية لاعداد القيادات التنفيذية والإدارية والنقابية –وزارة الشباب بالتعاون مع لجنة التعليم بنادي الصيادلة ونقابة صيادلة الشرقية 2015
- دورات في تدريب المدربين من مركز سيسكو 2017 ومن مركز التنمية الثقافية والتكنولوجية بمحافظة الشرقية 2017 وTeamSTEPPS Master Trainer 2018
- عضو باللجنة التدريبية بمجلس الإعتماد الدولي للدراسات والأبحاث الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية
- الدكتوراه الفخرية من أكاديمية السلام بألمانيا 2018
- تكريم كصيدلي مثالي من نقابة صيادلة الشرقية ودرع نقابة صيادلة الشرقية2015
- تكريم كصيدلي متميز من نقابة صيادلة الشرقية والهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية ودرع نقابة صيادلة مصر 2016
- تكريم كصيدلي مثالي من الهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية 2016
- شهادة شكر وتقدير من مجلة مبدعون ووكالة مرآة الحياة العراقية 2018 و من المركز العراقي للادباء والفنانين الشباب وجريدة طريق القوم بالعراق 2019 ومن صحيفة صدي المستقبل بليبيا
- شهادة تقديرية من مبادرة الباحثون العراقيون 2018
- درع الإبداع والتميز وشهادة تقدير من مجلة امارجي الادبية العراقية 2018
- صيدلي ورئيس قسم الجودة ومدير المكتب الفني بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية سابقا
- صيدلي بمستشفي المواساة الدمام-الجبيل الصناعية سابقا
- مدير الصيدلية الداخلية ومسؤول سلامة المرضى وإدارة المخاطر ومؤشرات الأداء بمستشفي الفلاح الدولي بالرياض سابقا
- مستشار طبي بشركتيCAT و 237 COMMUNICATIONS JLT بمصر والسعودية والامارات سابقا
- كاتب وباحث ثقافي بالعديد من الصحف العربية والبوابات الالكتروبية في مجالات الطب والعلوم والتاريخ والحضارات الانسانية والدراسات الدينية ومن الصحف الورقية التي أنشر بها مقسمة حسب بلدانها :
- الجزائر : صحيفة صوت الأحرار الجزائرية (صفحة اسبوعية ثابتة تحت عنوان مساحة رأي)
صحيفة الحوار الجزائرية- صحيفة الجديد الجزائرية-صحيفة الجمهورية الجزائرية – صحيفة كواليس الجزائرية.
- مصر: صحيفة الأهرام –صحيفة العروبة-صحيفة الزمان-صحيفة أخبار الأدب-صحيفة الرأي
- العراق: صحيفة الزوراء العراقية -مجلة أمارجي الأدبية العراقية- صحيفة النهار العراقية-صحيفة البينة العراقية الجديدة–صحيفة جدار العراقية- صحيفة الكلمة الحرة العراقية –صحيفة ثقافية كل الاخبار العراقية –مجلة مبدعون العراقية –صحيفة سيروان الكردية .
- السودان :صحيفة أخر لحظة السودانية.
- ليبيا:صحيفة صدي المستقبل الليبية – صحيفة فسانيا الليبية.
- حول العالم:صحيفة صوت بلادي بالولايات المتحدة الأمريكية (مقال طبي شهري)- صحيفة أيام كندية (مقال ثقافي شهري).
- البوابات الإلكترونية مثل : الجمهورية أون لاين- موقع الدستور الإلكتروني (امان) – موقع هافينغتون بوست الامريكي -عربي بوست-ساسة بوست -بوابتي تونس-راديو صوت بيروت الدولي -راديو صوت القلم الجزائري -فينيق-بقجة –صحيفة المثقف الإلكترونية-فوكس نيوز مصر -الراكوبة -سودانيز أون لاين–صحيفة الفكر الكردية الإلكترونية-صحيفة الحدث الإلكترونية من لندن –صحيفة الفيصل من باريس-صحيفة المنار العراقية الإلكترونية-بوابة الحضارات التابعة لمؤسسة الأهرام .
قائمة مراجع الكتاب
المراجع العربية
1-كتاب الشفرة الوراثية للانسان تأليف دانييل كيفلس وليروي هود ترجمة د.أحمد مستجير
2- كتاب في بحور العلم د.احمد مستجير
3-كتاب تأملات بين العلم والدين والحضارة د.محمد فتحي عبد العال
4-كتاب الجينات وبيولوجيا الأمراض الوراثية د.منير الجنزوري
5-الخلايا الجذعية جوناثان سلاك
المراجع الأجنبية:
قراءة في كتابنا الجيني
- Weinhold B (2006), Environ Health Perspect. Epigenetics: The Science of Change, 2006 Mar; 114(3): A160–A167
- DupontC, Ph.D. (2009) Seminars in reproductive medicine,,Epigenetics: Definition, Mechanisms and Clinical Perspective, 2009 Sep; 27(5): 351–357.
- Alejandro J (2011) Epigenomics , Epigenetics and lifestyle,. 2011 Jun; 3(3): 267–277.
- Seveneves by Neal Stephenson (2015)
العلاج بالجينات
- Misra S. J Assoc Physicians India. 2013. Human gene therapy: a brief overview of the genetic revolution. Feb;61(2):127-33.
- Keeler AM. (2017), JulClin Transl Sci.Gene Therapy 2017: Progress and Future Directions.;10(4):242-248. doi: 10.1111/cts.12466. Epub 2017 May 23.
- Rangel Gonçalves (2017). Gene therapy: advances, challenges and perspectives, Einstein (Sao Paulo). 2017 Jul-Sep; 15(3): 369–375.
- Shahryari A, Frontiers in genetics. 2019; 10: 868.Development and Clinical Translation of Approved Gene Therapy Products for Genetic Disorders.
- Help Me Understand Genetics – Genetics Home Reference – NIH, Published: November 26, 2019.
دواؤك وفق خارطتك الجينية:
- Wang JF (2008), Curr Top Med Chem. Pharmacogenomics and personalized use of drugs.2008;8(18):1573-9.
- Aneesh T P (2009), J Clin Med Res.Pharmacogenomics: The Right Drug to the Right Person, 2009 Oct; 1(4): 191–194.
- Diamandis M (2010),Mol Cancer Res. Personalized medicine: marking a new epoch in cancer patient management.2010 Sep;8(9):1175-87.
- Mathur S (2017), Biomedical reports. Personalized medicine could transform healthcare, 2017 Jul; 7(1): 3–5.
- What are the next steps in genomic research? – Genetics Home Reference – NIH, Nov 2019.
قراءة التاريخ على أسطر الدنا
- Hawass Z, PhD (2010), Ancestry and pathology in King Tutankhamun’s family.2010 Feb 17;303(7):638-47.
- Timmann C (2010), Trop Med Int Health.Malaria, mummies, mutations: Tutankhamun’s archaeological autopsy.2010 Nov;15(11):1278-80.
- Stefanie Eisenmann (2018),Sci Rep. Reconciling material cultures in archaeology with genetic data: The nomenclature of clusters emerging from archaeogenomic analysis, 2018; 8: 13003.
علم التغذية الجيني:
- Mead M.N. (2007), Environ Health Perspect. Nutrigenomics: The Genome–Food Interface. 2007 Dec; 115(12): A582–A589.
- N (2014), J Nutr Metab. Nutrigenomics: Definitions and Advances of This New Science. 2014 Mar 25
- Mathers JC (2016), Proc Nutr Soc. Nutrigenomics in the modern era. 2017 Aug;76(3):265-275.
- Ordovas (2018), BMJ. Personalised nutrition and health. 2018 Jun 13;361.
- Drabsch (2019), Nutrients. A Scientific Perspective of Personalised Gene-Based Dietary Recommendations for Weight Management. 2019 Mar; 11(3): 617
العلاج بالخلايا الجذعية بين الوهم والحقيقة
- Tandis Vazin (2010),Restor Neurol Neurosci. Human embryonic stem cells: Derivation, culture, and differentiation: A review, 2010 Jan 1; 28(4): 589–603.
- Vimal K. Singh (2015), Front Cell Dev Biol.Induced pluripotent stem cells: applications in regenerative medicine, disease modeling, and drug discovery, 2015 Feb 2;3:2.
- Méndez-Ferrer S(2015), Ann N Y Acad Sci. Bone marrow stem cells: current and emerging concepts.2015 Jan;1335:32-44.
- Kenyon S. Tweedell (2017), J Stem Cells Regen Med.The Adaptability of Somatic Stem Cells: A Review, 2017; 13(1): 3–13.
- Omole AE (2018), Ten years of progress and promise of induced pluripotent stem cells: historical origins, characteristics, mechanisms, limitations, and potential applications, 2018 May 11;6
التحاليل الجينية الطبية إلى أين؟
- Valentin M (2009), Prenat Diagn. Fluorescence in situ hybridization in prenatal screening: lessons from an inherited chromosome 18 marker. 2009 Dec;29(12):1177-9.
- Wieacker P, Dtsch Arztebl Int. (2010). The prenatal diagnosis of genetic diseases, 2010 Dec;107(48):857-62.
- Durmaz AA (2015), Biomed Res Int. Evolution of genetic techniques: past, present, and beyond, 2015 Mar 22.
- Gayon J, C R Biol (2016), From Mendel to epigenetics: History of genetics. 2016 Jul-Aug;339(7-8):225-30.
- Stoler JM (2017), Pediatr Ann. Prenatal and Postnatal Genetic Testing: Why, How, and When? 2017 Nov 1;46(11):e423-e427.